الأسئلة العامة

بعض المسلمـين يأتينا في المساجد أو في البيوت

السؤال  :  بعض المسلمـين يأتينا في  المساجد أو في البيوت ، فيقول : قد جرى عليّ حادث قتل أو على أحد أولادي ، ويذكر أنه تحمل غرامة كبيرة في دية المقتول ، ويطلب منا أنا ندفع له من الزكاة أو الصدقة ، فهل يجوز ذلك أم لا ؟

الجواب : إن كان هذا الرجل من المعروفين بالشر والإفساد في الأرض ؛ فلا يجوز لأحد أن يساعده ، لأنه يتجرأ بذلك على الشر ، معتمدًا على أن هناك من يساعده ، وبذلك نكون قد أعناه على المنكر ، والله U يقول: ]وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان[ [المائدة : 2] .

لكن إذا كان هذا الرجل معروفًا بالعدالة ، أو كان مجهول الحال ، إلا أنه من عموم المسلمين ، فقد أباح التعاونَ معه جماعةٌ من أهل العلم ، وجعلوه من صنف الغارمين ، والله U يقول : ]إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم[ [التوبة: 60] وقد قال ابن جرير – رحمه الله – في ” تفسيره ” : “وأما الغارمون : فالذين استدانوا في غير معصية الله ، ثم لم يجدوا قضاءً في عين ولا عَرَض …” ، ونقل أقوال المفسرين في ذلك ، مخصلها أن الغارم هو المستدين في غير سَرَفٍ ولا فساد .

 

وقال القرطبي في ” تفسيره ” (8/ 183-184) : ” هم الذين ركبهم الدين ، ولا وفاء عندهم به ، ولا خلاف فيه ، اللهم إلا من ادّان في سفاهة ؛ فإنه لا يعطى منها – أي من الزكاة – ولا من غيرها إلا أن يتوب ، ويُعْطَى منها من له مال ، وعليه دين محيط به ما يقضي به دينه، فإن لم يكن له مال وعليه دين ؛ فهو فقير وغارم، فيُعطى بالوصفين ” اهـ.

وفي ” تفسير ابن كثير ” (2/379-380) قال – رحمه الله – : ” وأما الغارمون , فهم أقسام : فمنهم من تحمل حَمَالة ، أو ضمن دينًا فلزمه ؛ فأجحف بماله ، أو غرم في أداء دينه أو في معصيته ، ثم تاب ، فهؤلاء يُدفع إليهم ، فالأصل في ذلك حديث قبيصة بن مخارق الهلالي ، قال : تحمّلت حَمَالةً ، فأتيت رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أسأله فيها فقال : ” أقم حتى تأتينا ؛ فنأمر لك بها ” قال : ثم قال : ” يا قبيصة ! إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة : رجل تحمل حمالة ، فحلت له المسألة حتى يصيبها ، ثم يمسك ، ورجل أصابته جائحة ، اجتاحت ، ماله , فحلّت له المسألة حتى يصيب قِوامًا من عيش – أو قال : سدادًا من عيش – ورجل أصابته فاقة ، حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحِجا – أي من ذوي العقل – من قرابة قومه ، فيقولون : لقد أصابت فلانًا فاقةٌ ، فحلت له المسألة حتى يصيب قِوامًا من عيش – أو قال : سدادًا من عيش – فما سواهنّ من المسألة سُحْتٌ ، يأكلها صاحبها سحتًا” . رواه مسلم اهـ. فظهر بذلك خطأ من حصر الغارمين فيمن تحمل حمالة في صلح بين قبيلتين – مثلاً – كي لا تثور ثائرتهم ، لأن المعنى أعم من ذلك . والله أعلم .

أما حديث أنس مرفوعًا : ” إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاث : ذي دم موجع ، أو غُرم مفظع ، أو فقر مدقع ” فقد أخرجه أحمد وغيره ، وضعفه شيخنا الألباني – حفظه الله – في “الإرواء” برقم (867) والعلم عند الله تعالى . 

للتواصل معنا