الأسئلة العامة

في بعض البلدان يَعُدُّون من بال قائمًا نصرانيًّا

السؤال : في بعض البلدان يَعُدُّون من بال قائمًا نصرانيًّا ، أو أنه قد تشبه بالكلب ، ويُنْكرون على فاعل ذلك ، وكأنه قد أتى جرمًا عظيمًا ، فهل هذا الاعتقاد صحيح في الشرع ؟

الجواب : نحن لا نعظم إلا ما عَظَّم اللهُ سبحانه وتعالى أو رسولُه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أما أن نرفع أمورًا ، ونضع أخرى بأهوائنا وعاداتنا واستحساناتنا ؛ فلا ، كي لا نقول على الله بغير علم ، فإن الله سبحانه وتعالى قد نهى عن ذلك ، فقال: ]وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون[ [الأعراف : 33] وقال تعالى : ]قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون[ [ يونس : 64] وقال تعالى : ]نبئوني بعلم إن كنتم صادقين[ [الأنعام : 143] وقال : ]قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين[ [النمل : 64] .

 

 

وقد ثبت في ” الصحيحين ” من حديث حذيفة أنه قال : انتهى رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – إلى سباطة قوم ، فبال قائمًا ، فتنحيت ، فقال : ” ادنه ” فدنوت ، حتى قمت عند عقبيه ، فتوضأ , ومسح على خفيه . والسباطة : مكان يوضع فيه التراب والقمام.

فهذا الحديث يدل على جواز البول قائمًا ، لكنْ لذلك شروط : مثل ستر العورة ، والأمان من رجوع رشاش البول على القائم ، إما لوجود ريح شديدة ، أو لصلابةٍ في الأرض ، ونحو ذلك .

وكانت عائشة – رضي الله عنها – تنكر البول على هذه الهيئة ، كما ثبت في ” سنن أبي داود ” و”سنن الترمذي” ، أنها قالت : من حدثكم أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – بال قائمًا ؛ فلا تصدقوه ، ما كان يبول إلا جالسًا ؛ إلا أنها – رضي الله عنها – تحكي ما علمته ، وحذيفة يحكي ما رآه ، والـمُثبِتُ مقدَّم على النافي .

وموقفنا من ذلك : الجمع بين هذا كله ، فيكون الأفضل والأستر البول جالسًا ، وهذا المناسب لهديه – عليه الصلاة والسلام – في المبالغة في التستر ، ولما سبق من ستر العورة ، والأمان من التنجس ، وكل هذا لا يمنعنا من القول بجواز البول قائمًا ، فلا نتهم من فعل شيئًا سبقه إليه رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – بأنه قد شابه النصارى , أو الكلاب , أو غير ذلك ؛ لأن الإنكار يجب أن يكون بالحد الشرعي لا بالأهواء والعادات .

ومع علمي بأن هناك نفوسًا لا تحتمل القول بالجواز ؛ لأن ذلك يخالف ما ألفَهُ واعتاده!! إلا أننا لو استسلمنا للعادات ونحوها ؛ ما قامت للسنة قائمة ، وهذا يموت الحق بين جاهل جريء مجازف، وعالم ضعيف أمام المخالف .

إلا أنني – مع هذا – أنصح طالب العلم بأن يتجنَّب مخالفة العوام بما لم يكن واجبًا عليه ، فإذا كان له سعة ؛ فلا يتعمد مخالفتهم ، لأن ذلك يؤدي إلى نفورهم عنه، وارتمائهم في أحضان أهل الأهواء ، فيكون سببًا في فتنتهم ، إنما يقتصر على بيان الجواز في فتواه ، أو خطبته ، أو درسه ، ونحو ذلك ، فيكون قد بيَّن الحكم الشرعي ، وحرص على تأليف العامة ، وتمسكهم بالسنة ، والله تعالى يقول : ]ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرا[ ، والله أعلم .

للتواصل معنا