تعرف على الشيخ

نبذة عن فضيلة شيخنا الكريم أبي الحسن السليماني حفظه الله

نبذة مختصرة عن فضيلة شيخنا الكريم أبي الحسن السليماني حفظه الله  ورعاه
الحمد الله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ـ أما بعد:
      فهذه نبذة مختصرة عن فضيلة شيخنا الكريم أبي الحسن السليماني حفظه الله ورعاه، وسدد على طريق الخير والهدى خطاه، ونسأل الله أن ينفع بشيخنا الكريم، وأن يبارك فيه وفي جهوده، وأن يطيل من عمره على الطاعة، إنه سبحانه أعظم مأمول وأكرم مسؤول، وهذه النبذه هي إجابة عن أسئلة طالبة في كلية التربية كُلِّفَتْ بعمل بحث حول شيخنا، كما كُلِّف غيرها من الطالبات بعمل أبحاث حول عدد من الدعاة إلى الله تعالى.

اسمه وكنيته:
هو أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل بن سيد أحمد السليماني.
نشأته وبداية تلقِّيه للعلم الشرعي:

       ولد في جمهورية مصر العربية ـ محافظة المنصورة في إحدى القرى، وذلك في تاريخ 14/1/1958م، ونشأ في أسرة تحب الدين، وحفِظ كثيرًا من القرآن الكريم في صغره، في أول دراسته الابتدائية، ودرس الدراسة النظامية، ولم يكن تخصّصه في العلوم الشرعية، وسافر من مصر إلى اليمن في عام 1400هـ، وعمل مُدَرِّسًا في منطقة خولان، قبيلة بني بهلول لمدة ثلاثة أشهر، ودعا أثناء وجوده هناك إلى السُّنَّة، وأنكر على بعض الناس عادات مخالفة للشرع، وتعصبهم لبعض الآراء المخالفة للأدلة، فتبعه عدد من طلاب المدرسة وفقيه القرية وآخرون، فحدث خلاف بين الناس بسبب التعصب المذهبي، فنجح في تهدئة الحال بينهم، ثم سافر إلى محافظة مأرب، ووافق وصوله إليها افتتاح مدارس أهلية تابعة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ في مأرب وادي عبيدة للعلوم الشرعية وتحفيظ القرآن الكريم، وعددها قرابة ثلاثين مدرسة، فعمل مدرِّسًا فيها عدَّة سنوات، ثم موجِّهًا لإخوانه المدرسين في أمورهم الدعوية مع ملازمته للتدريس، ثم تفرَّغ لطلب العلوم الشرعية، واعتنى بعلوم الحديث والفقه وأصوله، وفي سنة 1406هـ زار الشيخُ المحدِّث أبو عبد الرحمن مقبل الوادعي ـ رحمه الله ـ محافظة مأرب، وسأله شيخنا أبو الحسن أسئلة مهمة في علم الحديث، وطبعت في كتاب “المقترح في الإجابة عن أسئلة المصطلح” للشيخ مقبل ـ رحمه الله تعالى ـ وفي عام 1409هـ سافر شيخنا أبو الحسن إلى دار الحديث بدمَّاج بمحافظة صعدة، وبقى عند فضيلة شيخنا العلامة الوالد أبي عبد الرحمن مقبل بن هادي الوادعي ـ رحمه الله ـ ثلاثة أشهر، واظب فيها على دروسه، وجالسه جلسات عامة وخاصة في أمور الدعوة العامة والخاصة، وطبع كتابه ” شفاء العليل بألفاظ وقواعد الجرح والتعديل ” آنذاك، ثم رجع إلى مأرب، واستمر في الدعوة إلى الله والتأليف والتدريس في دار الحديث بمأرب، ثم توسّعت دعوته المباركة نحو شبوة وحضرموت والجوف، وهي محافظات مجاورة لمأرب، ثم اتَّسعت الدار وزاد طلابها، وانتشرت الدعوة في أنحاء اليمن بفضل الله تعالى، ونسأل الله عز وجل أن يتم هذا الأمر على خير وستر وبركة.

