الأسئلة العامة

نرى بعض المسلمين يَحْلِقُون لأنفسهم , أو لصبيانهم جوانب شعر رؤوسهم الذي يحاذي أعلى الأذ

السؤال  : نرى بعض المسلمين يَحْلِقُون لأنفسهم , أو لصبيانهم جوانب شعر رؤوسهم الذي يحاذي أعلى الأذن ، وما يليه إلى بداية شعر اللحية ، أو ما يسميه العامة بـ  ” الصَّابِر ” ويتركون بقية شعر رؤوسهم ، أو يكتفون بتقصيره فقط ، ويقولون : هذا مخالفة لزنار اليهود ، فهل هذا صحيح ، أم لا ؟

الجواب : يجب على المسلم قبل أن يعمل عملاً أن يسأل أهل العلم عن ذلك ، ولا يستحسن من عند نفسه , بدعوى: أن هذا مخالفة لليهود أو غيرهم ؛ لأنه لو أبقى جميع شعر رأسه على حد سواء ؛ فهو بذلك – أيضًا – مخالف لليهود الذين يطيلون الشعر من جانبي الرأس ، وقد ورد في السنة النهي عن القَزَع ، وهو : حَلْقُ بعض شعر الرأس وتَرْكُ بعضه .

 

 

ففي ” الصحيحين ” من حديث نافع عن عبدالله بن عمر – رضي الله عنهما – قال : ” نهى رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – عن القزع ” والقزع : أن يحلق بعض رأس الصبي ويترك البعض .

وعند أحمد وغيره من حديث ابن عمر – أيضًا – أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – رأى صبيًا قد حُلق بعض شعر رأسه , وترُك بعضه ، فنهاهم عـن ذلـك ، وقال : ” احلقـوه كله ، أو اتركـوه كله ” وانظر “ الصحيحة ” (1123) .

وقد اخْتُلِفَ في معنى القزع ، والتفسير السابق هو تفسير الراوي للحديث ، وهو مقدم على غيره ، ومنهم من قال : هو حلق مواضع متفرقة من شعر الرأس ، ورجّح النووي في ” شرح مسلم ” كتاب اللباس (14/326) أنه مطلق حَلْقِ البعض وتَرْكُ البعض .

قال الإمام ابن القيم – رحمه الله – في ” تحفة الودود بأحكام المولود ” ص (119) : ” قال شيخنا – يعني شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله – وهذا من كمال محبة الله ورسوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – للعدل ، فإنه أمر به حتى في شأن الإنسان مع نفسه ، فنهاه أن يحلق بعض رأسه , ويترك بعضه ؛ لأنه ظلم للرأس , حيث ترك بعضه كاسيًا , وبعضه عاريًا ، ونظير هذا أنه نهى عن الجلوس بين الشمس والظل ؛ فإنه ظلم لبعض بدنه ، ونظيره أن يمشي الرجل في نعل واحدة ، بل إمّا يُنعلهما , أو يُحفيهما… ” .

والقزع أربعة أنواع :

أحدها : أن يَحْلِقَ من رأسه مواضع من هاهنا وهاهنا ، وهو مأخوذ من تقزع السحب , وهو تَقَطُّعه .

الثاني : أن يَحْلِقَ وسطه , ويترك جوانبه ، كما يفعله شمامسة النصارى.

الثالث : أن يحلق جوانبه , ويترك وسطه ، كما يفعله كثير من الأوباش والسِّفل .

الرابع : أن يحلق مقدمة رأسه , ويترك مؤخره .

وهذا كله من القزع , والله أعلم .

واختلف في علة النهي :

فقيل : لكونه يشوه الخلقة ، وقيل : لأنه زي الشيطان ، وقيل : لأنه زي اليهود . انظر ” شرح النووي لمسلم ” (14/327) ، و ” الفتح ” (10/365) .

وقد ظهر في زماننا شباب يقلّدون فجّار الغرب ، فيُقَصِّرون مقدم الرأس ، ويجعلون الشعر طويلاً على قفاهم مثل ألْية الضأن ، وبعضهم يطيله من الأمام، وكل هذا من ضعف الإيمان ، وذل التبعية للمغضوب عليهم والضالين وغيرهم، والله أعلم .

للتواصل معنا