الردود العلمية المقروءة

حقًّا الذي يثير الفتن بين السلفيين هو الشيخ ربيع – هداه الله الحلقة 3

الحلقـة الثـالثة
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد:
فهذه هي الحلقة الثالثة من الرد على الشيخ ربيع المدخلي في رده على مشرفي منتدى “كل السلفيين”:

5- قول كبير هؤلاء الغلاة ربيع المدخلي: “أما المأربي فحدث عنه ولا حرج من دفاعه الظالم الباطل عن سيد قطب، الذي أسلفنا قبل بعض ضلالاته الكبرى، وعن جماعة التبليغ، وعن الإخوان المسلمين، وحتى عن دعاة وحدة الأديان، وحرية الأديان، وأُخُوَّة الأديان -كما في كتابه المسمى زوراً بِـ”الدفاع عن أهل الاتباع”، وأهل الاتباع عنده هم سيد قطب، ومن يتحزب له، والإخوان المسلمون، المجمَّع الكبير لمختلف طوائف الضلال من روافض وخوارج وصوفية، وجماعة التبليغ الضالة، القائمة عقائدهم على تعطيل صفات الله، والخرافات والشركيات، ووحدة الوجود والحلول- ويؤصل لهذا الدفاع أصولاً كثيرة، عرفها أهل السنة، وعلى رأسها المنهج الواسع الأفيح، الذي يسع أهل السنة، أي جماعة التبليغ والإخوان المسلمين، ويسع الأمة كلها”.


والجواب عن ذلك من وجوه:

أ- سبق بيان الفرق بين الدفاع عن مقالة باطلة، وبين عدم موافقة ربيع في فهمه لبعض كلام من خالفه، وإلا فلو وافقناه على فهمه في هذه الجزئية؛ لقلنا بقوله، عملاً بالحق، لا اتباعًا لربيع، فإنه ليس أهلاً لأن يُتبع أو يقتدى به في هذه المواضع التي خالف فيها فهم العلماء، ولا يلزم من القول بقوله أن نتعامل بأسلوبه.

ب- إظهار أن المخالف لربيع في فهم بعض كلمات سيد قطب؛ هو مخالف لعقيدة السلف، وأنه يؤصل أصولاً لهدم العقيدة؛ كلام لا يُقْبل إلا في الميزان الخاسئ المقلوب لربيع وأمثاله.

ج- أُشهد الله على إنكار كل ما خالف فيه سيد قطب وغيره الحق، وقد فصلتُ ذلك في رسالتي: “إعلان النكير على منهج الشيخ ربيع في التكفير” وهي موجودة ضمن “الدفاع عن أهل الاتباع” (2/ 241-462) فارجع إليها عن شئت، وسترى فيها أيضًا مدى تخبط هذا الرجل في هذا الباب الخطير.

د- قوله: “المنهج الواسع الأفيح” لازلتُ أقول به، بل أصرخ به بلا خوف ولا خجل، وقد وضحتُ ذلك بجلاء، فمنهج أهل السنة ليس على فهم ربيع الضيق، ولو سَلِمَ هذا الرجل من الهوى؛ لما ضيق على نفسه وعلى غيره، فإنه لا يلزم مما قلته أنني أضع منهجًا يسع الخوارج والروافض، وكلمة “واسع أفيح” في ذاتها ليست معيبة مطلقًا، فقد قال الحافظ ابن كثير – رحمه الله- في تفسير سورة الانشراح، عند قوله تعالى: [أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ] : “وكما شرح الله صدره؛ كذلك جَعَلَ شَرْعَه فسيحًا واسعًا سمحًا سهلاً لا حَرَجَ فيه ولا إصْر ولا ضيق” اهـ.

هـ- ثم لماذا اقتطع ربيع هذه الكلمات عن سياقها وسباقها، وأنا في مقام الرد على الذين يخرجون الرجل من دائرة أهل السنة بمجرد المخالفة في الحكم على فلان أو فلان، وذكرتُ أن منهج أهل السنة ليس بهذا القدْر من الضيق الذي يقيم الولاء والبراء على المسائل الاجتهادية، ومنها الحكم على الأفراد والجماعات؟ وهاهو ربيع نفسه يرد على مشرفي منتدى “كل السلفيين” الذين نقلوا كلامه في مدح نفسه، والثناء عليها وعلى مؤلفاته، وأسلوبه، وحِذْقه في معرفة المنهج الحق على صِغر سنه، مع ما في ذلك من التشبع، فقد ترنَّح في دروب الإخوان المسلمين نحو ثلاثة عشر عامًا، ومدح من آراء سيد قطب ما عابه بعد ذلك، وقد كان يعدُّ سيدًا قد أصاب منهج الحق منهج الصحابة بهذه الكلمات!! فها هو يرمي مشرفي منتدى “كل السلفيين”بأنهم قطعوا الكلام عن سياقه وسباقه، وعدَّ ذلك خيانة مخزية، وحربًا على السنة وأهلها؛ وها هو يقع في ذلك، فيقتطع الكلمة لمخالفيه عن سياقها وسباقها، وكأن قواعد العلماء إنما هي للدفاع عن تناقضات ربيع وحزبه فقط، فإذا تناقض كلامه، وبيّن أحدٌ تناقضه؛ رماه بالبواقع، بحجة أنه يقتطع الكلام عن سياقه وسباقه، وهذا مخالف لقواعد العلماء!! وإذا قال غيره كلمة ما في سياق واضح جلي، يدل على غيرة المتكلم على دين الله؛ فإنه يُقلّب هذه الكلمة على جميع الجهات السِّت، ويضغط عليها، حتى تلد مولودًا مشؤومًا اسمه الزندقة، أو التأكُّل بالدين، أو المكر بالسلفية وأهلها، أو المروق عن الدين وأهله، أو سقوط المخالف له على أم رأسه …إلى آخر ما هو معروف عنه، فهل هكذا تكون الديانة والأمانة؟!

و- سبق أن أَجَبْتُ على كلامه هذا في هذه الكلمة وغيرها في “الدفاع”(1/ 366-374): فقلتُ هناك: وأما قولي: “نريد منهجًا واسعًا يسع الأمة”، فلا زلت أقوله -ولله الحمد- وقد بينت مرادي بذلك، كما في أشرطة “القول الأمين، في صد العدوان المبين”، وعندما سألني بعض مشايخ المدينة عن ذلك، فأعدت لهم ملخص كلامي الذي في الأشرطة، ولم يعترضوا على ذلك، بل نشروه في بيانهم الأول، الصادر بتاريخ 12/ 3/ 1423ه – وذلك لما كان كثير منهم يدعي الإنصاف والثبات على الحق، لكنه هيهات هيهات، فإنهم إذا غضب ربيع عليهم؛ ضاقت عليهم الأرض بما رحبت!!

وهذا نص كلامي في بيانهم : “المراد به –أي: بهذا القول- عندي: أن منهج السلف يسع في كيفية تعامل أهل السنة بينهم البين، ويسعهم مع مخالفيهم، بالضوابط الشرعية، ولاءً وبراءً، وأما أن يُفهم من ذلك: العملُ بقاعدة “نتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه”، فأبرأ إلى الله من ذلك، وفي كتبي وأشرطتي الرد على هذه القاعدة”.اهـ، علمًا بأن هذه القاعدة المذكورة قد فصَّلْتُ رأيي فيها في كتابي “سلسلة الفتاوى الشرعية“، فماذا بعد هذا البيان – يا فضيلة الشيخ!!-؟!

وكذلك أريد بهذه الكلمة أنه منهج شامل لجميع نواحي الحياة، وأنه ليس منحصرًا في الجرح والتعديل، أو الردود على المخالفين فقط، بل كل من أراد علما؛ فهو عند أهل السنة، ومن قويت نفسه للعبادة؛ فعلى منهج أهل السنة، ومن أحب تعليم الناس أو الخروج للدعوة؛ فبطريقة أهل السنة، وقُلْ نحو ذلك في الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والقصص والمواعظ، والتأليف والتصنيف… إلى غير ذلك، وسياق كلامي -مجتمعًا ومفترقًا- يدل على هذا كله، ولله الحمد.

ثم أليس ربيع هو الذي قال في رسالته “تنبيه أبي الحسن، إلى القول بالتي هي أحسن” (ص40) تعليقًا على قول الغلاة عندنا في اليمن: “إن أبا الحسن يريد –أي بهذه الكلمة- منهجًا جديدًا يدخل فيه جميع الطوائف من تبليغ وإخوان وقطبية ومغراويين وعرعوريين”.اهـ.

فقال الشيخ ربيع معلقًا في الحاشية: “وأقول أنا: إن كان أبوالحسن يريد بهذا المنهج الواسع: المنهجَ الإسلاميَّ الذي يهتم بالقضايا كلها، عقائديًّا، وسياسيًّا، ومعاملاتٍ، وعلاقة الفرد بالفرد، وبالأسرة، وبالمجتمع، ومعالجة المشاكل التي تتصل بالناس في عقائدهم ومناهجهم؛ فحبذا، وإن كان يريد أن منهج السلفيين مثل منهج الإخوان: يسع الروافض، والخوارج، وغلاة الصوفية، وغيرهم من أهل الضلال؛ فالقول به والدعوة إليه في غاية الخطورة، وأرجو أن أبا الحسن لا يريد ذلك“.اهـ.

