بقلم الشيخ

بيان بشأن حادث نيوزلندا الإرهابي

( بيان بشأن حادث نيوزلندا الإرهابي )
الشيخ أبوالحسن السليماني

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد :

فلقد دهم المسلمين نبأ الحادث الإرهابي الشنيع في #نيوزلندا؛ وألخّص كلمتي تجاه هذا الحادث في نقاط:
1- أسأل الله تعالى أن يرحم الموتى، وأن يرفع درجاتهم في عليين، وأن يرزق أهلهم الصبر والعافية، وأن يعوّضهم في مصابهم خيرا، وأن يشفي الجرحى، ويجعل دماءهم ومعاناتهم في ميزان حسناتهم، إنه على كل شيء قدير.
2- أن هذا الحادث على هؤلاء النفر من المسلمين: في يوم جمعة، وفي بيت من بيوت الله، وهم على طاعة لله عز وجل، وكل هذا من علامات حسن الخاتمة، وأما آجالهم؛ فليس لهم نَفَسُ هواء، أو شربة ماء في هذه الدنيا، إلا وقد استكملوها، ولكن هنيئا لهم هذه البشرى في الأمان من عذاب القبر، فيمن مات يوم الجمعة أو ليلتها، وفيمن قُتِل مظلوما، وفيمن مات على الطاعة، ومن مات على شيء بُعِثَ عليه.
3- هذا الحادث حادثٌ إرهابيٌّ بكل المقاييس والتعاريف التي عَرَّف بها الشرعيون والقانونيون والحقوقيون والسياسيون وغيرهم معنى الإرهاب؛ فليسمه بعد ذلك من شاء بما شاء، سواء كانوا ساسة أو إعلاميين أو متملقين، أو مهزومين مخذولين، وعند الله تجتمع الخصوم.
4- كثير من هذه الحوادث، يراد منها التنفير والتخويف والصدِّ عن الدخول في الإسلام، ولحكمة الله عز وجل، نرى أن العواقب تكون على عكس ما يريده الحاقدون، وصدق الله إذ يقول: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)، فليُبْشِرِ المسلمون -على جلل مصابهم- بأن دينهم مُؤَيّد ومحفوظ، وقد ينشره الله على يد بعض الحاقدين عليه، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر، وكما قيل: الإسلام إذا تركوه امتد؛ وإذا حاربوه اشتد، لأن الله عز وجل تكفَّل بحفظ هذا الدين، وما كان كذلك فهو محفوظ، شاء الخلق جميعا أم أبوا، وما يحدث للمسلمين من لأواء ومصائب وهزائم؛ وهَمٍّ وغَمٍّ؛ فبسبب ذنوبهم، ليعودوا إلى الله، وليفيئوا إلى الصواب، فإن أراد الله بهم خيرا؛ تابوا ونصروا دينهم، وإلا استبدلهم الله بقوم آخرين، فاللهم استعملنا ولا تستبدلنا.
5- للأسف أن العالم -إلا من رحم الله- يقيس الأمور بمقاييس مضطربة وظالمة، تخضع لمراد الأقوياء، لا للحق، كما قال الشاعر:
حكوا باطلا وانتضوا صارما
فقالوا صـدقـنـا؟! فقلنا نعم!

وكما قيل:
قَتْلُ امرئٍ في غابةٍ
جــريــمــةٌ لا تُغْتَفر

وقَـْتُـل شعبٍ كامل
قـضـيـةٌ فيهـا نظر!

كما أعجبني قول بعض من علَّق على هذا الحادث بقوله:

إن الــجـــرائـــم إن حلّت مصائبها
بالـمـسـلـمـيــن فلن تُسْمى بإرهابِ
وإن جنى مسلمٌ في الغرب مظلمة
أضــفــوا عـلـيـنـا بـهذا شر جلباب
ومــؤســفٌ أن نرى مـن أهل ملتنا
بـُـوقــاً يــردد مــا قــالـوا بإعجاب

6- أن الواجب علينا تجاه هذا الحدث الشنيع؛ أمور، منها:
أ- أن نزداد تمسكا بديننا، وثقة في وعد ربنا، ويقينا بأخبار نبينا صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن عزتنا في هذا الطريق.
ب- ألَّا ننجر وراء ردود الأفعال الطائشة، ولا نقابل الإرهاب بإرهاب مثله، انطلاقا من قرآننا القائل: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) فإننا لا نقابل السيئة بمثلها.
ج- الاجتهاد في نشر الدعوة، وبيان صفاء الإسلام مما يحاول الحاقدون وأذنابهم من أهل ملتنا أن يلصقوه به، من التهم الباطلة، التي يدركون هم براءة الإسلام منها، وهم بها أولى، وأفعالهم وتاريخهم شاهد على ذلك، في الماضي والحاضر، وليس هذا موضع تفصيل ذلك.
هذا وأسأل أن يكفي المسلمين شر الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وأن يكفينا جميعا شر حَمَلَة الأفكار المتهورة المنفلتة، من أي جهة كانوا، وبأي دين دانوا.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
والحمد لله رب العالمين.
كتبه:
أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني
رئيس رابطة أهل الحديث باليمن
٩/ رجب / ١٤٤٠هـ
١٦/ ٣/ ٢٠١٩م
في المدينة النبوية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.