الأسئلة العامة

رجل أراد أن يصوم التاسع والعاشر من شهر محرم ، ففاته صيام التاسع , فهل يصوم العاشر والحادي عشر أم لا ؟

السؤال  : رجل أراد أن يصوم التاسع والعاشر من شهر محرم ، ففاته صيام التاسع , فهل يصوم العاشر والحادي عشر أم لا ؟

الجواب : جاء في ” صحيح مسلم ” برقم (1134) من حديث ابن عباس قال : حين صام رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يوم عاشوراء ، وأمر بصيامه ، قالوا : يا رسول الله , إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى , فقال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – :
فإذا كان العام المقبل -إن شاء الله- صُمْنَا اليوم التاسع قال : فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم .

وقد اختلف في المراد بيوم عاشوراء , أهو اليوم العاشر؟ أم هو اليوم التاسع ؟ وأكثر العلماء على الأول , وظاهر كلام القرطبي في ” المفهم ” (3/194) أنه يميل إلى الثاني , وقد استبعده ابن القيم وعَدَّةُ من نقص فهم الآثار ، وعدم تتبع ألفاظها وطرقها ، انظر ” زاد المعاد ” (2/72) .

وقد استحب أحمد وإسحاق صيام التاسع والعاشر , قال أحمد : ” فإن اشتبه عليه أول الشهر , صام ثلاثة أيام , وإنما يفعل ذلك ليتيقن صوم التاسع والعاشر ” اهـ من ” المغني ” (3/104) وانظر ” لطائف المعارف ” لابن رجب ص (56-57) .

وقال ابن القيم في ” زاد المعاد ” (2/72) : ” فمراتب صومه ثلاثة : أكملها أن يصوم قبله يومًا , وبعده يومًا , ويلي ذلك أن يُصَام التاسع والعاشر , وعليه أكثر الأحاديث ، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصوم ” . اهـ

ونقل نحو ذلك الشوكاني في ” نيل الأوطار ” (4/261) , وعزاه “للفتح” وانظره في ” الفتح ” (4/246) وذكر شيخنا ابن عثيمين – حفظه الله – أن للعلماء قولين في كراهية إفراد العاشر بالصوم . انظر ” الشرح الممتع ” (6/740) .

واستدل من قال بصيام التاسع والعاشر والحادي عشر بحديث ابن عباس مرفوعًا : ” صوموا يوم عاشوراء , وخالفوا اليهود , صوموا قبله يومًا , وبعده يومًا ” . أخرجه أحمد (1/241) وابن خزيمة (3/290-291) برقم (2095) والبيهقي (4/287) وسنده ضعيف , من أجل محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى .

فالذي يظهر : أن صيام التاسع والعاشر هو السنة التي عزم عليها رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وفيها الإمعان في مخالفة اليهود, ومن لم يتمكن من صيام التاسع ؛ صام العاشر , وهو ينوي مخالفة اليهود , الذين يتخذون هذا اليوم عيدًا , فيصومه هو لا بنيَّة العيد , بل بنية الاتباع لموسى عليه السلام , الذي صامه شكرًا لله – عز وجل – على إنجائه إياه من فرعون وقومه ، وبنية الاتباع لنبينا -صلى الله عليه وعلى آله وسلم – .

وإن صام العاشر والحادي عشر ؛ فلا أرى ذلك بعيداً , لوجود علة المخالفة , وقد قال به بعض العلماء , وإن لم يصح الحديث فيه .

ولا يظهر لي أن المخالفة هنا واجبة , وأن من لم يصم التاسع ؛ فقد أثم!! لأن المسألة من أصلها صيام نافلة , لا صيام فريضة , ولأن الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – صام نحو عشر سنوات منذ قدم المدينة , والمسلمون يصومون عاشوراء وحده , وفي آخر سنة عزم رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – على صيام التاسع , فيحمل ذلك على المبالغة في مخالفة أهل الكتاب .

ولم أقف على تصريح أحد من العلماء بوجوب صوم التاسع , إلا ما قاله شيخ الإسلام في ” اقتضاء الصراط المستقيم ” (1/253) فقد قال : ” ثم لما قيل له – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قبيل وفاته : إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى ؛ أمر بمخالفتهم ، بضم يوم آخر إليه , وعزم على ذلك ” . اهـ وليس ذلك صريحًا منه في الوجوب , فقد قال بعد ذلك : ” ولهذا استحب العلماء – منهم الإمام أحمد – أن يصوم تاسوعاء وعاشوراء , وبذلك عللت الصحابة – رضي الله عنهم – ” اهـ

للتواصل معنا