فها أنت -أيها الشيخ!!- تحتمل لهذه الكلمة احتمالين، أحدهما حسن، والآخر قبيح، ثم إنك نزَّهتني -آنذاك- عن المعنى القبيح، بقولك: “وأرجو أن أبا الحسن لا يريد ذلك” فما هو الجديد الذي طرأ عليك، حتى حَشَرْتَ هذه الكلمة في جملة ما تنتقده عليَّ، وجعلتني ممن يؤصِّل للضلال؟!! الجواب يعرفه كثير من الناس، والحمد لله رب العالمين.

هذا، ولو فرضنا أن ربيعًا لم يقل هذا، ولم يقل بعض أهل المدينة ما قالوه، أليس منهج الرجل وعُرْفه وكلامه الآخر، ومواقفه الأخرى، بل سياق كلامه، كل ذلك يبين مراده؟! والجواب: بلى، وسيأتي هذا مفصَّلاً إن شاء الله تعالى – في مسألة المجمل والمفصل، [فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ] {الرُّوم:60}.

وأيضًا: فمن المعلوم -عند أهل العلم والإنصاف- أن الكلمة إذا كانت محتملة، فسئل عنها صاحبها، فكشف عن مراده بمعنى حسن؛ فإن العبرة بالمعاني، لا بمجرد الألفاظ، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في “الرد على البكري” (1/ 263): “وما زال أهل العلم إذا انتهى النـزاع بينهم إلى الألفاظ، مع اتفاقهم على المعاني؛ يقولون: هذا نزاع لفظي، والنـزاع اللفظي لا اعتبار به، يستهينون بالنـزاع في الألفاظ، إذا وقع الاتفاق على المعاني التي يعقلها الأيقاظ، ولكن من كان نزاعه لفظيًّا، وأَوْهَم الناس أن النـزاع فيما يتعلق بالأصول، ويجعل ذلك من مسائل سب الرسول؛ عُلم أنه ظلوم جهول، وإن كان مصيبًا في الإطلاق، فكيف إذا كان ضالاًّ مفتريًا في اللفظ والمعنى جميعًا“اهـ.

وفي “مدارج السالكين” (3/ 520-521) ذكر ابن القيم – رحمه الله- كلامًا لأبي إسماعيل الهروي الملقب بـ(شيخ الإسلام)، ظاهره القول بالاتحاد، فحمله على محمل حسن -مع تخطئته إياه في العبارة- ثم قال: “والكلمة الواحدة يقولها اثنان، يريد بها أحدهما أعظم الباطل، ويريد بها الآخر محض الحق، والاعتبار بطريقة القائل، وسيرته، ومذهبه، وما يدعو إليه، ويناظر عليه، وقد كان شيخ الإسلام -قدّس الله روحه- راسخًا في إثبات الصفات، ونفي التعطيل، ومعاداة أهله، وله في ذلك كُتُبٌ، مثل كتاب «ذم الكلام» وغير ذلك مما يخالف طريقة المعطلة والحلولية والاتحادية…”إلخ اهـ.

فما أشبه هذا الكلام -في كثير منه- بالحال الذي نحن فيه اليوم، فسبحان الله، الذي جعل لكل قوم سلفًا!!

وأما الكلام عن الشيخ المغرواي والشيخ عدنان عرعور؛ فموقفي منهما واضح، وأنهما من أهل السنة، ونفع الله بهما، وإذا ظهر عن أحدهما شيء يخالف الحق – وكلنا كذلك- فالنصيحة بما يليق بقدرهما، وبما يُصْلِح ولا يُفسد، وهذا موقفي من جميع العلماء والدعاة وطلاب العلم.

– ثم قال ربيع – هدانا الله وإياه-: “ألا تراه يقول: لكن ما نصحح الأخطاء بهدم الأشخاص، صحيح، رجل عنده خير، وزل زلة أو زلات؛ نصحح ما عنده، ولا نهدمه، ولا نهدم الخير الذي عنده، إذا كان واقفًا أمام العلمانيين، أو المنحلين،أو دعاة الانحلال والتحلل“.اهـ نقلاً من “الدفاع عن أهل الاتباع“.

قلت: فأنت ترى ربيعًا – عافنا الله وإياه- لم يأت بكلامي الذي صدَّر به رسالته كاملاً هنا، وذلك -فيما يظهر- لأمر مريب؛ لأنه يتهمني بأنني أدافع عن الصوفية والروافض، وعن أخطاء الحزبيين من الجماعات الموجودة اليوم، فلو أكمل كلامي، لانكشف بطلان اتهامه!! ومن هنا يجد في هذا البتر -المؤقت- ما يموه به على القارئ!! ولذلك قال بعد ذلك مباشرة: “فهل هذا الكلام يقوله السلف؟! فإذا كان هؤلاء حربًا على المنهج السلفي وأهله، فهو منهج ضيق، ويثير الفتن بين المسلمين، ويفرق جمعهم، وعلماء هذا المنهج جواسيس، وعملاء، وخونة، وأتباع ذيل بغلة السلطان، إلى آخر التشويهات التي يشيعونها في كل المجالات التي يخوضونها…” . اهـ.

فأقول: تتمة كلامي التي لم يذكرها هذا الأستاذ!!، وهو قولي: “…أو كان واقفًا أمام الصوفية، أو كان واقفًا أمام الروافض، أو كان واقفًا أمام الحزبيين المشوِّهين للدعوة السلفية، وزل زلات؛ هذا لا نهدمه، ونصحح هذه الأخطاء”.اهـ.

فقولي هذا يُخرج من رمى علماء المنهج السلفي -حقًّا- بأنهم عملاء وجواسيس، وأتباع ذيل بغلة السلطان…إلخ، ويُخِرِجُ من كان منهجه يسع الروافض وغلاة الصوفية، فهذا يوضِّح لك -أخي القارئ- أن في إسقاط هذا الرجل لهذا الجزء من الكلام، ما يدل على أن وراء الأكمة ما وراءها، فواعجباه ثم واعجباه، ثم واغوثاك ربّاه!!.

– وقول ربيع: “فهل هذا الكلام يقوله السلف؟!”، أقول: نعم، وقد سبق من كلام الذهبي وابن القيم -رحمهما الله تعالى- وغيرهما من أهل العلم المعاصرين نقل ما يدل على ذلك، بل سبق ما نقله الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ عن الإمام أحمد، فارجع إليه، فماذا أنت قائل يا شيخ ربيع في هذه النقولات التي تزعم براءة السلف من مثل هذه الكلمات؟! وهل ستعلن رجوعك إلى الحق؟ أم أنك ستشنع وتجدِّع، فإذا ألقمك خصمك الحجة الدامغة، تسكت، وتروغ هنا وهناك، ولا تسلّم بأن خصمك مصيب في هذا الموضع، ثم تنتقل إلى كلام آخر، وبعد فترة تعود إلى كلامك الأول، وتدعي بأن السلف لم يقولوا بكذا أو كذا؟! هذا حال الرجل المريب، [وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ]{النور:40}.

– قال ربيع: “ونقول: لما كان المعتزلة يواجهون الملاحدة والفلاسفة والروافض، فهل قال علماء السنة من هذا الكلام الذي قاله أبوالحسن…؟!”.

الجواب: أذكِّر القارئ اليقظ بأن قولي: “نصحح ولا نهدم” في أهل السنة لا في أهل الاعتزال والضلالات والأهواء.

وأيضًا: فالعلماء قد اعترفوا بحسنة الأشاعرة في ردهم على المعتزلة، وكذلك اعترفوا بما عند المعتزلة من خير في ردهم على الفلاسفة والروافض – وهذه حالات طارئة لسبب شرعي ، والأصل عدم ذِكْر ذلك بدون ظلم لهم، أو افتراء عليهم – وقد ذكرت طرفًا من ذلك في “قطع اللجاج”؛ فلا حاجة لإعادة ذلك، فارجع إليه في “مجموع الفتاوى” لشيخ الإسلام (3/ 348 – 349) ، (4 / 11) ، ( 5/ 557 – 558) ، ( 13 / 95 – 99)، و؟”درء تعارض العقل والنقل” (2/ 102،100)، “ومنهاج السنة النبوية ” (4/ 38 ،135)، وانظر كلام أحمد في “السنة للخلال” (1/380/ 531)،وكلام الشيخ ابن باز في “مجلة البحوث الإسلامية”(10/ 299) وانظر أيضًا “مجموع فتاوى ومقالات متنوعة” للشيخ ابن باز -رحمه الله- (3/ 36 وما بعدها) وغير ذلك مما يدل على أن ربيعًا لم يستفد من هذه النقولات، التي جمعتها بين يديه، ففي هذه المواضع بيان أن من حسنات بعض المخالفين الرد على أهل البدع الذين وقعوا فيما هو أشد من بدعتهم، هذا فيمن عُرفوا بالبدعة، فكيف بأهل السنة الذين يرميهم ربيع بالبدعة زورًا وبهتانًا، وهم أسعد منه بمنهج السلف؟!

