الأسئلة العامة

عاجل فيما إذا اجتمع العيد ويوم الجمعة، كما هو الحال فيما يظهر هذا العام 1439هـ

سؤال عاجل فيما إذا اجتمع العيد ويوم الجمعة، كما هو الحال فيما يظهر هذا العام 1439هـ؟

الجواب: ذهب جمهور الفقهاء إلى أن من شهد صلاة العيد لا تسقط عنه صلاة الجمعة لعموم الدلة على وجوب صلاة الجمعة، ومنها قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) ومنها أن صلاة العيد مختَلَف في وجوبها -وإن كان الراجح عندي الوجوب- فكيف نُسْقط واجبًا مجمعًا عليه بواجبٍ مختلف فيه؟ وذهب جمهور الحنابلة إلى أنه إذا اجتمع يوم العيد مع يوم الجمعة فيسقط وجوب الجمعة على من شهد صلاة العيد، ويصلي الظهر في بيته، واسْتُدل لهذا القول بأحاديث مرفوعة لفظًا وفي سند بعضها ضعف، وأحاديث مرفوعة حكمًا، وبآثار عن الصحابة رضي الله عنهم، أما الأحاديث المرفوعة لفظًا فمنها حديث زيد بن أرقم وقد سأله معاوية رضي الله عنهما قال: أشهدتَ مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عيدين اجتمعا في يوم واحد؟ قال: نعم، قال: فكيف صنع؟ قال: صلى العيد ثم رخّص في الجمعة، وقال: “من شاء أن يصلي فليصلِّ” أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد وضعّفه بعضهم جدًّا، ومنها حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: “قد اجتمع في يومكم هذا عيدان، فمن شاء أجزأه من الجمعة، وإنا مجمّعون” أخرجه أبو داود وابن ماجة وأعله أحمد والدارقطني وغيرهما، ومنها حديث ابن عمر رضي الله عنه في هذا المعنى، وأما المرفوع حكمًا فهو قول عطاء: “صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار، ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج، فصلينا وحدنا، وكان ابن عباس بالطائف، فلما قدِم ذكرنا له ذلك، فقال: أصاب السنة، فبلغ ذلك ابن الزبير فقال: رأيت عمر بن الخطاب إذا اجتمع عيدان صنع مثل هذا” أخرجه أبو داود والنسائي بسند صحيح، وإن كان هذا الحديث ظاهره أن الرخصة للإمام والمأموم لأن ابن الزبير كان إماما ذلك الوقت ولم يخرج للصلاة، والقول بأن الإمام يُجمِّع ويجمّع معه من لم يشهد صلاة العيد على سبيل الوجوب، لأن أدلة وجوب الجمعة تشمله، ويجمّع معهم أيضًا من شاء ممن شهد صلاة العيد مرويٌّ عن عمر وعثمان وعلي وابن عمر رضي الله عنهم، أما أثر عثمان فيرويه عبيد مولى ابن أزهر قال: شهدتُ العيد مع عثمان، وكان ذلك يوم الجمعة فصلى قبل الخطبة، ثم خطب فقال: “يا أيها الناس إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان، فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر، ومن أحب أن يرجع فقد أذنتُ له” وحمل بعضهم أثر عثمان على الإذن لمن لا تجب عليه الجمعة لبُعْد داره من أهل البوادي، وفي هذا نظر لأن الذي لا تجب عليه الجمعة أصلا فلا يحتاج إلى رخصة من أحد بعد رخصة الله له، وهذا الأثر من عثمان في محضر الصحابة رضي الله عنهم ولم يُنْقل عن أحد أنه أنكره عليه يدل على أن لذلك أصلا في السنة، وأنه سُنة خليفة راشد التي أُمرنا باتباعها، وهذا يجبر الضعف في الروايات المرفوعة لفظًا، والتي لم يشتد ضعفها، وأن من رحمة الله عز وجل بعباده المؤمنين أنه يخفف عنهم ولا يوجب عليهم ما يُكَدِّر صفو فرحتهم، فإن الناس في يوم العيد قد يحتاجون إلى زيارة أرحام لهم أو نحو ذلك، ووجوب تجميعهم للجمعة في وسط النهار، بعد وجوب تجميعهم للعيد أول النهار فيه نوع مشقة، وقد رفع الله الحرج عن المؤمنين بقوله تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) ولولا الأدلة السابقة وفعل الصحابة والخلفاء الراشدين لما أسقطنا وجوب الجمعة في هذه الحالة، لكن هذه الرخصة هي لمن شهد صلاة العيد ولم يكن الإمام الراتب، الذي يصلي بالناس الجمعة، وأما من تخلّف عن صلاة العيد لسبب من الأسباب فليست له هذه الرخصة، وأيضًا فمن شهد صلاة العيد لا يسقط عنه وجوب صلاة الظهر، ويكون ذلك في بيته لا أن يجتمع الناس في المسجد بعضهم يصلي الظهر وبعضهم يصلي الجمعة، والله أعلم.