         وقد أكرمه الله تعالى في اليمن بشيخنا المبارك أبي عبد الرحمن مقبل الوادعي ـ رحمه الله ـ فكان التزاور والتواصل والتشاور في أمور الدعوة أولاً بأول بينهما ـ وإن كان قد يخالف الشيخ مقبلاً في بعض أطروحاته، لكن ليس كل خلاف يوجب التفرُّق ـ ثم سافر في عام 1417هـ إلى الرياض، وجالس سماحة الشيخ ابن باز ـ رحمه الله ـ عدة أشهر، وحضر دروسه في الجامع الكبير، وكذا بعض دروس الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين ـ حفظه الله ـ ودروس العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ رحمه الله ـ عند تواجده في الرياض ومكة، وقبل ذلك في عام 1410هـ التقى بمحدِّث العصر الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في المدينة النبوية، وسجَّل معه شريطًا علميًّا في علم الحديث، وكذا جالسه بمكة المكرمة، ثم في عام 1416هـ سافر إلى الأردن، وجالس الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ وألقى عليه أسئلة في نحو اثني عشر مجلسًا، كل مجلس من العصر إلى العشاء تقريبًا، وسُجلت هذه المجالس في أشرطة معروفة سائرة بين طلاب العلم، ثم رجع إلى مأرب، واستمرت دعوته ـ ولله الحمد ـ في سداد وزيادة، والفضل في ذلك لله وحده.

 

أولاده وزوجاته وأحواله الشخصية:

       يرى شيخنا أن الإطالة في هذا ليس فيها كثير فائدة لطالب العلم، ولكن باختصار فشيخنا أبو الحسن ـ زاده الله من فضله ـ والدٌ لعشرة أبناء، وثمان بنات، وزوج لثلاث زوجات، نسأل الله تعالى أن يصلحنا ويصلحهم وجميع المسلمين، وأن يجعل له لسان صدْق في الآخرين، وأن يجعل له في ذريته قرة عين وذِكْرًا حسنًا في الدارين.

مؤلفاته:

لقد برع الشيخ ـ وفّقه الله ـ في باب التأليف والتصنيف، فوفقه الله تعالى بكتابة عدد من الكتب والرسائل والأبحاث في عدّة فنون، منها المطبوع ومنها ما هو تحت الطبع، ومنها ما هو في طريقه للطباعة بإذن المولى تعالى، فأما مؤلفاته المطبوعة فمنها:

 

  1.  ” شفاء العليل بألفاظ وقواعد الجرح والتعديل” الجزء الأول.
  2.  “كشف الغمة ببيان خصائص رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والأمة”.
  3.  “إتحاف النبيل بأجوبة أسئلة علوم الحديث والعلل والجرح والتعديل”: الجزء الأول والثاني.
  4.  “سلسلة الفتاوى الشرعية”: الجزء الأول من العدد الأول إلى الثالث عشر.
  5.  “تنوير العينين بأحكام الأضاحي والعيدين”.
  6. “سبيل النجاة في بيان حكم تارك الصلاة”.
  7.  “الدفاع عن أهل الاتباع”: مجلدان.
  8. “السراج الوهاج في صحيح المنهاج”.
  9.  “فتنة التفجيرات والاغتيالات: الأسباب والآثار والعلاج”.
  10.  “المتعة في تعيين ساعة الإجابة يوم الجمعة”.
  11.  “الجواهر السليمانية بشرح المنظومة البيقونية”.
  12.  “إكمال الفرح بدروس المصطلح”.

 

وهناك مؤلفات في طريق إتمامها أو إعدادها للطبع، ومنها:

  1.  “كشف الغطاء بتحقيق أحاديث وآثار الداء والدواء” 3 مجلدات.
  2. “منحة المعبود في أحكام العقيقة والمولود”.
  3.  “كشف الستر عن أحكام زكاة الفطر”.
  4.  “جامع التحصيل بجواز البيع بالزيادة مع التأجيل”.
  5.  “البرهان الثبت في جواز صيام يوم السبت”.
  6. “التوضيح لأحكام القنوت والاعتكاف والوتر والتراويح”.
  7.  “القراءة خلف الإمام” مع تحقيق كتاب البخاري وابن خزيمة والبيهقي في ذلك.
  8.  “عمدة القارئ بدارسة وتحقيق فتح الباري” انتهى من المجلد الأول منه في ثلاثة مجلدات، ثم شُغل بغيره، فلم ينشط لإكماله.
  9.  “كشف المخبوء في استحباب التسمية على الوضوء”.
  10.  “القول المسفر في وقت إمساك الصائم عن المفْطِر”.
  11.  “التبيان لما ورد في ليلة نصف من شعبان” جزء حديثي.
  12.  “فوائد من علل ابن أبي حاتم والدارقطني”.
  13.  “التعليق على أحكام الحافظ في التقريب” انتهى فيه إلى حرف السين.
  14.  “فوائد حديثية من تهذيب التهذيب”.
  15.  “نقض شبهات الرافضة”.
  16. “رسالة في معالم الوسطية والاعتدال”.
  17.  “شرح الباعث الحثيث”.
  18.  “شرح الموقظة للذهبي”.
  19. “شرح النزهة للحافظ ابن حجر”.
  20.  “شرح القواعد الفقهية لابن سعدي”.
  21.  “شرح أصول السنة للإمام أحمد ـ رواية عبدوس العطار”.
  22.  “شرح كتاب الإيمان لأبي عبيد القاسم بن سلام”.
  23. “تفسير جزء عم”.

أما دروسه العلمية، وفتاواه، وخطبه ومواعظه فهي في أشرطة كثيرة، وبعضها منشور على الشبكة، وبعضها في طريقها لذلك ـ إن شاء الله تعالى ـ.

 

منهجه في التأليف:

وأما المنهج العام في التأليف: فإن كان في الحديث وتخريجه والحكم عليه: فإنه يجمع طرق الحديث من مظانها، ثم يعمل لكل طريق دراسة مستقلة، ثم ينظر في هذه الطريق مقارنة بغيرها، فإن كان مَخْرَجُها واحدًا؛ أطال النفس في البحث خشية وجود علة خفية، كما أنه يرجح بين الطرق حسب قواعد أهل العلم في ذلك، ويحتفى حفاوة بالغة بأحكام المتقدمين من الأئمة على الأحاديث، ولا يزدري جهود الأئمة المتأخرين بل يعتني بها، ويقرر دائمًا أن المتأخرين هم الذين خدموا علم المتقدمين، ولم يهدموه، ومع ذلك ففي المتقدمين والمتأخرين من هو معتدل،ومنهم المتشدد، والمتساهل، وللمتقدمين وسائل ومؤهلات يُعِلّون بها الحديث، ولا يتأتى للمتأخرين اللحاق بهم في ذلك، ولذا فقول المتقدمين في الإعلال بمثل هذا مقدم على مجرد تصحيح متأخر أو معاصر لمجرد ظاهر السند، وهذا المنهج واضح في الكتب التي حققها وخرّج أحاديثها.

وإن كان في الفقه والأحكام الشرعية: فيحرر المسألة، ثم يذكر الخلاف فيها، ويذكر قول كل طائفة، ثم يذكر أدلة كل طائفة، ويزنها بميزان القواعد الحديثية والأصولية، ثم يرجح الراجح من الأقوال، كما هو واضح من منهجه في كتابه المبارك “تنوير العينين في أحكام الأضاحي والعيدين” ولا يستجيز القول بمسألة لم يسبقه أحد الأئمة إليها، وينظر إلى خلافات الفقهاء بأن منها ما يسع كُلاًّ من المجتهدين قوله، ومنها مسائل خلافية الحق فيها واضح مع طائفة ما، والقول الآخر شبه مهجور أو شاذ أو زلَّة من زلات العلماء، ففي الحالة الأولى يسع كل مجتهد أن يبقى على قوله، ولا يُلزم بترك قوله لقول غيره، ويسع من بعده من العوام أن يقلده، وأما في الحالة الثانية فلا يسع أحدًا تقليد العالم في زلته، ومع ذلك فلا يُكفَّر ولا يُبدَّع ولا يُضلَّل المخالف، وأما العالم المجتهد فلا يُحرم من أجر وإن زلّ، وأما من خالف الإجماع المتيقَّن فهو على خطر عظيم، ويرى أن خلافات العلماء في المسائل الاجتهادية من الرحمة والسعة، ولا يوالي ويعادي عليها إلا من تأثر بمنهج أهل الأهواء، وهذا كله قد بيَّنه في كتابه المبارك: “السراج الوهاج في صحيح المنهاج” وكتابه “الدفاع عن أهل الاتباع”.