فما عسى أن يقول ربيع بعد هذه الإحالات عن شيخ الإسلام ابن تيمية؟ فهل سيقول: “مميع”، أو “صاحب موازنات”، أو “جاهل بمنهج السلف”، أو “يفتح الباب لأهل البدع”، أو “حزبي متستر”، أو”أضر على الإسلام من اليهود والنصارى”…، أو غير ذلك من بضاعته التي لا تنفق إلا على العميان الذين حُرِموا الاطلاع على هذه النصوص السلفية، والأدلة المرضية؟!! وقد سمعتُه مرة يعلق على قول شيخ الإسلام ابن تيمية، وقد نقل الإجماع عن أهل السنة على أن الرجل يُحَب ويُبْغض، ويُوصل ويُهْجَر، على حسب ما فيه من خير وشر، وسنة وبدعة، فقال الشيخ ربيع معلقًا غير راضٍ بهذا الإجماع: “غفر الله لابن تيمية، فتح الباب أمام الإخوان المسلمين”!! فقلتُ له: كلام شيخ الإسلام حق، ولا يجوز دفعه، وهل الإخوان المسلمون أسْعد بابن تيمية مِنَّا؟! ومعلوم أن المؤمن تجتمع فيه طاعة ومعصية، وهذا مذهب أهل السنة بخلاف الخوارج، والطاعة توجب المحبة، والمعصية توجب البغض، فقد يجتمع في الرجل الواحد موجِب هذا، وموجِب ذاك، وقد قال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فيمن أُتي به للحد على شرب الخمر، وقد لعنه رجل: “لا تلعنه؛ فإنه يحب الله ورسوله” فاجتمع فيه حب الله عز وجل ورسوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وحب شرب الخمر، ولم يُذْهِب شُرب الخمر أصْلَ محبة الله ورسوله، وإن أذهب كمالها الواجب، فتأمل، ولا تنخدع بأعاصير ربيع المدخلي!!

ثم تساءل ربيع، فقال: “ثم هل السلفيون لا يقفون في وجه العلمانيين والروافض…إلخ؟!”.

وجوابي: أن السلفيين -حقًا- هم الذين يقفون في وجه أهل الكفر والأهواء وقفات صحيحة، قائمة على العلم والبصيرة في الدين، مع الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وهم حقًّا الذين لهم تأثيرهم على الباطل وأهله، لا أهل الإفراط أو التفريط، الذين ربما تأثروا بأهل الباطل، أو بالغوا في الإنكار – كما هو حال الغلاة – فجرّوا على الدعوة شرًّا، أو لم يهتموا إلا بتفتيت الصف السلفي، بسبب قضايا اخترعوا لها كيفية معينة، ووالوا وعادوا عليها، فسلكوا مسلك أهل الأهواء بذلك، مع ظنهم أنهم يحسنون صنعا، كما هو حال ربيع وعصابته، وانظر “مجموع الفتاوى” (3/ 348-349).

وقوله: “وهل يكفي أن نشير إشارة سريعة، إلى أفاعيلهم الشنيعة…إلخ“، لا أدري أين موضع هذه الإشارة التي يعنيها ربيع؟! وعلى كل حال: فردودي على مخالفي منهج السلف كثيرة، وبعضها كتب تضم المئات من الصفحات، لكن لا يلزم أن تكون بأسلوب ربيع وزمرته، وهي ليست مجرد إشارات سريعة يا صاحب الفضيلة !!ولوجمعتَ ردود أتباعك ، وقارنتها بما كتبتُ وسَجَّلْتُ؛ لرأيتَ الحق واضحًا، لكن الأمر كما قيل:
وعينُ الرضا عن كلِّ عيبٍ كليلةٌ كما أنَّ عين السُّخْطِ تبدي المساويا!!

ثم إن الرد على المخالف قد يكون مبسوطًا في موضع،مختصرًا في موضع آخر، ولم يوجب الله علينا أن نرد على المخالفين بطريقة موسعة دائمًا، أو بطريقة ربيع؛ فخير الهدي هدى محمد – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- والخير كله في اتباع من سلف، وخير الأمور السالفات على الهدي!!

– ثم ذكر ربيع: أن السلف كانوا يُسْقِطُون الرجل الذي يزل زلة واحدة في العقيدة، فهل هؤلاء هدامون مفسدون، أعداء الدعوة السلفية؟!.

والجواب: أن أئمة السلف الكرام حاشاهم من نسبة القبيح إليهم، فلله درّهم، وعلى الله أجرهم، فهم حملة الدين ونقلته، ورواته وأمَنَتُهُ، من أجله هجروا الأوطان والخلان، وميزوا الصحيح من الكذب والبهتان، فأسأل الله أن يجزيهم عنا خير ما جزى الصديقين والصالحين.

لكن الخطأ مردود حيثما كان، وفَرْقٌ بين السلف وبين بعض من ينتحل مذهبهم اليوم، كالفَرْقِ بين السماء والأرض!!.

وأيضًا: فإطلاق ربيع بأن السلف كانوا يسقطون الرجل إذا زل زلة في العقيدة؛ غير مسلَّم به، فقد سبق عنه نفسه: أن هذا الإطلاق هو مذهب الخوارج،وأنه المذهب الحدادي النجس،فكيف يطلق هذا القول هنا!!

نعم في المسألة تفصيل معروف، وقد يزل الرجل زلة يخالف فيها النص القطعي، والإجماع المتيقن، والقياس الجلي القائم على العقل الصريح والنقل الصحيح، متبعًا في ذلك لهواه، فهذه زلة تسقطه ولا كرامة، وقد تكون زلة من عالم رباني في أمر فيه اشتباه، أو للاجتهاد فيه مجال، فلا يسقط لذلك، بل لا يُحرم من أجر، لكن يجب بيان الحق مهما كان، حتى المسائل القطعية المعلومة من الدين بالضرورة تختلف من شخص لآخر، كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- في بعض الأقوال: “فإن القول الصدق إذا قيل فإن صفته الثبوتية أن يكون مطابقًا للخبر، أما كونه عند المستمع معلومًا، أو مظنونًا، أو مجهولاً، أو قطعيًّا، أو ظنيًّا، أو يجب قبوله، أو يحْرُم، أو يكْفُر جاحده، أو لا يكْفُر؛ فهذه أحكام عملية تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال” اهـ من “مجموع الفتاوى” (6/ 60) وقال أيضًا في (23/ 347): “وكون المسألة قطعية أو ظنية؛ هو من الأمور الإضافية، وقد تكون المسألة عند رجل قطعية لظهور الدليل القاطع له، كمن سمع النص من الرسول، وتيقَّن مراده منه، وعند رجل لا تكون ظنية، فضلاً عن أن تكون قطعية؛ لعدم بلوغ النص إياه، أو لعدم ثبوته عنده، أو لعدم تمكنه من العلم بدلالته” اهـ، ثم ذكر حديث الذي قال لأهله: “إذا أنا متُّ فاحرقوني ….” إلخ كلامه حول هذا الحديث.

وقال في (19/ 210): “فكون المسألة قطعية أو ظنية هو أمر إضافي، بحسب حال المعتقدين، ليس هو وصْفًا للقول نفسه، فإن الإنسان قد يقطع بأشياء علمها بالضرورة، أو بالنقل المعلوم صِدْقُه عنده، وغيره لا يعرف ذلك لا قطْعًا ولا ظنًّا، وقد يكون الإنسان ذكيًّا، قويَّ الذهن، سريع الإدراك، فيعرف من الحق، أو يقطع به ما لا يتصوره غيره، ولا يعرفه لا علمًا ولا ظنًّا، فالقطع والظن يكون بحسب ما وصل إلى الإنسان من الأدلة، وبحسب قدرته على الاستدلال، والناس يختلفون في هذا وهذا، فكون المسألة قطعية أو ظنية ليس هو صفة لازمة للقول المتنازع فيه، حتى يقال: كل من خالفه خالفَ القطعي، بل هو صفة لحال الناظر المستدِل المعتقِد، وهذا مما يختلف فيه الناس” اهـ، مستفادًا من بحث ابن قديش اليافعي.

لكن هذا الرجل إذا كان في صدد الرد على طائفة ما أصّل أصولاً، فإذا رد على أخرى؛ نقض ما كان قد أبرمه وعَقَده من قبل، واستدل بأدلة الطائفة الأولى التي كان ينكرها من قبل، وتنكَّر لأدلته ضد الطائفة الأولى، ولا أدري أهذا منه ذهول إلى هذا الحد، أم شيء آخر هو الهوى، والمهم التهويش في الميدان، وإظهار أنه المدافع عن السلفية، ولو كان كالتي نقضت غزلها من بعد قوةٍ أنكاثًا؟! والله المستعان.

هذا،وقد اختلف الصحابة في مسائل عقدية علمية؛ كرؤية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه في المعراج، ولم يسقط بعضهم بعضا؛ فقد قال شيخ الإسلام- كما في “مجموع الفتاوى” (19/ 123)-: “وتنازعوا -أي الصحابة- في مسائل علمية اعتقادية؛ كسماع الميت صوت الحي، وتعذيب الميت ببكاء أهله، ورؤية محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه قبل الموت، مع بقاء الجماعة والأُلْفة“.اهـ. وبنحوه في (24/ 172)، وانظر:”الدرر السنية” (10/ 246).

