الأسئلة العامة

كثير من المسلمين نسمعهـم يقولـون : إن الله عز وجل في كل مكان

السؤال   : كثير من المسلمين نسمعهـم يقولـون : إن الله عز وجل  في كل مكان ، فهل هذا القول يوافق عقيدة أهل السنة والجماعة ؟ أم أنه يوافق عقيدة أهل البدع ؟ وما هي النصيحة لمن يتكلم بذلك ؟

الواجب على المسلم أن يلزم سبيل السلف الصالح ، وأن يحذر من سُبُل أهل الأهواء والبدع ، وهذا القول الوارد في السؤال ؛ ليس من عقيدة السلف الصالح في شيء ، بل هو قول غلاة الصوفية الذين يقولون بالحلول ووحدة الوجود ، كما أنه قول عوام الجهمية ، وهي فرقة ضالة تنتسب لجهم بن صفوان الضال المبتدع ، الذي عطل صفات الرب عز وجل وأسماءه ، ولله سبحانه وتعالى الأسماء الحسنى والصفات العُلى .

 

 

وعقيدة أهل السنة : أن الله U مستوٍ على عرشه استواءً يليق بجلاله ، وليس كاستواء المخلوق على الدابة , أو السفينة , أو نحو ذلك ، وصفات الخالق ليست كصفات المخلوق ؛ لأن ذات الخالق ليست كذات المخلوقين ، قال تعالى : ] ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [ [الشورى : 11] وقال تعالى : ] ولم يكن له كفوًا أحد [ [الإخلاص : 4] وقال تعالى : ] هل تعلم له سميًّا [ [مريم : 65] .

وقد وردت أدلة كثيرة في إثبات العلو والفوقية لله U ، كقوله تعالى : ] الرحمن على العرش استوى [ [طه : 5] وقوله تعالى : ] يخافون ربهم من فوقهم [ [النحل : 50] وقول الله U : ] إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه [ [فاطر : 10] وقوله U : ] بل رفعه الله إليه [ [ النساء : 158] وقوله سبحانه : ] أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور . أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبًا..[ [ تبارك : 16-17] حتى قال بعض أكابر أصحاب الشافعي : ” في القرآن ألف دليل أو تزيد تدل على أن الله تعالى عالٍ على الخلق ، وأنه فوق عباده , وقال غيره : فيه – أي في القرآن – ثلاثمائة دليل تدل على ذلك ” . اهـ . من ” مجموع الفتاوى ” (5/121) .

ومن الفطرة التي جبل الله الناس عليها أنهم إذا دعوْا ربهم مَدُّوا أيديهم إلى السماء ، وقلبوا أبصارهم إلى جهة العلو ، ولو كان الرب عز وجل في كل مكان ، كما يقول هؤلاء الناس ؛ لكنا نرى من يدعو ربه يمد يديه للأرض أو للخلف ، أو يلتفت إلى اليمين أو إلى الشمال !!

فتأمل كيف أن هذا القول يخالف صريح القرآن , والسنة , والفطرة ، والحال الضرورية التي لا نستطيع أن ندفعها عن أنفسنا .

هذا مع أن هذا القول يلزم منه أن الله عز وجل إذا كان في كل مكان ؛ فهو في مكان القاذورات ونحوها ، تعالى الله عما يقول الجاهلون علوًّا كبيرًا !!

فإذا كان الرجل لا يدري أين ربه الذي يعبده ، أهو فوق رأسه , أم تحت القدمين ؟! فإلى الله المشتكى من غربة الحق , وضياع معالم التوحيد !!

وإن تعجب فعجب أن هذا القول ليس فقط من كلام العوام الذين لا حظ لهم في العلم ، بل يتكلم به أيضًا من الخاصة قوم كثيرون ، بل قد يتكلم به بعض قادة الفرق الدعوية في هذا العصر ، فتراه يقوم خطيبًا يهز المنبر ، ثم إذا سألته : أين الله ؟ قال : إن الله في كل مكان ، ولا يخلو منه مكان ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

نعم : إن الله عز وجل لا يعزب مكان عن علمه ، وسمعه ، وبصره، وإحاطته، وأما إذا سألنا عن ذاته العلية ؛ فنقول ]الرحمن على العرش استوى[.

فتمسك أيها المسلم بعقيدة السلف الصالح ، ودع عنك جهل الجاهلين، وتحريف المبطلين ، فالله مستوٍ على عرشه ، وقد أحاط بكل شيء علمًا ، ولا تخفى عليه خافية ، وقد أحاط سمعه وبصره بكل شيء ، وهذا هو المقصود من قوله تعالى : ] وهو معكم أينما كنتم [ [ الحديد: 4] ، أي بعلمه ، والمعية عامة وخاصة ، فالعامة – كما في هذه الآية – المراد بها معية العلم ، والخاصة كما في قوله تعالى: ]إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون[ [ النحل : 128] ، يراد بها معية تأييد ونصر .

واعلم أن هناك طائفة أخبث من عوام الجهمية , وهم أهل الحلول والاتحاد، الذين يقولون بأن الله U حلّ في كل شيء ، بل هو كل شيء، ويقولون : إنه في كل مكان ، تعالى الله عن كفرهم وقبحهم علوًا كبيرًا.

وإني لأعلم أن هناك من المسلمين من يقول – بجهل – : إن الله في كل مكان ، ولا يقصد بذلك أن الله بذاته في كل مكان ، بل يؤمن بأن الله في السـماء ، فمثل هؤلاء – مع حسن قصدهم – أنصحهم أن يغيروا هذه الكلمة ، كي لا يتشبهوا بالذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم ، وعليهم أن يُلْزِموا أنفسهم بكلام السلف الصالح ، والله الهادي إلى سواء الصراط .

للتواصل معنا