الأسئلة العامة

هل يُسْتَحَبُّ لنا صيام تسعة أيام إذا أهل هلال ذي الحجة , أم لا؟

السؤال: هل يُسْتَحَبُّ لنا صيام تسعة أيام إذا أهل هلال ذي الحجة , أم لا؟

الجواب : ذهب أكثر العلماء إلى استحباب ذلك ؛ لحديث ابن عباس في ” صحيح البخاري ” برقم (969) : ” ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه ” قالوا : ولا الجهاد ؟ قال : ” ولا الجهاد ، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء ” .

ونص جماعة من العلماء على أن الصوم مندرج في هذه الأعمال ، انظر “نيل الأوطار” (2/255) و”الشرح الممتع” (6/471) .

واستحباب صيام العشر هذه هو مذهب الحنابلة بلا نزاع , كما قال المرداوي في ” الإنصاف ” (3/345) وقال : ” وعليه الأصحاب ” .

واعْتُرِضَ على ذلك بحديث عائشة عند مسلم برقم (1176) قالت : ما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – صائمًا في العشر قط ، واعْتُرِضَ على هذا الحديث بأنه مرسل , وليس كذلك , بل الإسناد فيه زيادة ثقة مقبولة .

واعترض عليه أيضًا بحديث حفصة قالت : ” أربعٌ لم يكن يَدَعُهُنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- : صيام عاشوراء, والعشر, وثلاثة أيام من كل شهر , وركعتين قبل الغداة ” أخرجه النسائي (2437) وأحمد (6/287) وغيرهما , وفي سنده أبو إسحاق المشجعي , وهو مجهول .

وفي هذا الحديث خلاف كثير , والصواب فيه أنه من حديث إحدى أمهات المؤمنين -بدون تعيين- : ” أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر : أول اثنين من الشهر , ثم الخميس , ثم الخميس الذي يليه ” . وفي رواية : ” أنه أمر نساءه بذلك ” أخرجه النسائي (2415) والطبراني في ” الكبير ” (23/261-297).

وقد جمع البيهقي في ” الكبرى ” (4/285) وجماعة من العلماء بين حديث عائشة وحفصة بأن المثبت مقدم على النافي , وقد رأيت ضعف حديث حفصة , فلا جمع بين صحيح وضعيف .

وجمع بعضهم بين حديث ابن عباس وحديث عائشة بوجوه , منها :

(1) ما قاله الحافظ في ” الفتح ” (2/460) باحتمال أن ذلك لكونه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – كان يترك العمل – وهو يحب أن يعمله – خشية أن يُفْرَضَ على أمته , كما رواه الشيخان من حديث عائشة أيضًا. اهـ

(2) ما قال الشوكاني وغيره : بأنه لا يلزم من عدم رؤية عائشة عدم الصيام , انظر “نيل الأوطار” (2/255) و”الشرح الممتع” (6/471-472) وانظر ” لطائف المعارف ” لابن رجب الحنبلي ص(290-291).

فالظاهر : أن الصيام من جملة الأعمال التي يشملها حديث ابن عباس ؛ لأن قول النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – مقدم على مجرد عدم رؤية عائشة ,وكذا فالسنَّة منها قولية ، ومنها فعلية ، فإذا حث الرسول -صلى الله عليه وعلى آله وسلم – على مطلق العمل الصالح في وقت ما ، ولم ينقل عنه أنه لم يعمل ببعض أفراد هذا العموم في ذلك الوقت ؛ فلا تنفى سنية هذا الفعل ؛ لثبوت ذلك عنه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – بالقول ، إلا إذا ظهر تعمُّد الترك لهذا الفرد من أفراد العموم ، وأنَّى لنا ثبوت ذلك ؟ والعلم عند الله تعالى .

( تنبيه ) : ذكر المرداوي في ” الإنصاف ” (3/345) أن المذهب الذي عليه الأصحاب أن أفضل الصيام في العشر : صيام يوم عرفة , ثم يليه صيام يوم التروية . اهـ وهذا محمول على غير الحاج , والله أعلم .

للتواصل معنا