الأسئلة العامة

رجل أفطر أيامًا في رمضان ؛ لعذر شرعي , وأراد أن يصوم ستًّا من شوال

السؤال  : رجل أفطر أيامًا في رمضان ؛ لعذر شرعي , وأراد أن يصوم ستًّا من شوال , ولكنه ما قضى الأيام التي عليه من رمضان , هل تكون له فضيلة من صام رمضان ، وأتبعه بست من شوال , أم لا ؟

الجواب : جاء في ” صحيح مسلم ” من حديث أبي أيوب أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال : ” من صام رمضان ، ثم أتبعه بست من شوال ؛ فكأنما صام الدهر ” .

وظاهر هذا الحديث أن من عليه قضاء في رمضان , وصام الست من شوال ؛ فلا يصح أن يقال فيه : صام رمضان , ثم أتبعه بست من شوال؛ لأنه لا يكون صائمًا لرمضان إلا إذا أكمل عدته , وهذا ما ذهب إليه الحافظ ابن رجب الحنبلي في “لطائف المعارف” ص (249) حيث قال : ” فمن كان عليه قضاء من شهر رمضان ؛ فليبدأ بقضائه من شوال , فإنه أسرع لبراءة ذمته

, وهو أولى من التطوع بصيام ست من شوال ، فإنما العلماء اختلفوا فيمن عليه صيام مفروض : هل يجوز أن يتطوع قبله أم لا ؟ وعلى قول من جوَّز التطوع قبل القضاء ؛ فلا يحصل مقصود صيام ستة أيام من شوال ، إلا لمن أكمل صيام رمضان , ثم أتبعه بست من شوال , كما لا يحصل لمن أفطر رمضان لعذر بصيام ستة من شوال آخر صيام السنة بغير إشكال , ومن بدأ بالقضاء في شوال ، ثم أراد أن يتبع ذلك بصيام ستة من شوال بعد تكملة قضاء رمضان ؛ كان حسنًا ؛ لأنه يصير حينئذٍ قد صام رمضان ، وأتبعه بست من شوال , ولا يحصل له فضل صيام ست من شوال بصوم قضاء رمضان ؛ لأن صيام الست من شوال إنما تكون بعد إكمال عدة رمضان ” اهـ .

 

وقول ابن رجب : ” كما لا يحصل لمن أفطر رمضان لعذر بصيام ستة من شوال آخر صيام السنة بغير إشكال ” . معناه : أن من قال بحصول الفضيلة لمن صام الست وعليه يوم من رمضان ؛ فيقال له : ولو كان عليه يومان , فهل تحصل له الفضيلة ؟ فإن قال : نعم , قيل : وثلاثة ؟ … وهكذا , حتى يحد حدًّا ويطالب بالدليل , أو يقول بالفضيلة لمن صام الست , ولو لم يصم كل رمضان لعذر , وهذا قول لا التفات إليه , وهو لازم لمن قال بالفضيلة لمن صام الست , وعليه يوم , فضلاً عن يومين فأكثر .

وذهب إلى ذلك أيضًا شيخنا محمد بن صالح العثيمين – حفظه الله – في “الشرح الممتع” (6/448-449) على أنه ينبغي التيقظ لمسألة , وهي: أن العلماء اختلفوا في جواز صوم النافلة لمن عليه قضاء في رمضان , فمنهم من كرهه ، ومنهم من أجازه ؛ وحجة من كرهه أن هذا مخالف للأمر بالمسارعة ، والمسابقة للخيرات , وأن هذا كمن يصلي نافلة ، وقد أقيمت الصلاة ؛ فلم يدخل في الجماعة , وأن في هذا تقديمًا للنافلة على الفرض , وهو غير الصواب , وأما من أجازه ؛ فقد استدل بأن الواجب موسّع الوقت , كمن يصلي سنة الظهر قبل الظهر , واتفقوا على أن تعجيل القضاء أولى ، وفرق بين هذا الخلاف وبين الخلاف في المسألة التي نحن بصددها ، فمن جوَّز الصيام نافلة لِمن عليه قضاء ؛ لا يلزم من ذلك أن يرى ثبوت الفضيلة لمن صام الست وعليه أيام من رمضان .

هذا , وقد يستدل بعضهم بثبوت الفضيلة لمن صام الست وعليه أيام من رمضان بحديث عائشة عند البخاري (1950) ومسلم ( 1146) أنها قالت : ” كان يكون عليّ الصوم من رمضان , فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان, الشغل من رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- “, وقد بين بعض أهل العلم أن زيادة : ” الشغل من رسول الله ” مدرجة في الخبر , وعلى كل حال ؛ فوجه استدلال من استدل بهذا : أن عـائشة – رضي الله عنها – كانت تؤخر القضاء إلى شعبان إذا كانت معذورة ، ويستبعد أن تمكث كل العام لا تصوم عرفة وعاشوراء وغير ذلك ؛ فلا مانع أن تكون قد صامت الست , ولا معنى لصيامها الست إلا لهذه الفضيلة .

والجواب : أن إمكان صيامها – رضي الله عنها – لأي نافلة غير الست ؛ فلا إشكال في ذلك , على مذهب من يرى جواز صيام النافلة لمن عليه قضـاء , وهو الراجح ، والله أعلم.

ويلزم من قال بأنها لم تصم أي نافلة أن يثبت أنها لا ترى جواز صيام النافلة لمن عليه قضاء ، ومن أين لقائله ذلك ؟ اهـ . من كلام الحـافظ في “الفتح” (4/191) .

وبخصوص إمكان صيامها – رضي الله عنها – للست من شوال ؛ فهو احتمال , وليس عندنا ما يلزمنا بقبوله أو رده , ومع الاحتمال ؛ فالبقاء على ظاهر النص أولى ؛ لأن قوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : ” من صام رمضان… “ لا يقال فيمن لم يتم عدة الصيام , وقد سبق إلزام من أثبت الفضيلة مع وجود قضاء لرمضان , أنه يلزمه أن من لم يصم رمضان كله أو أكثره لعذر , أنه يثبت له الفضيلة إذا صام الست , فإن فرّق ؛ طولب بالدليل الذي يدل على التفريق , ولا دليل معه على ذلك ، والعلم عند الله تعالى .

للتواصل معنا