المرتبة العلمية التي وصل إليها:

لم يحصل شيخنا أبو الحسن ـ وفقه الله ـ على شهادة في العلوم الشرعية من الجامعات المتخصصة في ذلك، لأن دراسته النظامية كانت في كلية التجارة، وسافر إلى اليمن في عام1400هـ وهو في السنة الرابعة، قبل إتمامه الدراسة، لكن تحصيله للعلوم الشرعية بتوفيق الله له، ثم باجتهاده في التحصيل، وتلخيصه للفوائد، وتجميعه لما أُشكل عليه من أسئلة ومبهمات، بُغية تحصيل فرصة لعرضها على المتخصصين من أهل العلم، وقد سُجلتْ أشرطة في ذلك مع سماحة الشيخ ابن باز، والعلامة ابن عثيمين ومحدث العصر الألباني، وفضيلة الشيخ الوادعي ـ رحمهم الله جميعًا ـ وقد استفاد من مجالسة عدد من كبار علماء العصر، ومناقشتهم وتوجيهاتهم، وهذا كله لا يترجم بشهادة عصرية.

مذهبه الفقهي، ومدى تعصّبه له:

لقد نشأ شيخنا أبو الحسن في مصر، وهي بلد يغلب عليها المذهب الشافعي، وجاء إلى اليمن في بلاد شافعية أيضًا، لكنه اعتنى بدراسة الفقه من جميع كتب المذاهب وغيرها، وترجيح ما ترجَّح منها، فلا يلتزم بمذهب معين، فضلاً عن أن يتعصب له، ويرى أن من لم يستفد من كتب المذاهب والفروع؛ فقد حَرَمَ نفسه خيرًا كثيرًا، فلا جمود ولا جحود.

وإذا كان شيخنا الكريم وفقه الله لا يتعصب لأقوال الأئمة الكبار المتقدمين، إنما ينصرها بالدليل؛ فمن باب أولى أن لا يتعصب إلى أقوال الشيوخ المعاصرين.

مواقفه السياسية:

معلوم أن السياسة الشرعية جزء عظيم من الدين، وأن الدين قد ساس الأمم شرقًا وغربًا قرونًا طويلة، لكن السياسة العصرية عليها مؤاخذات كثيرة، ولذا فليس لشيخنا موقف واحد في الدعوة إلى المشاركة في السياسة العصرية أو اعتزالها، فقد يترجح له هذا أو ذاك في موقف ما، وفي زمن ما، ومع شخص ما، أو طائفة ما، وقد لا يترجح له ذلك، ومناط الترجيح عنده ما يمكن تحقيقه بقدر المستطاع من مقاصد الشريعة، التي جاءت بتكميل المصالح وتحصيلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، لكنه يدعو إلى السمع والطاعة لولاة الأمور المسلمين في المعروف، فمن ثبت اختياره منهم من أهل الحل والعقد، أو غلب عليها بشوكته، أو أخذها بالانتخابات ـ على ما فيها ـ طالما خضع الناس له، وسمي أميرًا لهم؛ فله السمع والطاعة في المعروف، خشية إهلاك الحرث والنسل، ويحذِّر شيخنا أبو الحسن من الخروج المسلَّح على ولي الأمر، والكلام المهيِّج المثير الذي يؤول إلى احتقانات، ومن ثم الفوضى والدمار، ويرى أن الحفاظ على ما بقى من بقايا الأمن موافق لمقاصد الشريعة، وحنانيك بعض الشر أهون من بعض، ويضرب مثلاً بالعراق وغيرها من الدول، على ما كانت عليه تلك البلاد من فساد عظيم في حكامها، فلما سقطوا لا دينًا أُقيم، ولا دنيا بقيت، ويرى أن الخروج جرَّ على الأمة مفاسد كثيرة، إلا في حالات ضيقة جدًّا، ويرى أن آخر الأمة لا يصلح إلى بما صلح به أولها، وأن ضرر الديمقراطية في كثير من البلاد الإسلامية أكثر من نفعها، ومع ذلك لما صارت واقعًا لا طاقة لنا بتغييره الآن، فيبقى النظر في الحال والمآل والمصالح والمفاسد بنظرة شرعية دقيقة متجردة، وقد يترجح الإقدام تارة، وتارة يترجح الإحجام، وفي الجملة فهي مسألة اجتهادية، لأنها راجعة إلى تحقيق المناط، وترجح المصلحة أو المفسدة، وهذا باب للاجتهاد فيه مجال، فلا يجوز جعلها بذاتها مسائل الولاء والبراء، وكل هذا واضح لمن له أدنى مطالعة لكتابات الشيخ أو سماع شيء من أشرطته، أو مجالسه.