وقال شيخ الإسلام أيضًا -كما في “مجموع الفتاوى” (6/ 502)-: “وليست هذه المسألة -يعني مسألة رؤية الكفار ربهم يوم القيامة- فيما علمت مما يوجب المهاجرة والمقاطعة؛ فإن الذين تكلموا فيها قبلنا، عامتهم أهل سنة واتباع، وقد اختلف فيها من لم يتهاجروا ويتقاطعوا، كما اختلف الصحابة رضي الله عنهم والناس بعدهم في رؤية النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه في الدنيا، وقالوا فيها كلمات غليظة؛ كقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: (من زعم أن محمدًا رأى ربه؛ فقد أعْظم على الله الفرية!!)، ومع هذا، فما أوجب هذا النـزاعُ تـهاجرًا ولا تقاطعًا، وكذلك ناظر الإمام أحمد أقوامًا من أهل السنة في مسألة الشهادة للعشرة بالجنة، حتى آلت المناظرة إلى ارتفاع الأصوات، وكان أحمد وغيره يرون الشهادة، ولم يهجروا من امتنع من الشهادة،إلى مسائل نظير هذه كثيرة“.اهـ. فأين هذا مما يفعله هؤلاء الغلاة من إشاعة الفاحشة بين المؤمنين؟!!

ولعل ربيعًا – عندما يرى هذه النقولات التي ترد إطلاق القول بسقوط من خالف فزلّ زلة واحدة في العقيدة، – يقول: أنا أعني كذا، وأقصد كذا، فلماذا لم يقبل من غيره مثل هذه الاعتذارات؟! ولماذا يمنع من حمل المجمل على المفصل، إذا ظهرت قرينة لذلك؟! مع أنه ليس له هنا سياق يدل على ما يقوله أصلاً!! ومع كونه يمنع من حمل المجمل على المفصّل؛ فقد قال به، كما نقلتُ ذلك عنه في “الدفاع” وأيضًا فقد قرأ أو راجع كتابًا لمحمد الإمام، أسماه “الإبانة …” وفيه إقرار حمل المجمل على المفصل، ولم يتعقب ذلك في ذلك، وقد كانوا من قبل يعدون هذا القول من أصول الضلال والمروق من السنة، فسبحان الذي قد أحاط بكل شيء علمًا.

فالشاهد: أن ربيعًا لولوعه بالإسقاط للمخالف، أطلق في موضع التقييد، ونسب إلى السلف-بإطلاق – قولاً غير سديد، كل هذا ليمشِّي على الناس تناقضاته، لكن في الزوايا بقايا، والله أعلم”.

6- قول ربيع فيّ وفي الشيخ المغراوي – أكرمه الله- : “وقد اجتمعت كلمة ثلاثة عشر عالمًا من علماء السنة على إدانة هذين الرجلين وأصولهما، فسخر منهم وأسقطهم” اهـ.

والجواب: أطالب ربيعًا المدخلي بتسمية هؤلاء العلماء، ليعرف القراء من هم علماء السنة عند ربيع؟! أطالبه بنقل نص كلامهم فينا، ليُعلم المحق من المبطل!! ومعلوم أن المراد بالعلماء هنا أتباعه، وقد صرح بذلك في رده على الحلقة الأولى من هذا الرد، في (ص7) من رده المسمى “تنبيه المغرور إلى ما في مقال أبي الحسن ومنهجه من الضلال والشرور” الحلقة الأولى، وذكر أنهم علماء اليمن، ومكة والمدينة، أي أتباعه أيضًا في هذه الأمصار، وإذا كان كذلك؛ فلا يهولنَّك الأمر أيها الطالب للحق، فالرد على ربيع ردٌّ عليهم جميعًا، وسيأتي ما يدل على أنهم قلدوه في ذلك.

وإذا كان ربيع إذا خالفه أحد يسارع لنقل كلام سماحة الشيخ ابن باز، وفضيلة الشيخ العثيمين، ومحدث العصر الألباني في التزكيات العامة له، ويحكم على من خالفهم فيه بأن كلامه لا قيمة له، وأن تزكيات هؤلاء في مدحه أحرقت قلوب وكبود مخالفيه، إذا كان أمره كذلك؛ فقد زكى بعضُ هؤلاء العلماء طريقتي على وجه التفصيل لا الإجمال، فانظر إقرار الشيخ ابن عثيمين لما فصلته في “السراج الوهاج” الذي أقض مضاجع ربيع وحزبه، وانظر ما قاله فيّ شيخنا الألباني – رحمه الله- في أشرطة “سلسلة الهدى والنور” الخاصة بمجالسي معه، وكم هي السنين التي عملتُ فيها في الدعوة إلى الله – عز وجل- تحت إشراف ودعم سماحة الشيخ ابن باز، إلى أن توفاه الله – رحمة الله عليه- وكم كان يدلّ أهل مأرب وما جاورهم من القبائل عليَّ، ومع أن هذا ليس هو الأصل عندي، لكنني أظهر بذلك تناقض ربيع واتباعه هواه، وكيْله بمكاييل متضاربة!!

فمن هم هذا العدد من علماء السنة يا أستاذ؟! أطالبه أن يسميهم، ليعرف الناس قوله بعد ذلك في بعض هؤلاء الذين وَصَفهم بالعلماء عندما خالفوه، وليعلموا أنه يجعل المرء عالمًا وعلامة ومجاهدًا سلفيًّا إذا ظن أنه على مشْربه، ثم يجعله تافهًا حقيرًا ساقطًا دنيئًا إذا خالفه، فهل اتباع الهوى إلا كذلك؟

7- أقسم ربيع أنه يتمنى أن ترجع الأمة وتجتمع على الكتاب والسنة، وأنه يسعى جاهدًا للمّ شمل السلفيين، وجمع كلمتهم بأقواله وأفعاله، وأنه إذا رأى خلافًا بين السلفيين فإنه لا يهدأ له بال، فيسعى لرأب الصدع بالمصالحة هنا وهناك، وأن هذا دأبه، وأن هذا أمر معروف جدًّا عند السلفيين في كل مكان، وأنه قد لا يتم له ما يريده ويسعى فيه لكثرة الهدامين، وأخطر هذه الفئة: الحلبي، وعرعور، والمأربي، ومن وراءهم. اهـ ملخّصًا.

والجواب من وجوه:

أ- أما تمني ربيع اجتماع كلمة الأمة على الكتاب والسنة؛ فهذه أُمنية كل مخلص، لكن ربيعًا لا يريد اجتماعهم إلا على فهمه هو للكتاب والسنة، وفرق بين الأمرين!! فالحمد لله الذي لم يحقق له هذه الأمنية بهذا القصد العاطل الباطل!!

ب- وأما مدحه لنفسه بحرصه على لمّ الشمل، ورأْب الصدع؛ فهذا من الأكاذيب، والدعاوى العاطلة، وللأسف أنه مع أعماله السيئة كلها فإنه يدعي أن هذا دأبه، وأنه يسعى إلى ذلك جاهدًا بأقواله وأفعاله!! فهل الرجل الذي سوّد الصفحات بالهجوم على السلفيين – بزعم أنهم ليسوا سلفيين لا من قريب ولا من بعيد- وفرّق الصفوف، وهدم مراكز السنة بالانقسام والتربّص، وشغل الطلاب عن العلم والدعوة بالجدال والهجر، ونأى بهم عن التزكية إلى أودية السباب والطعن والافتراء والكذب والبهتان، وجعل أتباعه يسجلون كلام مشايخهم وزملائهم، ويراسلونه به، ليستدل به على ضلالهم والتحذير منهم، وجعل الطلاب كالمخابرات على بعضهم، كل يخاف تربص الآخر به، وربما يقول أحدهم في أخيه ما لا يعتقد حذرًا من اتهامه، ويقاطع من يحب، حذرًا من التشهير به، فهذه آثار ربيع وبصماته السوداء على الدعوة وأبنائها!!

هل كل هذا من السعي الحثيث، وبذل الجهد الجهيد للمِّ الشمل بالقول والفعل؟! ألا يستحيي هذا الرجل من هذا التزوير وقلب الحقائق؟! ألا يدري أن أصحابه قد انفرط نظمهم بسبب قواعده التشطيرية، والتي تؤدي إلى التشظّي والعداوة؟! هل هذا الرجل يعيش في كوكب آخر، أو لا يدري ما يدور حوله، أو لا يعلم كم خصومه في المشارق والمغارب؟!

ج- وهل مدحه لنفسه في هذا الموضع يُقبل منه إذا كان الواقع يدفعه؟ وهل حُسْن ظنه بنفسه يستلزم سلامته من هذه المزمنات؟ وقد قال العلامة ابن الوزير في “إيثار الحق على الخق” (ص426): “…. فإن العصمة مرتفعة، وحُسْن ظن الإنسان بنفسه لا يستلزم السلامة من ذلك– أي الوقوع في الكفر والبدعة- عقلاً ولا شرعًا، بلالغالب على أهل البدع شدة العجب بنفوسهم، والاستحسان لبدعتهم، … وقد كثرت الآثار في أن إعجاب المرء بنفسه من المهلكات … ودليل العقوبة في ذلك: أنك ترى أهل الضلال أشد عجبًا وتيهًا وتهليكًا للناس، واستحقارًا لهم، نسأل الله العفو والمعافاة من ذلك كله” اهـ.

د- وأما وصْف ربيع لنا بالهدامين – وذلك عندما أيس الغلاة أن نسلك مسلكهم- فهو في الحقيقة مدح، لأن معناه أننا وضعنا أقدامنا على طريق الإنصاف والبناء والتماسك، ونسأل الله الثبات حتى الممات.

