تصحيح المفاهيم

من وافق أهل البدع في مسألة فهل يُلحق بهم؟

[من وافق أهل البدع في مسألة فهل يُلحق بهم؟]

العالم إذا كانت أصوله وقواعده سُنّية، وكان مناظرًا مدافعًا عن منهج أهل السنة، والتحذير من سُبُل أهل البدع، وزلَّتْ قدمه، فوافق أهل البدع في بعض كلامهم – الذي هو غير قطعي الضلال والبطلان – أو كان من كلامه ما يشبه كلامهم، أو يلزم منه القول بقولهم؛ فأهل السنة لا يتعجلون في ذمّه وإهداره، وربما اكتفوا ببيان خطئه وإنكاره؛ لأننا لو بدّعناه بذلك؛ فما يكاد يسلم لنا إلا القليل من علماء السنة، وقد قال الذهبي – رحمه الله -: “وَلَوْ أَنَّا كلَّمَا أَخْطَأَ إِمَامٌ فِي اجْتِهَادِهِ فِي آحَادِ المَسَائِلِ خَطَأً مَغْفُوراً لَهُ، قُمْنَا عَلَيْهِ، وَبدَّعْنَاهُ، وَهَجَرْنَاهُ، لَمَا سَلِمَ مَعَنَا لاَ ابنُ نَصْرٍ – يعني محمد بن نصر المروزي – وَلاَ ابْنُ مَنْدَةَ، وَلاَ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُمَا، وَاللهُ هُوَ هَادِي الخَلْقِ إِلَى الحَقِّ، وَهُوَ أَرحمُ الرَّاحمِينَ، فَنَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الهوَى وَالفظَاظَةِ“.

فكم من رجل مشهور بالانتصار للسنة؛ وأخطأ في موضع أو مواضع في مسائل العقيدة؛ فابن خزيمة، إمام الأئمة، زلَّ في الكلام عن مسألة صورة الرحمن، فوافق الجهمية، وقتادة له قول يشبه قول القدرية، والأعمش تأثر بشيعة الكوفة، وابن مندة له كلام غير مقبول في كون الإيمان مخلوقًا، وأبو حاتم الرازي له كلام أنكره بعض الأئمة، والبيهقي له كلام في التمشعر، وكذا النووي، والذهبي له كلام في التصوف، فقد قال في قبر معروف الكرخي “هو الترَّياق المُجَرب” والحافظ ابن حجر، له كلام في التمشعر وغيره، وفي المعاصرين نحو ذلك، فأين الذين همّهم إسقاط حملة الرايات، والذابين عن حياض السنة بمجرد – ما يزعمونه أنه خطأ، وقد لا يكون كذلك -؟

والعالم قد يتوب من مقالة بدعية، ومع ذلك تبقى عنده رواسب تكثر أو تقل من مذهبه الذي رجع عنه، فأبو الحسن الأشعري مرَّ بعدة أطوار، الأول الاعتزال، والثاني قول الكُلَّابية، وفي الطور الثالث أعلن أنه على مذهب أحمد بن حنبل – رحمه الله – وقَبِل ذلك منه علماء السنة، ومدحوه على ذلك، ومع ذلك فقد كانت له تقريرات وحجج هي من جنس حجج المعتزلة، أصحابه الأوائل، وأهل السنة ردّوا عليه ذلك، كما ذكره شيخ الإسلام “درء تعارض العقل والنقل” دون أن يلحقوه بالمعتزلة، أصحابه الأوائل، بعدما أعلن البراءة منهم، ورفع رأسه بالدفاع عن السنة، وقرر أصول أهل السنة في بعض مؤلفاته، كالإبانة، فأين من يدّعي أنه على المنهج السلفي، وهو لا يُبقي ولا يذر، ولا يدّخر وَسْعًا في إلحاق مشايخه ومن هم أهدى منه سبيلا بأهل البدع؟ حقًّا فإن أهل السنة أعلم الناس بالحق، وأرحم الناس بالخلق، أما المدّعي زورًا وبهتانًا أنه على منهجهم، فيقال له:

فدعْ عنك الكتابة لسْتَ منها *** ولو سَوَّدت وجهك بالمداد.