هذا وللشيخ ـ حفظه الله ـ عِدَّة فتاوى ورسائل مطوّلة ومختصرة في عدة أحداث عامة في الأمة أو خاصة في اليمن، كأحداث غزَّة، وفتنة الرافضة في اليمن، وأحداث جنوب لبنان، وعدَّة مظاهرات في اليمن بسبب غلاء المحروقات، والانتخابات الرئاسية والمحلية، وهيئة الفضيلة في اليمن، وغير ذلك، وهي رسائل مطبوعة ومنشورة على شبكة النت وغيرها.

الاتهامات التي وُجِّهَتْ إليه، ومن هم الذين اتهموه، وموقفه مع مخالفيه:

الاتهامات التي وجِّهت إلية أغلبها صدرت من قوم مقلِّدة للشيخ ربيع بن هادي المدخلي، وحملهم على تقليدهم إياه زيادة الخوف من سلاطة لسانه لا القناعة بصحة برهانه، ويجمعهم جميعًا الغلو في الدين، وقد تجاوزوا الحد، فردّ عليهم شيخنا أبو الحسن في عدَّة رسائل علمية، جُمعت في مجلدين بعنوان: ” الدفاع عن أهل الإتباع ” أتى فيه على شبهاتهم، وفنَّدها، وأظهر عوار منهجهم الغالي المفرط، وبَيَّنَ تناقضهم، وتقليدهم، ومخالفتهم لخط الدعوة السلفية في عدة نقاط، وتَبيَّن أن أكثر ما عابوه عليه كان مما يُمدح به الشيخ ـ حفظه الله ـ وأن الحق معه في ذلك، وأنهم تَخبَّطوا بلا أصول، بل بدَّلوا بعض أصولهم التي كانوا عليها، والحامل على هذا كله الخوف والتقليد.

ومع ذلك فقد ردَّ عليهم شيخنا أبو الحسن ـ وفقه الله ـ بأدب وإنصاف، وما كان في كلامهم من وجه حق ـ وإن دقَّ ـ قبله منهم، وشكرهم، ولم يتجاوز الحد معهم، وعاملهم بالفضل قبل العدل، وعفا عنهم ودعا لهم، وذلك فيما هو في حقه، أما جنايتهم على الدعوة؛ فلم يترك لهم فيها شاذَّة ولا فاذّة إلا أظهرها بالبرهان والعلم والحلم.