8- قول ربيع مدافعًا عن مدحه نفسه: “والعلماء قد يحتاج أحدهم إلى الثناء على نفسه إذا تكالب عليه أهل الباطل، مثل تكالبهم على العلامة الألباني – رحمه الله- فيرد على طعن وتشويه هذا، وطعن وتشويه ذاك؛ أمر يعرفه طلاب العلم فضلاً عن العلماء” اهـ.

والجواب من وجوه:

أ- نعم العلماء يدافعون عن أنفسهم أمام أهل الباطل، وبالأسلوب الذي فيه انتصار للحق لا للنفْس، أما أنت فتمدح نفسك في ردك على من هو أعلم منك، وأنفع للإسلام وأهله، فقد وقع مدحك لنفسك في ردك على الشيخ بكر بن عبدالله أبوزيد – رحمه الله- ومدحت نفسك وأسلوبك الرصين وبلاغتك في كتابك!!

ب- هل يستطيع ربيع أن يأتي بنص عن شيخنا الألباني – رحمه الله- يمدح نفسه بما مدح به ربيع نفسه، كأن يمدح أسلوبه وبلاغته، أو يمدح تحقيقه للحديث بما قاله ربيع؟، فقد قال كما في “مجموع الكتب والرسائل” (8/ 236) يصِف بحثاً قام به في رسالته المقدمة لنيل شهادة الماجستير (بين الإمامين مسلم والدارقطني) بتصحيحه لحديث في مسلم تكلم في ضعفه طائفة من أهل العلم؛ قال : ولو دَرَسَ أبو حاتم وغيره من الأئمة، حتى البخاري (الحديث) دراسة وافية لما تجاوز في نظري النتائج التي تَوصّلتُ إليها ، لأنني بحمد الله طبّقتُ قواعد المحدثين بكل دِقّة ولم آل في ذلك جهداً.

وهنا سؤال أوجهه لهذا الذي بلغ درجة الأستاذية في علم الحديث!!: لو طَبَّق أحد الباحثين اليوم قواعد المحدثين، ولم يأل جهدًا في ذلك، هل يلزم من ذلك أن يوافقه الأئمة النقاد الحفّاظ الذين هم أوعية العلم على ما خلص إليه من نتائج؟ لاشك أن أي طالب علم عاقل – فضلاً عن عالم أستاذ!!- لا يساوي بين الأمرين، لأننا مجرد باحثين، أما أولئك فحفاظ، والباحث إنما يبحث في حدود ما توصل إليه من طرق للحديث عبر الفهارس – وقد كانت الوسائل التقنية في البحث غير متطورة أيام رسالة ربيع كاليوم- أما الحفاظ فشيء آخر، فربيع قد جمع في هذا الموضع بين مدح نفسه وتحقيقه، ولا أظنه يستطيع أن ينقل نحو هذا عن شيخنا الألباني – رحمه الله وغيره من الأئمة- وأضاف إلى ذلك بيان معرفة قدره في هذا الشأن الذي يدعي أنه بلغ فيه درجة الأستاذية!! ولا أظن هذا الرجل يجهل الفرق بين الحالتين؛ فإن هذا لا يجهله كثير من طلبة العلم المبتدئين، إلا أن إعجابه بنفسه واجتهاده أرداه إلى هذه الحمأة الآسنة، ونسأل الله الستر.

ج- نعم قد يقول بعض العلماء في تحقيقهم لحديث ما: وهذا تحقيق لا تجده إلا في هذا الموضع، يعني بذلك إذا ما قورن بتحقيقات غيره من الباحثين المعاصرين، أما أن يكون البخاري وأبو حاتم لا يزيدان على ما وصل إليه ربيع المدخلي في موضع ما – علمًا بأن في أعماله الحديثية فضلاً عن غيرها من الخلل ما لا يليق بالدرجة التي يفاخر بالحصول عليها- فلا يعدو أن يكون ذلك تشبعًا وافتئاتًا وإعجابًا، والله المستعان.

د- ثم هذه بعض المواضع التي أفادنيها بعض طلبة العلم – جزاهم الله خيرًا- وكلها تدل على الفرق الواسع والبْون الشاسع بين عُجْب ربيع وتيهه، وبين تواضع شيخنا الألباني – رحمه الله- والذي يدعي أنه مقتدٍ به في مدحه نفسه، وثنائه عليها، عندما تكالب عليه أعداؤه!! أذكرها مع مطالبتي لربيع بنصوص عن الألباني تؤيد قوله في موضع نزاعي معه!! ولو صحَّ أن الشيخ الألباني مدح نفسه بطريقة ربيع لكرهتُ هذا منه أيضًا، لكن الذي أعلمه عنه خلاف ذلك:

(1) في الشريط (8) من “سلسلة الهدى والنور” سائل ينقل للشيخ مَنْ وَصَفَهُ بقوله: “الحافظ الألباني” مفسِّرًا الحفظ بالمعرفة، كما فسره الحافظ ابن حجر مع شيخه العراقي، وأن الشيخ وقف على ما لم يقف عليه غيره من المتون والأسانيد، وسأل الشيخ عن ذلك، فقال الشيخ – رحمه الله-: “أنا على كل حال –أولاً- لا أرضى بهذا اللقب، ثانياً: القضية تعود إلى المعنى المصطلح عليه، الذي تذكره الآن عن الحافظ ابن حجر مع شيخه العراقي، هذا اصطلاح خاص، ليس على الاصطلاح العام المذكور في كتب المصطلح: أن الحافظ الذي يحفظ كذا ألف حديث …. هذا هو الاصطلاح العام، أما أن يقال: إن المقصود هو الاطلاع على ما لم يطلع الآخرون والمعرفة أيضًا؛ هذا يكون اصطلاحًا خاصًّا، وأنا على كل حال يعني أتبرأ من أن يصفني أحدٌ بهذه الصفة، سواء بالمعنى الاصطلاحي العام، أو بهذا المعنى الخاص، وإنما أنا كما أقول دائمًا وأبدًا: طالبُ علمٍ، أجتهد أن أطَّلع بقدر ما أستطيع” اهـ.

(2) وقال الشيخ الحويني – حفظه الله- في كتابه “تنبيه الهاجد”: “فمن ذلك: أنني كلما التقيتُ به – أي بشيخنا الألباني رحمه الله- قبَّلْتُ يده، فكان ينزعها بشدَّة، ويأبى عليَّ، فلما أكثر، قلتُ له: قد (تعلمنا) منكم في بعض أبحاثكم في “الصحيحة” أن تقبيل يد العالم جائز، فقال لي: هل رأيت بعينيك عالماً قطُّ؟ قلتُ: نعم، أرى الآن، فقال: إنما أنا طويْلبُ علمٍ، إنما مثلي ومثلكم كقول القائل: إن البُغَاثَ بِأَرْضنَا يَسْتَنْسِرُ!!“.

(3) وفي “سلسلة الهدى والنور” الشريط (640) قال الشيخ بعد أن أثنى عليه بعض الحضور: “أشكر الأخ الأستاذ إبراهيم على كلمته، وعلى ثنائه ، وليس لي ما أقوله لقاء ذلك إلا الاقتداء بالخليفة الأول أبي بكر الصديق – رضي الله تعالى عنه- الذي كان الخليفة الحق والأول لرسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم- ومع ذلك فكان إذا سمع شخصًا يُثْني عليه خيراً – وأعتقد أن ذلك الثناء مهما كان صاحبه قد غلا فيه فما دام أنه خليفة رسول الله فهو بحق- ومع ذلك – الله المستعان- ، ومع ذلك كان يقول: اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني خيرًا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، هذا يقوله الصديق الأكبر، فماذا نقول نحن من بعده؟ فأقول – اقتداءً به- : اللهم لا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني خيرًا مما يظنون، واغفر لي ما لا يعلمون، الحَقُّ – والحَقَّ أقول- لَسْتُ بذاك الموصوف الذي سمعتموه آنفاً من أخينا الفاضل إبراهيم، وإنما أنا طالب علم، لا شيء آخر، وعلى كل طالبٍ أن يكون عند قول النبي – صلى الله عليه وآله وسلم-: (بلغوا عني ولو آية، بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار) رواه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو” اهـ.

(4) وفي الشريط (10) من “سلسلة الهدى والنور” يقول – رحمه الله- : فنحن لا نتزعم جماعة إطلاقًا, إنما أنا طالب عِلْم، مُنْكَبٌّ على البحث و التحقيق, و أهل العلم هم الذين يعرفون حقيقة ما أقول اهـ.

فهل يشك من وقف على هذه النقولات عن شيخنا الألباني – تغمده الله بواسع رحمته- أن ادّعاء ربيع أنه مقْتد به في ثنائه على نفسه أمام خصومه؛ أنه ادعاء باطل، وانتحال زائل؟!! فها هو الشيخ – رحمه الله- يجيب في موضع النـزاع: أنا لستُ عالمًا، أنا طالب علم، أنا طويلب علم، أما ربيع فيقول عن نفسه: “والشيخ ربيع” ويصف نفسه ومن قلده بأنهم علماء السنة، بل من الذين استفاضت عدالتهم، واشتهرت أمانتهم، وحشر نفسه من جملة من يُمتحن بهم الناس في هذا العصر، فكان محنته محنة ابتلاء ودمار لا محنة معرفة واختبار!!

9- الجواب على كلام ربيع في فقرة :ولا أُجيز لنفسي ولا لغيري أن يمتحنوا أحدًا من المسلمين بحب أو بغض شخص أو طائفة …” ذكرته موسّعًا في “الدفاع” (1/ 178-183) ما يغني عن إعادته، فارجع إليه.

