الأسئلة العامة

في كثير من بـلاد المسلمين إهانـة للمقابـر

السؤال: في كثير من بـلاد المسلمين إهانـة للمقابـر ، فمنهم من يتخذها ملعبًا للكرة ، ومنهم من يتخذها طريقًا لدوابهم أو سياراتهم ، ومنهم من يجلس عليها ، أو يمشي فوقها . فما هي النصيحة لهم في ذلك ؟

الجواب : المسلم مُكَرَّم ومُحْتَرم حيًّا وميّتًا ، ولا يجوز إهانة المسلم في قبره ، كما لا يجوز إهانته في حياته، ولذلك جاء عند أبي داود والحاكم وغيرهما من حديث بشير بن الخَصَاصية أنه قال : بينا أماشي رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فقال : ” يا ابن الخصاصية ! ما أصبحت تنقم على الله ؟ أصبحت تماشي رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ” . [ قال : أحسبه قال : آخذًا بيده ](1) فقلت : يا رسول الله ! بأبي أنت وأمي ما أصبحت أنقم على الله شيئًا ، كل خير فعل بي الله , فأتى على قبور المشركين فقال

: لقد سُبِقَ هؤلاء بخير كثير ثلاث مرات(2) – ثم أتى على قبور المسلمين , فقال : ” لقد أدرك هؤلاء خيرًا كثيرًا ” – ثلاث مرات – ؛ فبينما هو يمشي إذ حانت منه نظرة ، فإذا هو برجل يمشي بين القبور عليه نعلان ، فقال : ” يا صاحب السبتيتين “ – يريد النعلين السبتيتين – ويحك ! ألق سبتيتيك ” فنظر ، فلما عرف الرجل رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – خلع نعليه ، فرمى بهما . وقد جوّد الإمام أحمد سند هذا الحديث . انظر ” أحكام الجنائز ” ص (136-137، 209) لشيخنا – حفظه الله – .

 

وعن عقبة بن عامر قال : ” لأن أطأ على جمرة ، أو على حدّ سيف يخطف رجلي ؛ أَحَبُّ إليّ من أن أمشي على قبر رجل مسلم ، وما أبالي أفي القبور قضيتُ حاجتي ، أم في السوق بين ظهرانيه ، والناس ينظرون ” . أخرجه ابن أبي شيبة موقوفًا برقم (11773، 11780) ، ورفعه ابن ماجه برقم (1567) وحسب ما رأيت عندهما : فالرفع شاذّ . والله أعلم .


والمعنى : كما أن الذي يقضي حاجته في السوق أتى أمرًا مستقبحًا , فكذلك من يمشي على القبر , وكلاهما قبيح مذموم .

وفي “صحيح مسلم” ك: الجنائز من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : ” لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه ، فتخلص إلى جلده ؛ خير له من أن يجلس على قبر ” فإذا كان مجرد الجلوس يصل بصاحبه إلى هذا الحد ، وإذا كان النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أمر من يلبس نعليه بين القبور أن يخلعهما ، وإذا كان السلف كرهوا نحو ذلك ؛ فكيف بنا في هذا الزمان ونحن نرى ملاعب الكرة فوق المقابر ، وللأسف أنك ترى كثيرًا ممن ينتسبون للدعوة يُجرون المسابقات على قبور المسلمين ، الذين منهم العلماء والعباد والزهاد وحفظة كتاب الله U ، فإلى الله المشتكى من هؤلاء الذين لا يعظمون حرمة المسلم بعد مماته ، ويُخشى على من يهين أموات المسلمين ؛ أن يهينه الله حيًّا وميّتًا ]ومن يهن الله فماله من مكرم[ [ الحج : 18] ]ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب[ [ الحج : 32] .


([1]) ولعل هذا الكلام من رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – بسبب شكوى بشير من طول غربته عن أهله , والله أعلم

([2]) أي : فاتهم خير كثير عندما ماتوا على الشرك .