أبو الحسن السليماني

16/ رجب/1439هـ

شيخنا ماهو التوجيه لفعل نبي الله ابراهيم لما قال عن الكوكب والقمر والشمس هذا ربي … وكذلك موقف وعرض نبي الله موسى مع فرعون والسحرة في يوم الزينة ومعلوم ان الامر سيقع فيه كفريات … وهل صحيح وثابت ان النجاشي لما اسلم لم يظهر اسلامه وظل يعمل بالنصرانية.. ومالقول في فعل الغلام لما دل الملك على مكان الراهب، والتساؤل ياشيخنا هو لم نبي الله ابراهيم وموسى لم يستخدموا وسائل اخرى ليس يحدث فيها كفرا كالتلفظ بهذا ربي وكفريات السحرة … طبعا نؤمن بلا شك ان نبي الله ابراهيم وموسى لم يكفرا وانهما في عصمة من الكفر ولا شك… لكن تساؤل يرد…. والغلام هل اثم لما اكره ودل على الراهب؟

الجواب: قال إبراهيم عليه السلام ذلك من باب التنزل مع المشركين ليبين لهم فساد العبودية لآلهتهم التي يعبدونها من دون الله، وأن الأفول يعتريها، وما كان كذلك كيف يكون إلهًا، فتوجيه الكلام كأنه عليه السلام يقول: هذا ربي على قولكم، لكن واقع هذا الرب سيثبت لكم أنه ناقص لا يصح عبادته.

والدليل على أنه قال ذلك إستدلالاً لا اعتقادا، قول الله تعالى في آخر الآيات: (وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَىٰ قَوْمِهِ) .

وإذا كان آحاد العقلاء من البشر يدرك أن هذه الأجرام مخلوقة، غير خالقه، فكيف يفوت هذا على إبراهيم عليه السلام، إمام الموحدين، والذي وفى بحقوق العبودية، وهو خليل الرحمن؟

وهذه صورة من صور الدعوة، وإضمار الكلام وتقديره أسلوب عربي، فلا مانع من استخدامه إذا قامت الادلة عليه.

وإبراهيم عليه السلام إنما تدّرج معهم ليثبت لهم خطأ ما هم عليه شيئا فشيئا ابتداءً من الأصغر، وانتهاءً بالأكبر من الكواكب التي يعبدونها من دون الله. أبو الحسن السليماني.

جزاك الله خيرا ياشيخ… انا فهمت ان نبي الله لم يقلها اعتقادا لكن سؤالي هو ظاهر الامر اليس اسلوبا فيه كفر… يعني هل يعتبر فعله حجة لمن يفعل كفرا لأجل تمكين التوحيد كحال البرلمانات ونحوه

الجواب: لا بأس من حضور أعياد المشركين بقصد دعوتهم وبيان فساد ملتهم، في اجتماع اشياعهم واتباعهم، لان المصلحة المرجوة ستكون أكثر، وتكون عيانا، لا يستطيع سدنة الكفر أن يشوهوها، أو يلبسوا داعية الحق غير ثوبه الناصع، ولذا قال موسى عليه السلام: (قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) فأراد موسى عليه السلام أن يقطع فيما بينه وبين المدعوين وسائط فرعون، القائمة على التشويه والدجل والإفتراء.

وحضور موسى هذا المشهد لاشك أنه سيشغل فرعون وسحرته واتباعهم عن ممارسة كفرياتهم، لأنهم أمام من يريد اجتثاثها من جذورها، فالدواعي متوافرة للاحتشاد لرؤية من سينتصر، وهذا سيشغلهم عن ممارسة ما اعتادوه في أعيادهم .