وبصفة عامة: فإن ملاحظات ربيع المدخلي لم يذكر منها صاحب الفضيلة الشيخ ابن عثيمين – رحمه الله- شيئًا، وكذا صاحب الفضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين – رحمه الله- وكذا سماحة المفتي العام للمملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، وهذا يدلّك على أن منهجه في النقد يخالف منهج هؤلاء الأئمة، فاللوم يتوجّه عليه لذلك، ولما ذكرته من أدلة تفصيلية ترجح صحة ما ذهبتُ إليه، وقد كانت استدراكات ربيع شكلية لفظية، وليس أكثرها بمتعين أيضًا، وإن ادعى هو أنها ملاحظات عقدية ومنهجية، فهذا من عيوبه: جَعْل الخطأ في التعبير أو اللفظ خطأً عقديًّا وارتماء في أحضان أهل البدع والأهواء!!

10- قول ربيع – عن الفقرة السابقة- : “لأن في هذا الكلام ما يدين أبا الحسن، فإنه لم يستثن إلا شخصاً عَلَماً من أعلام السنة طَبَّقَ ذِكْره الأرضَ، ولم يُمَثِّل بأحد من أعلام هذا العصر؛ لأنهم لا قيمة لهم عنده، ولما ظهرت فتنته، وبيَّن العلماء ضلاله وأدانوه في أباطيله وتأصيلاته الفاسدة؛ أسقطهم عن بكرة أبيهم، وهم من أعلام العصر، ولهم جهود في الدعوة إلى التوحيد والسنة ومنهج السلف الصالح والذب عن ذلك، ولهم في ذلك المؤلفات الكثيرة، وهم رجال عصرهم، الذين يمتحن بهم، رغم أنوف الجهلة الحاقدين والحاسدين، ففي هذا الكلام إسقاط لهم”.

والجواب من وجوه:

أ- قوله: “ولم يمثل بأحد من أعلام العصر، لأنهم لا قيمة لهم عنده …” معلوم أنه لا يلزم في كتاب مختصر في العقيدة والمنهج التربوي الدعوي أن أمثِّل بأحد، وإن احتجت إلى التمثيل لمثَّلتُ بسماحة الشيخ ابن باز – رحمه الله- الذي لا تُعرف خصومةٌ ظاهرة له من أهل السنة على اختلاف أسمائهم، فلا يطعن فيه – فيما أعلم- إلا أهل البدع كالرافضة، والصوفيين الخرافيين، والعلمانيين، والحزبيين الذين وصلت بهم الحزبية إلى التقليد الأعمى، والولاء والبراء فيها، ونحوهم، لكن المقام مقام تقعيد، ومما لاشك فيه أنني لا يمكن أن أمثِّل بربيع ومن كان على شاكلته – وهو حريص على ذلك- فإن كثيرًا من خصوم هؤلاء هم من أولياء الله، والدعاة الصالحين، والعبّاد المخلصين، ولعل ما أصاب ربيعًا وحزبه من الخزي والتفرق في البلاد، وفساد الحال، وسوء السمعة بسبب مخالفتهم للحق، وظلمهم وبغيهم على هؤلاء، أو بدعوة رجل صالح عليهم، فاستجاب الله له.

ب- أسأل ربيعًا: لو طُلب منك ذِكر هؤلاء الذين يمكن أن يُمتحن الناس بهم في هذا العصر، فمن تسمي لنا؟ فإذا وقف عند حد معين ولم يتزحزح عنه؛ كان تحكمًا، وإذا استمر في إضافة كل من يرضى هو عنه أتى بما يُضحك الثكالى!!

ج- أسأل ربيعًا: بعض الذين كنتَ تمدحهم عندما كتبتَ تلك الملاحظات على “السراج الوهاج”، وكنت تراهم ممن يُمتحن بهم؛ ها أنت قلبْت لهم ظهْر المِجَن، كما أنهم كالوا لك الصاع صاعيْن، فهل يصلح أن يقال: هؤلاء رجال عصرهم، ولهم مؤلفات كثيرة، وهم الذين يُمتحن بهم، رغم أنوف الجهلة الحاقدين الحاسدين، كما هو قولك في هذه الفقرة؟ فإن قلت: نعم، فهاهم يعدونك ضالاً مضلاً، وشيبة مخرفًا، وصرت عند بعضهم كالكلب العقور تنهش في هذا وذاك، فهل نُصدِّق كلامهم فيك؟ ونُصَدِّق كلامك فيهم بأنهم من رؤوس أهل البدع؟ كيف نجعل الرجل ممن يُمتحن به في وقت، ثم نَنْقَضُّ عليه، ونجعله من رؤوس أهل البدع بعد ذلك أيها الأستاذ؟!!

د- أسأل ربيعًا: مدحك – بل مبالغتك في المدح- لي وللحلبي والمغرواي، كان ذلك شائعًا أيام كتابتك تلك الملاحظات، فهل كنا ممن يُمتحن بهم الناس، ونحن عندك آنذاك من علماء العصر؟! ثم انقلبت علينا، فهل نصدِّق قولك في الأولى أو في الآخرة؟!

هـ- أسأل ربيعًا: الحجوري وأصحابه ممن يمتحن بهم أم لا؟ فإن قلت: لا، كيف والحجوري من علماء السنة عندك، كما صرحت بذلك؟ وإن قلت: نعم، كيف وأنت تطعن فيه الآن كما أنه يطعن فيك؟

و- السلف أنفسهم تكلم بعضهم في بعض، وهم أئمة كبار، فقد تكلم مالك في ابن إسحاق، والعكس، وكذا مالك وابن أبي ذئب، وتكلم مطين في ابن أبي شيبة، والعكس، وكذا الذهلي تكلم في البخاري، وتكلم مسلم في الذهلي، وتكلم أبو حاتم وأبو زرعة في البخاري، بل تركا حديثه، عندما وصلهما كتاب الذهلي وطعنه في البخاري، وتكلم ابن معين في الشافعي – وقد قيل: هو شافعي آخر غير الإمام- وتكلم في الطبري الحنابلةُ أصحابُ أبي بكر بن أبي داود، وكذا ما جرى بين الحنابلة وابن حبان، وبين الحنابلة أصحاب ابن منده ضد أبي نعيم، وهكذا حتى قال الذهبي: “كلام الأقران بعضهم في بعض ينبغي أن يُطْوَى ولا يُرْوى، ويُطْرح، ولا يُجْعل طعنًا، ويعامَل الرجل بالعدل والقسط” اهـ من “الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم” (1/ 24) وفي هؤلاء الثقات مشاهير في العلوم والسنة، ولم يُجَرِّح العلماءُ من تكلم بعلم واجتهاد في أحد من أئمة لمجرد ذلك، بخلاف القداسة المدخلية المزعومة حول مجموعة مردوا على الظلم والافتراء!! وقال الذهبي في “الميزان” (1/ 11) ترجمة أحمد بن عبدالله الحافظ أبي نعيم الأصبهاني: “كلام الأقران بعضهم في بعض لا يُعْبأ به، لاسيما إذا لاح لك أنه لعداوة، أو لمذهب، أو لحسد لا ينجو منه إلا من عصم الله، وما علمت أن عصرًا من الأعصار سلم أهله من ذلك سوى النبيين والصديقين، ولو شئتُ لسردت من ذلك كراريس، اللهم فلا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم” اهـ، فهذه كراريس تُسَوَّد صفحاتها بالمشاهير الذين تكلم بعضهم في بعض، فلو فتحنا الباب أمام اتهام المرء في دينه إذا تكلم في فلان الثقة المشهور من أهل السنة، أو من أهل العلم؛ لأسقطنا أكثرهم، والواحد من كثير من هؤلاء خير من عشرات أو مئات من كثير ممن ينـزلهم ربيع هذه المنـزلة التي ليسوا لها بأهل!!

وقال الصنعاني في “ثمرات النظر” (1/ 125): “كلام الأقران والمتضادين في المذاهب والعقائد لا ينبغي قبوله، فقد فتح باب التمذهب عداوات وتعصبات، قلَّ من سَلِم منها، إلا من عصمه الله” اهـ وانظر بحث ابن قديش اليافعي.

وقد بلغ التعصب ببعض المنتسبين للسنة ما جعل الأئمة يقدحون فيهم لذلك، وإن كانوا ينتسبون إلى طائفة محمودة مقبولة، فالعبرة ليست بالانتساب المجرد، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- كما في “مجموع الفتاوى” (20/ 186): “وفي الحنبلية أيضًا مبتدعة، وإن كانت البدعة في غيرهم أكثر، وبدعتهم غالبًا في زيادة الإثبات في حق الله، وفي زيادة الإنكار على مخالفيهم بالتكفير وغيره” اهـ، فهذا شيخ الإسلام يغمز في بعض علماء مذهبه، ولم يتعصب للمذهب ورجاله، وبعضهم خير من كثير من المخالفين اليوم، ولم يقل أحد: الطعن فيهم طعن في المنهج، ومنهم من هو مشهور في المذهب، فأين ربيع من طريقة العلماء؟!

