[س5] سؤال: جزى الله خيرا شيخنا، هناك من يقول: إن من أتى في دعاء قنوت الوتر بدعاء لم يُرْوَ عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يكون مبتدعًا في الدين، فما قول شيخنا في هذا الكلام؟
الجواب: ليس هذا بصحيح، وأُحَذِّركُم من التَّسَرُّع في إطلاق البدعة على الرجل المعروف بالسنة، والحرص عليها، والدعوة إليها، أما دعاء القنوت الوارد في حديث الحسن: فلا يصحُّ في حديث الحسن بن علي -رضي الله عنهما- والذي فيه: “اللهم اهْدِنا فيمن هَدَيْتَ، وعافِنَا فيمن عافَيْتَ، وتَوَلَّنا فيمن تَوَلَّيْتَ، … الخ الدعاء، فلا يصحُّ في هذا الحديث الزيادة التي فيها: أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال للحسن: “اجعلها في قنوتك” وقد حكم بضعفها في هذا الحديث عدد من أئمة الحديث، وإنما هو دعاء عام، يكون في القنوت وفي غيره، ولا يتحرى الداعي في القنوت هذا الدعاء -لذلك- دون غيره من الأدعية، وعلى ذلك فالوتر من صلاة الليل، والدعاء في القنوت ليس له دعاء مخصوص مأثور، وقد كان السلف -رضي الله عنهم- يكثرون من الأدعية في وترهم في النصف الثاني من رمضان، ويكثرون من الدعاء فيه على الكفرة والمشركين الذين يَصُدُّون عن سبيل الله، ويحاربون أهل الإسلام، ويكيدون لهم، ويتربصون بهم الدوائر، ويُراعى في قنوت الوتر ألا يُطيل الإمام إطالة تَشُقُّ على المصلين وراءه، أو يحرص على السجع الركيك في المعنى، بقصد تحسين العبارة، ليُجْهش من وراءه بالبكاء والنحيب، إنما يتحرى الأدعية النبوية العامة لما فيها من جوامع الكلم وفواتحه وخواتمه، ولا بأس بأن يزيد دعاء من عنده عما هو مأثور بما هو سالم من المحذور، ومنها الاعتداء في الدعاء، وفي أدعية القرآن والسنة ما فيه كفاية وهداية، وإفادة وزيادة.
وأما القنوت الذي في الصلوات المفروضة، وما يُسَمَّى بقنوت النوازل: فالدعاء فيه بحسب نوع النازلة، وتكون ألفاظ الدعاء بما يُنَاسِبُ المقام، مع الإلحاح على الله في كشف هذه النازلة، سواء كانت حَرْبًا، أو غَرَقًا، أو جَدْبًا، أو قَحْطًا، أو غير ذلك من النوازل، والله أعلم.