الأسئلة العامة

رجل يريد أن يضحي , فهل يجب عليه أن يمسك عن شعره وأظفاره ؟ ومتى يكون ذلك ؟

السؤال : رجل يريد أن يضحي , فهل يجب عليه أن يمسك عن شعره وأظفاره ؟ ومتى يكون ذلك ؟

الجواب : الأصل في ذلك حديث أم سلمة – رضي الله عنها – : أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال : ” إذا دخلت العشر – أي : عشر ذي الحجة – وأراد أحدكم أن يضحي , فلا يمس من شعره وبشره شيئًا ” وفي رواية : ” فليمسك عن شعره وأظفاره ” أخرجه مسلم برقم (1977) والحديث صحيح مرفوعًا , ودعوى وَقْفِهِ لا يصح دليلها .

وصح عن أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أن على الرجل إذا اشترى الأضحية , ودخلت العشر ؛ أن يكف عن شعره وأظفاره حتى يضحي . انظر : ” المحلى ” (7/369) .

وقد اختلف العلماء في ذلك : فذهب أحمد , وإسحاق – ومِنْ قبلهما ابن المسيب – : إلى أن من أراد أن يضحي , ورأى هلال ذي الحجة ؛ فلا يجوز له أن يأخذ من شعره وظفره وبشره – أي : جلده – شيئًا , أخذًا بهذا الحديث , وبهذا قال ابن حزم أيضًا كما في ” المحلى ” (7/355) .

وذهب أبو حنيفة ومالك – على الأشهر – إلى الجواز بدون كراهة , وذهب الشافعي إلى جواز ذلك مع الكراهة, انظر : “الحاوي” (15/74) و”المجموع” (8/392) .

واستدل من قال بالجواز بدون كراهة : بأن المضحي حلال غير محرم, فكما يجوز له الجماع في العشر ؛ فيجوز أخذ شعره , وظفره , وجلده , كما قال الطحاوي في ” مختصر اختلاف العلماء ” (3/232).

وقد رد على ذلك ابن القيم في ” تهذيب السنن” (4/99) ردًّا نفيسًا , وبين أن هذا قياس فاسد الاعتبار لمخالفته السنة , ومنشأ هذا عند أهل هذا القول : دعواهم وَقْفَ حديث أم سلمة , وغرابة مخرجه , وقد سبق أن هذه دعوى لا تؤيدها القواعد الحديثية .

واستدل الشافعية – على الجواز مع الكراهة – بحديث عائشة قالت :  ” فتلْتُ قلائد بُدْنِ النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ثم قلَّدَهَا , وأَشْعَرَهَا , وأهداها ؛ فما حرم عليه شيء كان أحل له “. وفي رواية : ” ثم لا يجتنب شيئًا  مما يجتنبه المحرم ” وفي رواية : ” فما يحرم عليه مما حل للرجال من أهله , حتى يرجع الناس ” . أخرجه البخاري برقم (1696) وانظر أطرافه هناك , وأخرجه مسلم برقم (1321) .

قال الشافعي : ” البعث بالهدي أكثر من إرادة الأضحية , فدل على أنه لا يحرم ذلك ” . اهـ من ” المجموع ” (8/293) .

وقد أطنب ابن القيم في الرد على ذلك أيضًا في ” تهذيب السنن ” (4/96-99) وبين أن أسعد الناس بحديث أم سلمة من قال بظاهره ؛ لصحته , وعدم ما يعارضه .

وذكر عن أحمد وغيره أن حديث عائشة في الهدي , وحديث أم سلمة في الأضحية ؛ لا تعارض بينهما , وحكى الصنعاني : أن هذا القياس لا يصح , كما في ” سبل السلام ” (4/179) .

ومما يوضح عدم صحة هذا القياس : أن بعث الهدي قد تطول فيه المدة , ولا تصل البُدْن إلا بعد سنوات , وقد لا يعلم مَنْ بَعَثَ بها بوصولها , فلو ألزمناه بحكم المضحي ؛ لشق ذلك عليه , وقد رفع الله عنا الحرج في هذا الدين , فقال تعالى : ]مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ[ بخلاف الأضحية التي لها مدة معلومة , وعلى هذا ؛ فالراجح : ما ذهب إليه الإمام أحمد ، ومن قال بقوله , وهو وجوب الإمساك على الشعر ، والظفر ، والبشرة , والله أعلم .

للتواصل معنا