الأسئلة العامة

رى بعض المصلين يصلون بين السواري

السؤال  : نرى بعض المصلين يصلون بين السواري – أي الأعمدة – التي تكون في المسجد, والبعض يمنع من ذلك, فما دليل المنع ؟ وهل هذا عام في صلاة الفرد والجماعة , أم لا ؟

الجواب : الأصل أن المسلم يسعى ما استطاع في صلاة الجماعة إلى إتمام الصفوف وعدم انقطاعها , وذلك لقول رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : ” من وصل صفًّا وصله الله , ومن قطع صفًّا قطعه الله ” أخرجه أبو داود من حديث ابن عمر , وقد صححـه شيخنـا الألباني – حفظه الله – كما في ” تخريج المشكاة ” (1102) .

وقد جاء عند أبي داود (673) والنسائي (821) وغيرهما عن عبدالحميد بن محمود قال : صليت مع أنس بن مالك يوم الجمعة , فَدَفَعْنَا إلى السواري , فتقدمنا وتأخرنا , فقال أنس : ” كنا نتقي هذا على عهد رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – “ وسنده صحيح , وقد تكلمت عليه في كتابي ” تحفة القاري بدراسة وتحقيق فتح الباري ” ك: الصلاة (70).

ومن حديث قرة بن إياس : ” كنا نُنهى أن نصف بين السواري على عهد سول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ونطرد عنها طردًا . ” أخرجه ابن ماجه (1002) وغيره , وفي سنده مجهول حال , وعنعنة قتادة .

 

فحديث أنس له حكم الرفع , لما هو معروف من قول العلماء في قول الصحابي : ” كنا نفعل كذا على عهد رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – “.

والعلَّة في ذلك – كما ذكرها الإمام أحمد , كما في “مسائل أبي داود” ص(47) وكما ذكرها الإمام البيهقي في ” الكبرى ” (3/104) – هي قطع الصف , وبعضهم يرى أن العلة في ذلك : أن لأن بين السواري موضع النعال , لكن هذا أمر مُحْدَث ، فلا يعلل به , وبعضهم يرى أنه موضع صلاة مؤمني الجنة , ولا أعرف له دليلاً يعتمد عليه , فالعلة هي قطع الصف , فيتعرض الفاعل للوعيد السابق من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – أما إذا أُمنت العلة , كأن يكون الإمام أو المنفرد هو الذي يقف بين السواري ، أو هناك زحام في المسجد , أو نحو ذلك فلا كراهة – إن شاء الله – والله أعلم .

وقد نص الإمام أحمد في ” سؤالات أبي داود ” وأكثر العلماء على كراهة الصلاة بين السواري , ورخص فيها ابن سيرين , ومالك , وأصحاب الرأي , وابن المنذر في ” الأوسط ” (4/183) بحجة أنه لا دليل مع المانعين إلا قول أنس : ” كنا نتقي .. ” الأثر , قال ابن المنذر : ” ولو اتقى متقٍ كان حسنًا , ولا مأثم عندي على فاعله ” . اهـ .

والذي يظهر : المنع إذا تسبب في قطع الصف , وإلا فلا , لحديث ابن عمر – رضي الله عنهما – قال : دخل رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – البيت , وأسامةُ بن زيد , وبلال , وعثمان بن طلحة , فأغلقوا الباب , فلما فتحوا الباب كنت أول من ولج , فلقيت بلالاً فسألته : هل صلى فيه رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ؟ قال نعم , بين العمودين اليمانيين . متفق عليه , وبالتفريق بين الجماعة والفرد قال البخاري كما في (1/578) مع ” الفتح ” عند الحديث (504) وكذا ابن حبان , كما في “صحيحه” (5/599) مع “الإحسان” برقم (2220) والبيهقي (3/104) وغيرهم , والله أعلم .

للتواصل معنا