والظلم والهوى لا يسْلم منه إلا من سلمه الله، وقد قال ابن عقيل الحنبلي كما في “شرح الإقناع” (ص1309): “رأيت الناس لا يمنعهم من الظلم إلا العجز – ولا أقول العوام بل العلماء- كانت أيدي الحنابلة مبسوطة في أيام ابن يونس، فكانوا يستطيلون بالبغي على أصحاب الشافعي في الفروع، حتى كانوا لا يمكنونهم من الجهر بالبسملة والقنوت – وهي مسألة اجتهادية- فلما جاءت أيام النظام، ومات ابن يونس، وزالت شوكة الحنابلة؛ استطال عليهم أصحاب الشافعي استطالة السلاطين الظلمة، فاستعدوْا بالسجن، وآذوا العوام بالسعايات، والفقهاء بالنبز بالتجسيم، قال: فتدبرتُ أمر الفريقين، فإذا بهم لم تعمل فيهم آداب العلم، وهل هذه إلا أفعال الأجناد، يصولون في دولتهم، ويلزمون المساجد في بطالتهم” اهـ من رسالة “الجرح والتعديل” للقاسمي (ص34) اهـ نقلا من بحث ابن قديش اليافعي.

كل هذا يدل على أنه لا يلزم من كون الرجل ينتسب إلى أهل السنة أن يكون موضع ثقة مطلقًا، فضلاً عن أن يكون ممن يُمتحن بهم الناس، فتأمل سنة الله في خلقه التي لا يبالي ربيع بتجاوزها وعدم الاعتبار بها!!

وما قيل في نعيم بن حماد الخزاعي، وهو من أصلب الناس في السنة، ولم يتهم أحدًا من تكلم فيه بحجة أنه مقاوم لأهل البدع، وكذا أبو إسماعيل الهروي كم زلزل عروش أهل البدع، حتى لُقِّب بشيخ الإسلام، ولما أخطأ في عبارته؛ نال منه غير واحد – وإن لم يكن كما رماه بعضهم- ومع شهرته في السنة؛ لم يطعن أحد فيمن طعن فيه بحق.

وسبق أن الذهبي – رحمه الله- أنكر إطلاق هذه الكلمة في عكرمة وحماد بن سلمة، فقال في “النبلاء” (5/ 31) ترجمة عكرمة: روى جعفر بن أبي عثمان الطيالسي، عن يحيى بن معين قال: “إذا رأيت إنسانًا يقع في عكرمة وفي حماد بن سلمة فاتهمه على الإسلام” قال الذهبي: قلت: “هذا محمول على الوقوع فيهما بهوى وحيْف في وزنهما، أما من نقل ما قيل في جرحهما وتعليلهما على الإنصاف فقد أصاب” اهـ فليس الأمر على إطلاقه، وعكرمة نفسه قد تكلم فيه بعضهم بأنه إباضي على رأي الخوارج، وهناك من اتهمه في الحديث، وإن كان بريئًا من ذلك، ثم إن هذه الكلمة راجعة إلى اعتقاد قائلها بمدح من قال فيه هذه الكلمة، وقد يكون المعدِّل مخطئًا في اعتقاده، فإذا رُدَّ عليه وبُيِّن سبب الجرح في الشخص الممدوح بأدلة مقبولة، فلابد من قبول الدليل، ولا يجوز التمسك بهذه الكلمة، ورد ما قام عليه الدليل، فأين هذا من تهور المدخلي الذي لا يُبقي ولا يذر؟!

ز- لو نظرنا في تراجم الثقات المشاهير فالسالمون من الجرح منهم قليل بالنسبة لمن مُسَّ بنوع جرح، وإن لم يكن قول الجارح مقبولاً، لكنهم لم يتهموا الجارح في إسلامه، أما ربيع الذي حُرِمَ الفقه والذوق لمنهج السلف – في هذه المسائل- يريد حول نفسه وحزبه قداسة لا يخترقها أحد، وإلا فمخالفه لا يقيم لعلماء السنة وزنًا، وأسقطهم عن بكرة أبيهم، وهو جاهل حاقد حاسد، ساقط!!

ح- أما ذكره للعلماء – ومعلوم أنهم أتباعه- الذين أبطلوا أصولي التي أصلتها، فليس لي أصول محدثة، وأي أصل أو فرع ذكرته في كتبي أو في مجالسي ليس عليه دليل من كتاب أو سنة أو أثر، فإني أبرأ إلى الله منه، وأُحَذِّر من وقف على كلامي أن يأخذ عني ما كان من هذا السبيل، ولم يستطع ربيع – مع شدّة غيظه ونهمه وحرصه على الوقوف على ذلك– أن يبرهن بدليل شرعي على ذلك، إنما هي شتائم وسباب، وتشبُّع وادعاءات، وشقشقة وأباطيل، والواقع أن كلام ربيع هذا من باب: “رمتني بدائها وانسلت” فربيع صاحب القواعد المحدثة الفاسدة المفسدة، وهي التي أسقطها طلاب العلم بالأدلة، فذهبت أباطيله إلى مزبلة أحداث التاريخ والجانب المظلم منها، والحق أحق أن يُتبع.

ط- ثم إن علماء السنة لم يستعملوا هذه العبارات: “من تكلم في فلان فاتهمه على الإسلام” وما في معنى هذه العبارة إلا في بعض كبار الأئمة، وليس جميعهم، ولم يطلقوا ذلك في جميع ثقات وعلماء أهل السنة، فنحن أسعد بالسلف من ربيع وزمرته قولاً وحالاً وفقهًا وذوقًا، وهذا كله من فضل الله علينا، لا بحولنا ولا بقوتنا.

11- قوله: “وهؤلاء العلماء – يعني أتباعه- هم الورّاث لابن باز والألباني وابن عثيمين ومن سبقهم من علماء السلف … وذكر حديث الطائفة المنصورة، ثم قال: وهذا الحديث لا يتناول الحلبي وأبا الحسن ومن على نهجهما” اهـ.

والجواب من وجوه:

أ- ما أكثر انتحال هذا الرجل للعلماء المذكورين في الظاهر، ثم في المجالس الخاصة يتهم ابن باز والعثيمين ونحوهما بأنهم لا يعرفون منهج السلف، وأن الحزبيين يحيطون بهم كالسوار بالمعصم، وأن الحزبيين يستغلونهم، وينتزعون منهم فتاوى تؤيد ما هم عليه، وأما الألباني فيذكر ربيع أن سلفيته أقوى من سلفية الألباني …..الخ، ومن المؤسف أنه عَلَّل مرة لماذا سلفيتهم أقوى من سلفية الألباني، فقال: الألباني رأى أخْذَ ما زاد عن القبضة في اللحية، ونحن لا نرى ذلك!! فهل سمع أحد ممن صنَّف في كتب السنة والتمسك بها أن الخلاف في مثل هذا يُخلّ – ولو بنسبة قليلة- في سلفية الرجل وتسنُّنه؟! وعلى ذلك فماذا لو نظرنا في الخلافات في كتب الفروع، وبأي شيء سيحكم على مخالفيه في أبواب الطهارة والصلاة وغيرها من أبواب الفقه؟! هل بمثل هذه الخلافات يعرف قوة وضعف سلفية الرجل؟! وهل هذا كلام رجل بلغ درجة الأستاذية في العلم؟!!

ب- هؤلاء العلماء وطلاب العلم الذين يجود عليهم ربيع بهذا الوصف يجب عليهم أن لا يفرحوا بذلك، فإنه سرعان ما سيجعلهم من رؤوس أهل البدع، فهو كالدنيا الغدارة المكارة، والأمثلة على ذلك كثيرة.

ج- لو كنتم وُرَّاثًا لهؤلاء العلماء حقًّا، فَلِمَ لا تستدلون بكلام لهم على مواضع النزاع بيننا وبينكم؟ وها نحن قد ملأنا كتبنا في الردود عليكم بكلامهم وكلام السلف، وأنتم قد مجّت الأسماع والأبصار دحرجتكم لبعض مدحهم العام لكم من كتاب لآخر، فلا أدري من الذي كشف عن غيه وسوء نيته بعد موت هؤلاء الأئمة: هل هو أبو الحسن والمغراوي والحلبي، أم ربيع وزمرته؟

د- ثم إخراجك لنا من طائفتك المخذولة لا يضيرنا إذا رضي الله عنا، وكنا حقًّا – لا زورًا وادعاءً- من الطائفة المنصورة على منهج السلف، لا على جعجعة ربيع المدخلي.

هـ- وقوله بعد ذلك: “لم يستثن أبو الحسن المقالات السلفية، ولم يستثن الطائفة المنصورة“.

والجواب: عبارتي في “السراج الوهاج“: “ولا أجيز لنفسي ولا لغيري أن يمتحنوا أحدًا من المسلمين بحب شخص أو طائفة أو مقالة مطلقًا …” فقولي: “مطلقا” يدل على أن هناك بعض الأشخاص والطوائف والمقالات يُمْتَحَنُ بها، كما يعلم ذلك أي عربي يدرك أن نفْي العموم لا يلزم منه عموم النفْي، وما أظن هذا الرجل يجهل ذلك، لكن الهوى يحرمه التوفيق.

