السؤال : في وقت الأضحية يكثر اللحم , حتى نرى فساده في بعض البلدان ؛ فهل يترك أحدنا الأضحية , ويتصدق بثمنها على المحتاجين , أم لا ؟
الجواب : التضحية وإراقة الدم أفضل من الصدقة بثمن الأضحية , قال تعالى : ] لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ [ ولأنها نسك هذه الأمة , قال تعالى : ] لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً هُمْ نَاسِكُوهُ [ ولأن ذلك سنة رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وعمل المسلمين من بعده , وقد سئل مالك عن ذلك ، فقال : ” لا أحب لمن كان يقدر على أن يضحي أن يترك ذلك ” اهـ من ” المدونة ” (2/3) وبنحوه قال النووي في ” المجموع ” (8/ 425) فقال : ” مذهبنا أن الأضحية أفضل من صدقة التطوع ؛ للأحاديث الصحيحة المشهورة في فضل الأضحية ,
ولأنها مختلف في وجوبها , بخلاف صدقة التطوع , ولأن التضحية شعار ظاهر , وممن قال بهذا من السلف : ربيعة شيخ مالك , وأبو الزناد , وأبو حنيفة ” . اهـ .
وذكر المقدسي في ” المغني ” (11/95) أن أحمد نص على هذا , ونقل عن الشعبي وأبي ثور وغيرهما أن الصدقة أحب من الأضحية , ثم قال : ” ولنا أن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ضحى , والخلفاء بعده , ولو علموا أن الصدقة أفضل , لعدلوا إليها , …” قال : ” ولأن إيثار الصدقة على الأضحية يفضي إلى ترك سنة سنها رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – …” اهـ .
وقال ابن القيم – رحمه الله – كما في ” تحفة المودود ” (ص55- 56) وفي طبعة أخرى (ص82) : ” الذبح في موضعه أفضل من الصدقة بثمنه , ولو زاد , كالهدايا والضحايا , فإن نفس الذبح , وإراقة الدم مقصود… اهـ .
وذكر شيخنا محمد بن صالح العثيمين -حفظه الله- كما في ” الشرح الممتع ” (7/521-522) أن المسلمين إن اضطروا للصدقة ؛ فالصدقة في هذه الحالة أولى , وقد يعرض للمفضول ما يجعله فاضلا ” اهـ . وهذا هو الصواب , أي لا يعدل عن الأضحية إلى الصدقة بثمنها , إلا عند اضطرار المسلمين للصدقة , والله أعلم .