الأسئلة العامة

نرى بعض المسلمين إذا وصل مصلى العيد تَنَفَّل، إما لاعتقاده أن للعيد سنة قبلية وبعدية

السؤال: نرى بعض المسلمين إذا وصل مصلى العيد تَنَفَّل، إما لاعتقاده أن للعيد سنة قبلية وبعدية ، أو أنها تحية مسجد ، أو مطلق النافلة ، فما الصحيح في ذلك ؟

الجواب : جاء في “صحيح البخاري” برقم (964) وفي “صحيح مسلم” برقم (884) من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم –  خرج يوم أضحى أو فطر ، فصلى ركعتين – يعني بهما صلاة العيد – لم يصل  قبلها ولا بعدها

، ثم أتى النساء ومعه بلال ، فأمرهن بالصدقة… الحديث . وقد اختلف الصحابة والتابعون في الصلاة قبل العيد وبعده ، وفي ذلك آثار كثيرة ، منها الصحيح ، ومنها دون  ذلك .

 

فجاء عن بريدة أنه : صلى أربع ركعات قبل العيد ، وأربعًا بعده ، كل ذلك في بيته .

وثبت عن أنس الصلاة قبل العيد .

وعن علي ، وابن مسعود بعد العيد .

وثبت عن ابن عمر ، وسلمة ، ابن الأكوع المنع قبل العيد وبعده .

وثبت عن ابن مسعود , وحذيفة ، وأبي مسعود الأنصاري تَرْكُ الصلاة قبل العيد .

وقد اختلف العلماء من بعدهم في هذا الأمر :

فأجاز الشافعي الصلاة قبل العيد وبعده ، ومنع أحمد مطلقًا , وأجاز مالك الصلاة في البيت دون المصلي ، وأجاز الليث – ورواية عن مالك – الصلاة في المسجد – إن صُلِّي العيد فيه – دون المصلى ، وفرق بعضهم بين الإمام والمأموم ، فأجازها للمأموم دون الإمام ، حتى قال ابن رجب في “فتح الباري” (9/93) : ” لا نعلم في كراهة الصلاة للإمام خلافًا ، قبلها وبعدها ” اهـ .

وأطلق شيخنا ابن عثيمين  – حفظه الله – عدم الكراهة في الإمام ، كما في “الشرح الممتع” (5/402) .

واستدل من أطلق الجواز بعموم الأدلة في فضل كثرة السجود ، وأنه لا دليل مع المانع ، ويَرِدُ على ذلك أن الصحابة لم يفهموا هذا العموم كذلك في هذا الموضع ، فقد اختلفوا في ذلك ، والأكثر على المنع والإنكار على من صلى قبل العيد أو بعده .

واستدل المانعون بحديث ابن عباس السابق ، وقال الإمام أحمد ، وقد قيل له : قال سليمان بن حرب : إنما ترك النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم –  التطوع ؛ لأنه كان إمامًا ، فقال أحمد : ” فالذين رووا هذا عن النبي e لم يتطوعوا ، ثم قال : ابن عمر ، وابن عباس هما راوياه ، وأخذا به ” اهـ .

قال المقدسي – موجهًا لكلام أحمد – : ” يشير – والله أعلم – إلى أن عمل راوي الحديث به تفسير له ، وتفسيره يقدم على تفسير غيره، ولو كانت الكراهة للإمام كيلا يشتغل عن الصلاة ؛ لاختصت بما قبل الصلاة  ، إذ لم يبق بعدها ما يشتغل به… ” اهـ من “المغني” (2/248) وانظر “فتح الباري” لابن رجب (9/89-90) وفي الاستدلال بفهم الصحابي هنا تأمل ، بَيَّنْتُه في موضعه في الكلام على أحكام العيدين .

واستدل من أجاز الصلاة في البيت بحديث أبي سعيد قال : كان رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم –  لا يصلي قبل العيد شيئًا، فإذا رجع إلى منـزله صلى ركعتين . أخرجه ابن ماجه (1293) وغيره وسنده ضعيف ؛ من أجل عبدالله بن محمد بن عقيل ، فإن في حفظه لينًا.

واستدلوا أيضًا بالأدلة الواردة في فضل الصلاة في البيوت ، وهذا عام لا يختص بنافلة للعيد .

واستدل من أجاز الصلاة للمأموم دون الإمام ، بأن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لم يصل قبل العيد ؛ لأنه يُنْتَظَر ولا يَنْتَظِر ، وقد سبق جواب أحمد عليه .

والراجح : قول من ترك الصلاة قبل العيد وبعده في المصلى ، وأما من صلى في بيته مطلق النافلة ، بما لا يفوِّت عليه ما هو أولى في صلاة العيد ؛ فلا بأس به ، وهو قول الأكثر ، والاشتغال بالتكبير والذكر قبل صلاة العيد في المصلى أولى ؛ إظهارًا لشعار هذا الدين ، ولأنه لم يثبت للعيد سنة قبلية ولا بعدية ، والصلاة قبل العيد وبعده فيها خلاف كثير ، وقد بينت لك الراجح عندي في ذلك ، ومع هذا فلا حاجة إلى إعلان النكير على المخالف ، ورميه بالقبيح من القول ؛ لما ظهر لك من خلاف أهل العلم في ذلك ، والله أعلم .

(تنبيه) : مصلى العيد ليس بمسجد ، فلا يأخذ حكم المسجد في صلاة تحية المسجد ، ومن استدل على أنه مسجد باعتزال الحيض المصلى ؛ فالمراد اعتزالهن الصلاة والمصلى ؛ ليتسع المكان للطاهرات ، ثم يخالطنهن في الخطبة ، وانظر ما قاله ابن رجب في ذلك بتوسع في “فتح الباري” (2/141-142) والله أعلم .

للتواصل معنا