وإن سلمنا بأنني أطلقتُ القول وأخطأتُ في ذلك، فهل يُعقل أنني لا أمتحن الناس بحبِّ شخص رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- والانقياد له؟ وكذا لا أمتحنهم من المقالات بما أجمع عليه علماء الأمة اجماعًا متيقنًا، كوجوب الصلاة، وحرمة الزنا، … الخ، أو أن من أنكر معلومًا من الدين بالضرورة لهوى وعناد؛ فإنه ساقط، ومن الطوائف طائفة الصحابة – رضي الله عنهم- وكذا من وقع في الصحابة لصحبتهم؛ فإنه عدو لله، أو وقع فيهم عن هوى فهو مبتدع ضال؟ فلو أنصف لقال في كلامي: عام أريد به الخصوص، لكن هذا الرجل مولع بتحميل الأخطاء اللفظية – إن وقعت- عقائد منحرفة، ونوايا عدوانية، ولا يعرف الأعذار التي يحمل عليها العلماء الكلام الذي ظاهره غير مراد إلا إذا كانت له ولمقلديه!!

و- وقال أيضًا في الرد على عبارتي السابقة: “من أين له تحريم الامتحان، وهو ثابت بالكتاب والسنة، وهو من صميم منهج السلف” اهـ

قلت: أريد أن أتعلم هذه المسألة من ربيع – والمرء قد يستفيد من خصمه ما لا يستفيده من صديقه- فإني والله لا أعلم دليلاً من الكتاب والسنة يدلان على الامتحان – بالمعنى الذي نحن بصدده- فليفدني: ما هي الآية، وما هو الحديث الدالان على ذلك، بالمعنى المراد؟ وإلا فالله المستعان.

أما قوله: “وهو من صميم منهج السلف” فلا يخلو من مجازفة، فإن هذه العبارات قليلة جدًّا في كتب الجرح والتعديل والتاريخ، لأنها ما قيلت إلا نادرًا في فئة قليلة من الأئمة، ولو كانت من صميم منهج السلف لاشتهرت، ولكثر تداولها، نعم الامتحان قد استعمله السلف في بعض الحالات، ولما غلا أناس في ذلك؛ عدّه بعض العلماء بدعة، كما قال البخاري فيمن امتحنه ببعض المسائل التي أرسله بها الذهلي إليه، فقال بعد أن أجاب عنها: “والامتحان بدعة” كما في “النبلاء” (12/ 454) لكن هذه المجازفات لا تستغرب من ربيع، فإنه من أودية التهاويل والأراجيف!!

ز- قوله: “فمواقف علماء السنة وتأييدهم لكتاباتي ومنهجي، وهذه الشهادات القوية الأمينة من العلامة الألباني أحرقت أكباد هؤلاء الهمج المتأكِّلين بدينهم، الذين يشترون بآيات الله ثمناً قليلاً، وملأت قلوبهم حقداً وحنقاً، فدفعتهم إلى التربص وتحين الفرص للوثوب بفتنهم وأكاذيبهم وأراجيفهم على المنهج السلفي وعلى ربيع ومؤلفاته، فلما ذهب أولئك العلماء النـزهاء، هبوا علانية بفتنهم وأراجيفهم لا يرقبون في السلفيين ومنهجهم وأصولهم إلاً ولا ذمة، بعد أن كانوا يتسترون على ما يبيتونه، إلا لحن القول والأساليب الغامضة التي فسروها بأعمالهم، والتي أعلنوها في حربهم الهمجية الضروس التي يأنف منها غلاة أهل البدع، بل والمنافقون”.

والجواب: لو كنت متربصًا بربيع؛ لما سألتُ الشيخ الألباني عنه، حتى مدحه بهذا المدح الذي كان سبب فتنة لربيع، وانظر نص سؤالي ومدحي لربيع آنذاك – في “سلسلة الهدى والنور” رقم (851/ 1) ضمن أسئلتي لشيخنا الألباني – رحمه الله- بتاريخ 9 /7/ 1416هـ، وربيع نفسه نقل هذه التزكية في رده هذا من أشرطتي، كما في (ص12) من حلقته هذه، لكنه لم يذكر نص سؤالي، لأنه سيتبين صدق نيتي وصفاء سريرتي تجاهه، وإلا فأنا أطالبه أمام القراء أن ينقل نص سؤالي، ليعرف الناس هل كنتُ متربصًا به، وأنتظر متى تأتي الفرصة لأنقضّ عليه وعلى السلفية والسلفيين، وانتظرت موت الأئمة الكبار حتى أنقض على ربيع أم لا؟ ثم إن الأئمة الذين يتمسح بهم – في الظاهر- قد امتلأت مجالسهم وكتبهم بكلام يحذِّر مما سلكه ربيع من منهج وأسلوب، وإن لم يصرحوا باسمه – في الغالب- وكتبي ورسائلي في الرد على هؤلاء الغلاة الجفاة من أكبر الأدلة على ذلك، فكيف ننتظر موت العلماء لننقض على ربيع؟ والله ما خُذل ربيع بموت العلماء، وانقضاض فلان أو فلان عليه، إنما خُذل بفساد طريقته، وسوء طويته، وصدق من قال:
قضى الله أن البغي يصرع أهله ** وأن على الباغي تدور الدوائر

ثم متى انقضضنا عليه أو على غيره؟ أليس هو الذي استطال في أعراضنا بالزور والبهتان؟ فإذا رددنا عليه بالحق والبرهان؛ نكون قد بيّتْنا نية الشر والفتك به وبالسلفية وأهلها في طول البلاد وعرضها؟!

وبعد هذا كله فلا زال الرجل يعاند ويكرر أخطاءه، ألا يستحيي هذا الرجل من كل هذه الأباطيل؟! فتبًّا لهذه المشيخة، وسُحْقًا لهذه الأستاذية، وبُعْدًا لهذه الإمامة!!

وما أكثر ما يرمي مخالفيه بالتأكّل بدينهم، والركض وراء الدنيا، مع أنه من المعلوم أنه لو جاءتنا الدنيا من طريق حلال فما المانع من ذلك؟! أما الواقع فإن الله ليعلم أن بيتي الذي فيه نحو ثلاثين نفْسًا من أهلي لو بيع فإنه لا يكون بقيمة بوابة بيت ربيع وأرضيته، ومع ذلك فهو الزاهد العابد، التقي العفيف المتعفف، والجعجعة قد تنفع صاحبها إلى حين ما، إلا أن العاقبة للمتقين.

12- لقد اكتفى ربيع في رده على مقال مشرفي منتدى “كل السلفيين”على هذه المسائل اليسيرة، ولم يذكر بقية ما أظهر عواره فيه مشرفو المنتدى، بنحو خمسين مثالاً – حسب إحصائهم- من إنزاله نفسه منزلة أئمة الجرح والتعديل في بعض تحقيقاته، ومن مدحه لنفسه عندما كان طالبًا في الثانوية وما بعدها، وأن سلفيته أقوى من سلفية الشيخ الألباني، وان أحكامه على الرجال ليست مبنية على الاجتهاد، ولذا لا يجوز ردها، ولا يردها إلا مبتدع خائن عدو للسنة وأهلها، وإلا فالسلفيون في العالم كله علماء وطلابًا يؤيدونه عليها، وأنه وإن كان مع الإخوان نحو ثلاثة عشر عامًا؛ فلا يصح أن يقال: له منهج قديم وجديد، وأن هذا من أفرى الفرى، مع أنه ركض في ركابهم، وكان يسخر من بعض مشايخ السلفية الكبار، كما صرح بذلك في بعض الأشرطة في مقام ذم منهج الإخوان، وأنني ومن ردَّ على ربيع أسوأ من سلمان العودة وسفر الحوالي بحجة أنهما لم يردا عليه، وكانا يقبلان رأسه إذا وجده أحدهما، أما نحن فانتهكنا حرمة الدين بالرد عليه!! وغير ذلك مما طوى الذكْر عنه عمدًا لا كسلاً، فإنه يُسْدي ويُلْحم فيما هو دون ذلك إذا خُيِّل إليه أن تشغيبه يمكن أن يلبِّس على من يجهل الحقيقة، وكان الأولى به أن يذكر ما يدل على كراهيته لهذا الصنيع، أو يظهر أدلته في الدفاع، أو يتراجع، حتى لا يكون مفتاح شر على من بعده، لكن كل إناء بما فيه ينضح.

(تنبيه) لقد اختصرتُ الكلام في الرد هنا لأنني – والله- قد سئمتُ من مجاراة هذا الرجل في تكراره ما يقول، وتكراري بعض أجوبتي، ولو أتى بشيء جديد وكان حقًّا لقبلته، أو كان باطلاً لنشطت في الرد عليه، أما التكرار فيورث السآمة، إلا أنه وحزْبه يظنون أن ردهم إذا كان بعد ردي – وإن كان ردهم خاويًا- فالحق لهم، وهذا ضرْب من العبث وهزالة الرأي، وأما يتصل ببعض الدعاة فهم أقدر في الرد عن أنفسهم بنوع من التفصيل إن أرادوا، والله المستعان، وعليه التكلان.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

(تنبيه) لقد اطلعتُ أثناء مراجعة هذه الحلقة على الحلقة الأولى من الرد الذي رد به ربيع على الحلقة الأولى من هذه الرسالة، وعلَّقْتُ عليها في المجلس نفسه، لكنني أُرجئ نشر ذلك حتى ينتهي من حلقات رده، الذي أسماه: “تنبيه المغرور إلى ما في مقال أبي الحسن ومنهجه من الضلال والشرور” وعند انتهائه من تنبيهه!! سأنشر ردي على حلقات بمشيئة الله تعالى.
كتبه


أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني
دار الحديث بمأرب
29/شوال/1432هـ