الأسئلة العامة

واحد يسأل عايش في أمريكا، والمنطقة التي يعيش فيها نصفهم قالوا اليوم الأربعاء رمضان، والنصف الآخر قالوا إن رمضان يوم الخميس

سؤال: حفظكم الله شيخنا أبا الحسن وأطال الله في عمركم، واحد يسأل عايش في أمريكا، والمنطقة التي يعيش فيها نصفهم قالوا اليوم الأربعاء رمضان، والنصف الآخر قالوا إن رمضان يوم الخميس متبعين للسعودية، هل يصوم أو لا وإذا أفطر هل يقضي صيامه؟ علمًا أن هيئة الإفتاء بامريكا أعلنت أن الأربعاء رمضان.

الجواب: يقول الله سبحانه وتعالى: (فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) ويقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كما في الصحيحين: “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته”، واختلف العلماء في فهم هذه النصوص، فذهب الجمهور إلى أن الهلال إذا رآه أحد من المسلمين حيث ما كان لزم بقية المسلمين أن يصوموا أو بفطروا برؤيته إذا أمكنهم العلم برؤية من رآه، وذهب بعض أهل العلم إلى أن أهل كل بلد يلزمهم أن يصوموا أو يفطروا برؤية من رآه منهم إذا كان عدلاً، وكلام الجمهور من حيث العموم وتوحيد كلمة المسلمين صياما وإفطارا أوجه، وكلام غير الجمهور من حيث الواقع المشاهد أقرب، فإن من رآه في شرق الدنيا يستبعد أن يُرى في اليوم نفسه في غربها، والمسألة فيها خلاف لا يكاد ينضبط بصورة قطعية، لكن إذا أعلنت دولة من الدول الصيام أو العيد لزم رعايا هذه الدولة أن يمتثلوا أمر حاكمهم المسلم صياما وإفطارًا، لأن الافتئات عليه وخيم العاقبة، ويفتح باب التنازع والتراشق بالتهم، وسوء الظنون بين أهل البلد الواحد، فإذا كان المسلم في بلده غير مسلمة ولها هيئة مسلمة للإفتاء، وقد عُلم عنها التحري في هذا الأمر، فالعمل بقولهم أَولى من إهماله ليجتمع المسلمون في هذا البلد على شيء واحد، ولعل في اجتماعهم وائتلافهم أمام من ليسوا على دينهم يكون قدوة حسنة وسببا في دخول بعضهم في الإسلام، بخلاف تنازعهم الذي يستغله الحاشدون للتنفير من دين الإسلام، أما إذا كانت الهيئة العلمية المشار إليها لا تتحرى الرؤية بالعين المجردة أو بالوسائل العلمية التي تعين على رؤية الهلال بالعين، فلا بأس أن يتبع مسلمو هذا البلد أقرب دولة إسلامية لهم في الرؤية صياما وإفطارا، إذا عُلم عنها التحري، وإن اتبعوا الرؤية التي في المملكة العربية السعودية فلا غبار على ذلك، لما عُلم من تحريهم للرؤية، والأمر في ذلك سهل، لكن موافقة الأكثر من أهل البلد في الصيام والإفطار أولى لما سبق وللحديث الذي أخرجه أبو داود “الصوم يوم تصومون والفطر يوم تفطرون والأضحى يوم تضحون”.

فإذا أخذ الرجل بسبب من أسباب الرؤية كما سبق تفصيله، ثم سمع أن هذا خطأ فإن كان قد صام على رؤيته الأولى تسعا وعشرين يوما فلا يظهر عندي تعين وجوب القضاء عليه لأن هذه اختلافات ليست قائمة على دليل فاصل قاطع، أما إن كان الناس في بلده يذكرون أن العيد غدا ولم يصم إلا ثمانية وعشرين يوما، فليقضِ صيام يوم ويُعيّد مع الناس، لأن الشهر إما أن يكون تسعة وعشرين وإما أن يكون ثلاثين، فإن انبنى في بدايته على رؤية صحيحة ففي اليوم التاسع والعشرين يتحرى المسلمون هلال شوال، فإن رأوه أصبح غدا العيد، وإن لم يروه أتموا العدة ثلاثين، والله أعلم.