الأسئلة العامة

هل تُصَلَّى صلاة العيد في المساجد أم في الفضاء ؟ وما هو الأفضل : الركوب أم المشي إلى موضع الصلاة ؟

السؤال: هل تُصَلَّى صلاة العيد في المساجد أم في الفضاء ؟ وما هو الأفضل : الركوب أم المشي إلى موضع الصلاة ؟

الجواب :السنة في صلاة العيد أن يخرج الناس إلى المصلى في الفضاء ، وهكذا فعل رسول الله e ، وفعل خلفاؤه الراشدون ، كما في “الصحيحين” وغيرهما , وهو مذهب الأئمة ، إلا أن الشافعي استحب إذا كان المسجد واسعًا أن يصلوا فيها ، وذكر بعض الشافعية أن ذلك لشرف المساجد ، ولأن أهل مكة يصلون في المسجد الحرام .

قال الشافعي في ” الأم ” (1/389) بعد أن ذكر خروج عامة البلدان إلى المصلى : ” إلا أهل مكة ، فإنه لم يبلغنا أن أحدًا من السلف صلى بهم عيدًا إلا في مسجدهم ، وأحسب ذلك – والله تعالى أعلم – لأن المسجد الحرام خير بقاع الدنيا ، فلم يحبوا أن يكون لهم صلاة إلا فيه ما أمكنهم، وإنما قلت هذا لأنه قد كان ، وليست لهم هذا السعة في أطراف البيوت بمكة سعة كبيرة ، ولم أعلمهم صلوا عيدًا قط ، ولا استسقاء إلا فيه ” اهـ. وبنحوه في “المجموع” (5/5) .

وقد تعقب المقدسي في “المغني” (2/230) كلام الشافعية , فقال : ” ولنا أن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – كان يخرج إلى المصلى ، ويَدَعُ مسجده ، وكذلك الخلفاء بعده ، ولا يترك النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – الأفضل مع قُرْبه ، ويتكلف فعل الناقص مع بُعْده ، ولا يشرع لأمته ترك الفضائل ، ولأنا قد أُمرنا باتباع النبي e والاقتداء به ، ولا يجوز أن يكون المأمور به هو الناقص ، والمنهي عنه هو الكامل ، ولم يُنْقَل عن النبي e أنه صلى العيد بمسجده إلا من عذر(1) ، ولأن هذا إجماع المسلمين ، فإن الناس في كل عصر ومصر يخرجون إلى المصلى ، فيصلون العيد في المصلى ، مع سعة المسجد وضيقه ، وكان النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يصلي في المصلى مع شرف مسجده ، وصلاة النفل في البيت أفضل منها في المسجد مع شرفه…” اهـ . وهذا كلام غاية في الجودة ، فرحمه الله ، وانظر “مجموع الفتاوى” لشيخ الإسلام (17/480) ، و”الأوسط” لابن المنذر (4/257) ولا بأس باتباع السلف في شأن المسجد الحرام كما قال الشافعي ، والله أعلم .

والأولى التبكير في الخروج إلى الصلاة ؛ فإنه عمل الصحابة ، وسَبْقٌ للخيرات ، وانتظار للصلاة ، وفيه أجر عظيم ، والقرب من الإمام للاستماع والإصغاء اهـ . ملخصًا من “الشرح الممتع” (5/164) لشيخنا ابن عثيمين – سلمه الله – .

وهذا التبكير يكون للمأموم لا للإمام ؛ فإن الإمام يوافي المصلَّى على الصلاة ؛ لأن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – كان إذا خرج ، فأول شيءٍ يبدأ به الصلاة ، ولأنه أبلغ في مهابة الإمام… اهـ ملخصًا من “المجموع” (5/10-11) .

ويستحب أن يخرج ماشيًا – إن أمكنه ذلك ، بدون مشقة – وإلا ركب ، وقد ورد في ذلك مرسل الزهري ، قال : ” ما ركب رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – في عيد ولا جنازة قط ” . أخرجه الفريابي في ” أحكام العيدين ” برقم (27) بسند حسن إلى الزهري .

وقول سعيد بن المسيب : ” سنة الفطر ثلاث : المشي إلى المصلى ، والأكل قبل الخروج ، والاغتسال ” . أخرجه الفريابي برقم (18، 26) وسنده حسن إلى سعيد بن المسيب ، وثبت عن ابن عمر نحو هذا ، فقال أبو بكر حفص بن عمر بن سعد : خرجنا مع ابن عمر يوم أضحى أو فطر ، فخرج يمشي ، حتى أتى المصلى ، فجلس حتى أتى الإمام ، ثم صلى وانصرف ابن عمر… أخرجه الترمذي (2/418/538) وفي سنده مَنْ في حفظه شيء من اللين ، وحُسْن سياقة القصة يدل على ضبطه ، وحديث علي t : ” من السنة أن تخرج إلى العيد ماشيًا ، وأن تأكل شيئًا قبل أن تخرج ” . أخرجه الترمذي (2/410/530) وابن ماجه (1296) – مقتصرًا على المشي – وغيرهما ، وفيه عنعنة أبي إسحاق , والحارث ضعيف، لكن هذا كله في الجملة يتقوى في إثبات استحباب المشي ، إلا إذا كان في ذلك مشقة , أو تفويت للأفضل ، أو تعرض للفتنة ، ونحو ذلك ؛ فالركوب أولى ، والله أعلم .



(1) قلت : ولا يصح أنه e صلى في مسجده العيد بسبب المطر . أخرجه أبو داود برقم (1160) وغيره ، من حديث أبي هريرة ، ففيه عيسى بن عبدالله بن أبي فروة ، وهو مجهول ، وأبو يحيى عبيدالله التيمي ، لا يحتج به .

للتواصل معنا