والرسول صلى الله عليه وسلم كان يدعوا قريشا في الكعبة، وقد نصبوا آلهتهم حولها وداخلها، فلو كان مجرد وجود الأصنام وغيرها من الرموز الشركية كافيا لابتعاد الداعية عن الدعوة في تلك الأماكن لكان ذلك سببا في ضعف الدعوة، وربما اعتقد الكفار أن آلهتهم هي التي طردتهم عن ساحاتها، وفي ذلك من الفساد ما لا يخفى، والله أعلم، أبو الحسن السليماني

ياشيخ انا لا اسأل عن هذا الجواب… لكن دعوة نبي الله موسى ونقاشه معهم ستقع كفريات من قبلهم ولو رفض نبي الله موسى الامر لما صار طرفا في وقوع شركهم وان كانوا هم مشركين اصلا

الجواب: موسى عليه السلام يناظرهم قوليا وعمليا، وكل ما اتوا بباطل رد عليهم، وباطلهم لا يزول إلا بدعوة، ودعوتهم لا بد أن يصاحبها إعراض منهم، أو كلمات كفرية أخرى، والدليل على صحة هذا المسلك أن السحرة لما ظهرت لهم حقيقة التوحيد، وأن معبود موسى وهو الرب عز وجل، أولى بالعبادة من معبودهم وهو فرعون لعنه الله ألقي السحرة ساجدين، قالوا آمنا برب موسى وهارون، ووقر التوحيد في قلوبهم ،ولم يصدهم عن ذلك تشويه فرعون لدعوة موسى بل تهديدهم بقطع الأيدي والأرجل من خلاف وصلبهم، فقالوا له (فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَٰذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا)، وانتقلت الدعوة بين موسى وفرعون إلى طور آخر من أطوارها.

وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يدعوا قريشا الى ترك آلهتهم وأن يوحدوا الله، وقد علم الله أنهم سيقولون له: (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَٰهًا وَاحِدًا إِنَّ هَٰذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) ولم ينه نبيه عن دعوتهم، حتى لا يقولوا هذا القول الذي سبق في علم الله أنهم سيقولونه، ولو تركنا دعوة الكافر أو العاصي لاحتمال أنه يقول كفرا أو فسقا لما دعونا أحدا، وهذا خطأ كبير، بل علينا أن نواجههم بدعوة الحق، وإنكار منكرهم قولا أو فعلا أو اعتقادا، كفرا كان أو فسقا. والله أعلم . أبو الحسن السليماني

يعني انه اتفق على امر وهذا الاتفاق سيقع فيه كفر من قبلهم ونبي الله موسى يعلم ذلك.

هل يعتبر امر النجاشي دليلا لمن يظهر كفر ويخفي اسلامه انه لا يكفر كحال البرلمانيين ونحوهم.

الجواب: سؤالكم حول النجاشي: هذا هو المشهور في سيرته رضي الله عنه، وواقعه يدل على أنه أخفى إسلامه، بدليل بقاءه في الملك، ورضاهم عنه وعدم خروجهم عليه، بل ومناصرتهم له عندما جاء من يريد أخذ الملك عليه.

ومجرد الإكتفاء بعدم إيذاء المسلمين عنده جعفر ومن معه من الصحابة رضوان الله عليهم . والله أعلم . أبو الحسن السليماني

ممكن يا شيخنا تشير إلى المراجع لنتاكد منها لأني رأيت رد لأحد الأخوة يبرؤ ابن مندة مما رماه به أبو نعيم ونقل توثيق الإمام الذهبي والرد على أبي نعيم. جزاك الله خيرا ويعطيك العافية نريد الفائدة لاغير

الجواب: أنا الآن في حالة سفر ، وعند عودتي لكتبي وملخصاتي أرجوا إن شاء الله أن أوفي لك ولغيرك بذلك. أبو الحسن السليماني

للتواصل معنا