الأسئلة العامة

رجل ذهب لصلاة العيد , فوجد الناس راجعين من الصلاة , فهل يصليها وحده , أو جماعة , وكم يصليها , وهل يخطب لها أم لا؟

السؤال  : رجل ذهب لصلاة العيد , فوجد الناس راجعين من الصلاة , فهل يصليها وحده , أو جماعة , وكم يصليها , وهل يخطب لها أم لا؟

الجواب : للعلماء في هذا أقوال :

فقال الشعبي , والثوري -في رواية عن أحمد – يصلي أربع ركعات , وقد روي ذلك عن ابن مسعود , قال : من فاته العيدان فليصل أربعًا ” . أخرجه عبدالرزاق برقم (5713) وغيره , وسنده ضعيف .

واستدلوا بأن عليًّا استخلف من صلى بضعفة المسلمين في المسجد أربع ركعات , ولا يصح , وإنما الثابت ركعتان .


 

وقال قتادة , وعطاء , والشافعي , وأبو ثور – في رواية أخرى عن أحمد – : يصلي كصلاة الإمام ركعتين , ويكبر التكبيرات الزوائد , واستدلوا بما أخرجه الطحاوي في ” شرح معاني الآثار ” (4/348) وغيره من طريق عبيدالله بن أبي بكر بن أنس عن جده أنس أنه إذا كان في منـزله بـ” الطف ” فلم يشهد العيد ؛ جمع مواليه وولده , ثم يأمر مولاه عبدالله ابن أبي عتبة , فيصلي بهم كصلاة أهل المصر , وهذا أثر صحيح بمجموع طرقه .

وذكر بعض الحنفية أنه إن شاء صلى , وإن شاء ترك , وإن صلى أربعًا أو ركعتين ؛ فلا بأس , وعزا ابن رجب لأبي حنيفة القول بسقوط القضاء , وأنه إن صلى سواء ركعتين أو أربع ركعات ؛ صلى تطوعًا مطلقًا , لا صلاة العيد . اهـ من ” فتح الباري ” لابن رجب (9/79-80) .

وفَرَّق إسحاق بين ما إذا صلى في الجبَّانة – أي مُصَلَّى العيد – صلى كصلاة الإمام , وإلا صلى أربعًا .

ومنهم من قال : إذا صلى جماعة ؛ صلى كصلاة الإمام , كما فعل أنس , وإن صلى وحده ؛ صلى أربعًا , لقول ابن مسعود -إلا أنه لا يصح- وهذه رواية أحمد بن القاسم عن أحمد , قاله ابن رجب (9/78).

وقال مالك : ليس لهذه الفائتة قضاء . انظر “المنتقى” (1/319)
و”المدونة” (1/155) .

وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – إلى أنه لا يُسَنُّ قضاؤها ؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ولأنها صلاة ذات اجتماع معين , فلا تشرع إلا على هذا الوجه , قاله واختاره شيخنا ابن عثيمين – حفظه الله – في ” الشرح الممتع ” (5/205) .

ونقل ابن رشد ما سبق , وجعل أقوى القولين من قال : يصلي كصلاة الإمام , ومن قال يترك القضاء , قال : ” وهذا القولان يتردد فيهما النظر , وأما سائر الأقوال في ذلك فضعيف , لا معنى له …” اهـ

والراجح عندي : أن يصليها كصلاة الإمام , كما فعل أنس , وكما فعل علي عندما استخلف من صلى بضعفة المسلمين , ولم ينقل عنهما الخطبة , ولذا قال ابن رجب : ” لكن لا يخطب لها بعد خطبة الإمام , لأن فيه افتئاتًا عليه , وتفريقًا للكلمة. اهـ ” فتح الباري ” أثناء الكلام في (9/79-81) .

ولو أدرك الإمام وهو يخطب , فقد نقل ابن رجب فيه قولين :

الأول : أنه يجلس فيسمع الخطبة , ثم يصلي بعد إنتهاء الخطبة ؛ لأن ذلك من كمال متابعة الإمام في هذا اليوم , فإذا فاتت الصلاة ؛ فلا يفوت الخطبة , وهو قول الأوزاعي , والشافعي , وأبي ثور , وأحمد .

الثاني : يصلي ثم يستمع , كما في الجمعة . اهـ من الموضع السابق, والله أعلم .

(تنبيه) : إذا لم يُعْلَم بدخول العيد , وأصبح الناس صائمين رمضان , ثم جاءهم من يخبرهم بالرؤية ؛ افطروا , فإن كان ذلك قبل الزوال , وأمكنهم الاجتماع ؛ اجتمعوا , وصَلَّوْا , وخطب الإمام , وإن كان ذلك بعد الزوال ؛ أفطروا ، وخرجوا من الغد , وصلوا , وخطب الإمام , وهذا المشهور عند الشافعي .

وقد ذهب أحمد وإسحاق إلى الخروج من الغد لصلاة العيد , عملاً بحديث أبي عمير بن أنس عن عمومة له : أن قومًا رأوا الهلال , فأتوا النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فأمرهم أن يفطروا بعدما ارتفع النهار , وأن يخرجوا إلى العيد من الغد . أخرجه النسائي (1557) وأبو داود وغيرهما , وهو حديث حسن , وقد حكم بصحته جماعة من أهل العلم .

وذهب الشافعي إلى ترك القضاء – في رواية – وكذا مالك , وأبو ثور, كما لا تُقْضَي الجمعة إذا فاتت , وهذا مخالف للحديث السابق , واتباع السنة هو اللازم , ثم إن الجمعة إن لم تُقْضَ فلها بدل عنها ،وهو الظهر , بخلاف العيد .

وذهب الصنعاني في ” السبل ” (2/135-136) إلى أن هذا الحكم خاص بالفطر ؛ لورود النص فيه , ولعدم معرفة العلة الجامعة في القياس , ورده الشوكاني في ” نيل الأوطار ” (3/328) وذكر أن الصحيح أن الحكم واحد , لمن لم يعلم بدخول العيد . اهـ وهو الصواب , والله أعلم .

للتواصل معنا