ومن أشهر مخالفية من مدرسة الغلو والتشهير بالمخالف: الشيخ ربيع بن هادي المدخلي، وهو كبيرهم الذي أفسد عليهم تَدَيُّنهم وسَيْرَهم إلى الله تعالى بهذه الأفكار الضالة المنحرفة ـ هذا على ما عند الشيخ ربيع وحزبه من الخير وحب السنة حسب فهمهم ـ وقد اعتنى شيخنا أبو الحسن بالرد على الشيخ ربيع في أكثر ما صدر عنه، وممن تبع الشيخ ربيعًا على إسرافه من أهل اليمن: محمد بن عبد الوهاب الوصابي، ويحيى الحجوري، ومحمد بن عبد الله الإمام، وعبد العزيز البرعي وغيرهم، مما جعل شيخنا ـ سدده الله ـ يرد على هؤلاء جميعًا وغيرهم في الكتاب المذكور، وفي عشرات الأشرطة التي ناقشت كلامهم وشبههم جملة جملة، ومن اتهامات هؤلاء للشيخ، مالا يصدقها عاقل: كقولهم: أن أبا الحسن يسب الصحابة، ويسب الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والقوم في هذا قوم بهت وأهواء، وقد رجع القوم على أنفسهم، وانقلب السحر على الساحر، وهذا جزاء الجهل والبغي، وكذا اتهموه بأنه حزبي مميّع لما راوه يدعو إلى وحدة صف أهل السنة، وان الولاء والبراء لا ينعقدان من أجل مسائل اجتهادية، ولا بد من التفرقة بين ثوابت أهل السنة ومسائل الإجماع عندهم، وبين مسائل الاجتهاد والنزاع.

ومن مخالفيه أيضًا الجماعات التي تغلوا في التكفير، أو تثير القلاقل بالاغتيال والتفجير، أو الإثارة والتهييج، وقد حصلت عدة مواقف حوارية بينه وبينهم، وبعضها مسجَّل في اليمن، وفي بريطانيا وغيرهما، كما كتب وألف في الرد عليهم عددًا من الفتاوى والكتب، أشهرها كتابه الماتع “فتنة التفجيرات والاغتيالات: الأسباب، الآثار، العلاج”، على أن شيخنا أبا الحسن يحاول مَدَّ يده لجميع العاملين باسم السنة ـ وإن خالفوه ـ ويحرص على إحياء الثوابت المتفق عليها بين أهل السنة، ويحذر من طغيان الفروع على الأصول، وطمس المتغيرات للثوابت، إلا أن كثيرًا من المخالفين لا يريد إلا أن يُوَافَق على قوله ـ وإن انحرف ـ حذو القذة بالقذة، وهذا باب فتنة وضلال.

موقفه من القضايا المستجدة في العصر الحاضر:

موقف شيخنا ـ حفظه الله تعالى ـ من القضايا المستجدة، أنه لا يرفضها مطلقًا، ولا يقبلها مطلقًا، بل ينظر إليها بالميزان الشرعي على النحو التالي:

  1. ما كان منها موافقًا للشرع سواء وافق النص أو الإجماع أو القياس ونحوه فهو مقبول إيجابًا أو استحبابًا.
  2. ما كان منها مصادمًا لنص صريح أو إجماع متيقن فمردود ولا كرامة، إلا لضرورة، وكذا يُرد ما خالف القياس الجلي أو مقاصد الشريعة.
  3. ما كان منها مسكوتًا عنه فالأصل فيه الإباحة، فإن زادت مفسدته على مصلحتة رُدَّ وأُلْحِقَ بالقسم الثاني، وإن زادت مصلحته على مفسدته قُبِلَ وأُلْحِق بالقسم بالأول، فلا ابتلاع لكل جديد، ولا فرار من كل جديد، وقد أطال في الجواب على هذا أثناء جوابه على أسئلة صحيفة “الجمهور” اليمنية.

أعماله ونشاطه الدعوي:

إن شيخنا أبا الحسن السليماني ـ زاده الله توفيقًا وسدادًا ـ قائم على دار الحديث بمأرب إدارة وتدريسًا، وتضم الدار نحو (500) طالب وطالبة، ومن جملتهم مائة وعشرون طالبًا بعائلاتهم، وقد تفرّع عن هذه الدار فروع بواسطة كبار الطلاب الذين تخرّجوا منها أو تأثروا بمنهجها المعتدل، وانتقلوا إلى أماكنهم في المحافظات الأخرى، في صنعاء، وذمار، وإب، وتعز، وعدن، وأبين، ولحج، وشبوة، وحضرموت، وعمران، وصعدة، والجوف، وتعاونوا مع القائمين على منهج الاعتدال والوسطية في أكثر المحافظات اليمنية، فزادهم الله علمًا وحلمًا وصبرًا ويقينًا.

ومع هذا فشيخنا ـ وفقه الله ـ مشتغل بالتأليف، ويفتي الناس الزائرين له، والمتصلين به في الهاتف، ويستقبل أعدادًا كبيرة من الضيوف من طلاب العلم والقبائل، ويبذل وقتًا طويلاً في مناصحتهم وتوجيههم لنصرة التوحيد والسنة، ويخطب في مساجد مأرب وغيرها من المحافظات، ويقضي بشرع الله بين القبائل المتنازعة، ويحذرهم من الأفكار الضالة الوافدة على أهل اليمن، وكان لقضائه بين القبائل وتدخله في مشاكلهم ـ على ما في ذلك من أمور ومنغّصات ـ أثر كبير في نظرته المعتدلة في كثير من الأمور، وفي اتساع رقعة الدعوة، وتأثيرها على عدة شرائح في المجتمع.

كما أنه يتابع أخبار الطلاب في المحافظات، ويتفقد أنشطتهم، ويراجع لكبارهم مؤلفاتهم سواء كانوا مقيمين في الدار أو خارجها.

موقفه من الجمعيات الخيرية، والجمعيات التي ساهم في تأسيسها:

لقد ظهر موقفه بجلاء من ذلك، وخلاصته أن الجمعيات الخيرية تقوم ـ في الجملة ـ بدور عظيم في باب التعاون على البر والتقوى، مع نصحه القائمين عليها بعدة نصائح ـ ليس هذا موضعها ـ وقد وقف ضد من حارب الجمعيات باسم أنها بدعة، أو حزبية، أو تمييع للدين ونحو ذلك، بل إنه قد استصدر للدار عنده تصريحًا باسم جمعية التقوى للأعمال الخيرية والعلوم الشرعية، وسعى في إنشاء كثير من مشاريع السقيا، وكفالة الدعاة، والأيتام، والأنشطة الموسمية في الدار وغيرها، وقد حثَّ عددًا من طلابه ومحبيه على عمل جمعيات خيرية في عدة محافظات، وبيّن له نفْع ذلك في الحاضر والمستقبل، فنفع الله بهذه النصائح.

منهجه في الدعوة، ومن تأثر به من العلماء:

قد عُرف عن شيخنا ـ حفظه الله تعالى ـ منافحته عن منهج الوسطية والاعتدال، ودعوته منذ سنوات واضحة في ذلك، ويسعى للتأليف بين دعاة السنة وفصائلها، وكان له أثره الملموس في إطفاء كثير من المهاترات بين التيارات السلفية، ولا زال ساعيًا في توسيع دائرة الوفاق والائتلاف بين فصائل السنة على أصول وثوابت أهل السنة والجماعة، ويرى أن الدعوة قائمة على شقين: سنة وجماعة، أي إتباع واجتماع، أو تمسُّك وتماسك، فلكل شق من ذلك واجبات على الداعية يجب عليه أن يقوم بها، وقد يحتاج المسلم إلى ترجيح أحدهما على الآخر حسب الأحوال التي تمر بها الدعوة، وشيخنا أبو الحسن يُحَذِّر من الاهتمام بواجب مع تضييع ما هو أوجب منه، لكن يجب أن يكون تقدير ذلك بميزان العلم الشرعي المتجرد من الأهواء والحزبية، وأكثر من تأثر به شيخنا من العلماء المتقدمين شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه وابن القيم ـ رحمة الله عليهما ـ ومن المعاصرين سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ في آفاقه الدعوية الواسعة، ورحمته بأهل السنة وسواء كانوا علماء أو عامة، وحرصه على الجمع والتأليف على أصول السنة، لا تمزيق الصفوف، مع رده على الباطل ودحر أهله بالحجج والبراهين، وقد أبى الله العصمة لأحد من البشر في هذه الأمة غير رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأما تأثره في الدقّة علم الحديث فبالعلامة عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني، ومحدِّث العصر ناصر الدين الألباني ـ رحمهما الله تعالى ـ وأما تأثره في الفقه وأصوله ومسائل المعتقد وغير ذلك فبمجموع علماء السنة ـ رحمهم الله جميعًا ـ.

سمات دار الحديث الذي يُدَرِّس فيها، ومدى تأثر طلابه به في الاتزان والاعتدال:

أهم سمات الدار:

  1.  الوسطية والاعتدال.
  2.  الإنصاف من النفْس قبل مطالبة الغير به.
  3. معرفة مراتب المسائل إجماعًا أو نزاعًا، حتى لا تعطى مسألة فوق حجمها.
  4. عدم إدخال الولاء والبراء في المسائل الاجتهادية، فإن هذا حال أهل البدع.
  5.  فتح باب الحوار الهادف، مع الشفقة بالمخالف، والرغبة في الوصول إلى الحق لا مجرد نصرة الرأي.
  6.  التعاون مع جميع دعاة السنة على البر والتقوى، بل التعاون مع من ليس سنيًّا ضد من هو أشد ضررًا منه، كالتعاون مع بعض الزيدية في حدود الحق ضد الفكر الرافضي الإمامي الذي هو ضد السنة والزيدية.
  7.  إقالة عثرة الدعاة العاملين على أصول السنة في أنحاء المعمورة، وسد خَلَّتهم، ونشر مناقبهم، والدعاء لهم بالتوفيق والسداد والحفظ من شر كل ذي شر، مع نصحهم، والتحذير من الخطأ لا من الشخص إلا في حالات معروفة.
  8.  الفهم الصحيح لمصطلح أهل السنة والجماعة، فلا يُخْرَج السني من دائرة السنة بأي مخالفة، بل لا بُدَّ من أن تكون المخالفة في أصول أهل السنة المجمع عليها عندهم، مع التفرقة بين الحكم العام والحكم على المعين، وبين القول وقائله، والقول ولازمه ….الخ.
  9. الاهتمام بتوعية العامة بأمر دينهم، حتى لا يكونوا فريسة لأفكار الضلال، مع الشفقة عليهم، وعرْض الدعوة لهم بما يقرّبهم لا ينفرهم، والشعور بأن العامة رصيد وذُخْر للخير إن سبق إليهم الدعاة.
  10.  الاهتمام بتنمية مواهب الدعاة، وتصفية مشاربهم، والربط بين أقوال السلف وواقعهم، حتى يسلم الداعية من الاضطراب والقول على السلف بغير علم.
  11.  الاهتمام بالعلوم الشرعية، والناظر في مؤلفات الطلاب يجد أنها تدل على عمق مستواهم العلمي، واضطلاعهم فيما تصدوا له من مصنفات، سواء على مستوى الرجال أو النساء.
  12. ومن نشاطاتها إصدار بعض المجلات والمطويات التي تساهم في توعية المجتمع بجميع شرائحه.
  13.  الاهتمام بمراعاة أدب الخلاف بين الدعاة والعاملين لخدمة الدين، والدعوة إلى تصحيح التصور عن المخالف، فلا يقال عنه ما لم يقل، ومن ثم تصحيح الحكم عليه، وفي النهاية تصحيح التعامل معه.
  14. الاهتمام بدراسة السيرة والتاريخ، لما لذلك من أثر في تسلية الدعاة، وطرد الإياس والقنوط من النصر والتمكين، والثقة بوعد الله ووعيده.

ولا شك أن طلاب ومحبِّي شيخنا الكريم أبي الحسن ـ حفظه الله ورعاه ـ قد تأثروا به في الجملة وسلكوا مسلكه بعد أن أبان لهم الأدلة القاطعة على صحة هذا المسلك، وعُرف طلابه بالاعتدال، والاتزان، والنظر في الحال والمآل، ومراعاة مقاصد الشريعة في مواقفهم، ومن ثم فإنهم ضد الإفراط والتفريط، وهذا من فضل الله تعالى على الجميع، ومن انحرف منهم فلا يضر الثابتين على الحق، كما لم يضر عليًّا ـ رضي الله عنه ـ.

هذا، وبقية سمات دعوة شيخنا أبي الحسن وطلابه موجودة في كتابه: ” السراج الوهاج ” وكتابه: ” الدفاع عن أهل الاتباع” زادنا الله وإياه من واسع فضله .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

 

كتبه
أبو عبد الله عمر بن أحمد عليو
وراجعه فضيلة شيخنا أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني

أضف تعليق

انقر هنا لنشر

للتواصل معنا