الأسئلة العامة

بعض النساء الحوامل يحدث لهن إسقاط الجنين, قبل موعد وضعه المعهود

السؤال: بعض النساء الحوامل يحدث لهن إسقاط الجنين, قبل موعد وضعه المعهود , فهل تترك المرأة الصلاة وغير ذلك , وتُعد نفساء , أم لا ؟

الجواب : اختلف أهل العلم في تحديد الحمل الذي بوضعه تكون أحكام النفاس , ونحن نعلم أن المخلوق يمر بعدة مراحل؛ كما قال تعالى: ] ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين . ثم جعلناه نطفة في قرار مكين . ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عضامًا فكسونا العظام لحمًا [ [المؤمنون: 1-14] وفي ” الصحيحين ” من حديث ابن مسعود – رضي الله عنه – قال : حَدَّثنا رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وهو الصادق المصدوق , قال : ” إن أحدكم يُجمع خَلْقُه في بطن أمه أربعين يومًا , ثم يكون علقة مثل ذلك , ثم يكون مضغة مثل ذلك , ثم يبعث الله مَلَكًا ، فَيُؤْمَر بأربع : برزقه ، وأجله ، وشقيِّ ، أو سعيد ٍ , ثم ينفخ فيه الروح … ” الحديث , فهل إذا ألقت المرأة حملها في أي مرحلة من هذه المراحل يكون لها أحكام النفاس ، أو في بعض المراحل دون بعض ؟ والمتفق عليه أنها إذا ألقت ما فيها حال كونه

نطفة ؛ فلا تعد نفساء , وقد نقل الاتفاق على ذلك الشيخ ابن عثيمين – حفظه الله – في ” الشرح الممتع ” (1/443) وكذلك اتفقوا على أنها إذا وضعته مخلّقًا , فإن لها أحكام النفاس ؛ واختلفوا فيما إذا كان علقة , وكذلك فيما إذا كان مضغة غير مخلقة , فمن قال بأن لها أحكام النفاس , استدل بعموم قوله تعالى : ] وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن [ [الطلاق: 4] وأن الشرع علق الحكم بالحمل , ولم يشترط مخلقة أو غير مخلقة , والذي يفصِّل عليه الدليل ، ولا دليل معه على تفصيله .

 

والذين قالوا بأنها ليس لها أحكام النفاس ؛ استدلوا بأن الدم الفاسد قد يجتمع في الرحم مدة طويلة , ويكون حملاً وهميًّا, وليس بحمل في الحقيقة, فإن وضعته غير مخلَّق , احْتَمَل أنه بداية خلق لإنسان ، واحتَمَل غيره , قالوا : ولا نُسْقِطُ عن المرأة الصلاة والصوم ، ونحرم وطأها في هذه الحالة مع الشك، وحدد بعضهم الفرق بثمانين يومًا ، أي بداية دخوله في الأربعين الثالثة , التي يكون الحمل فيها مضغة .

والذي يترجح لي في ذلك : أنها إذا ألقت قطعة لَحْمٍ شَهِدَ القوابل الثقات في هذا الشأن أنها بداية خلق إنسان , وكذلك إن أمكن معرفة حال العلقة ، وأنها بداية خلق إنسان ؛ فإن أحكام النفاس تشملها أيضًا , وتقضي عدتها ، وغير ذلك من أحكام , لأن العلقة في أواخر الأربعين الثانية تقرب في هيئتها من المضغة , ولا يُتَصَوَّرُ أنها في نهاية هذه الأربعين تبقى قطعة دم , كما كانت في بداية الأربعين الثانية , ثم في نهاية آخر ساعة من الأربعين الثانية وبداية أول ساعة من الأربعين الثالثة تنقلب من علقة إلى مضغة , فإن هذا بعيد جدًّا , وانظر نحو هذا المعنى في ” الفتح ” (11/ 481 ) .

وإن لم يتميز في العلقة شيء ؛ فلا تعد نفساء , أما مضغة اللحم : فالذي يظهر لي أنها لا تكون إلا بداية خلق إنسان , وهيئتها يختلف عن هيئة الدم الفاسد المتجمع في الرحم ، وعلى ذلك فلا يتميز لنا أن الساقط بداية إنسان فالمرأة تترك الصلاة والصوم ، وتحرم على زوجها حتى تطهر – على تفاصيل في ذلك معروفة في محلها – وإلا فالدم دم استحاضة فتتوضأ المرأة لكل صلاة ، وتتخذ ما يلزم لصيانة المكان من الدم .

وقد قال النووي – رحمه الله – في ” المجموع ” (2/532) : ” فرع : قال أصحابنا : لا يشترط في ثبوت حكم النفاس أن يكون الولد كامل الخلقة ولا حيًّا , بل لو وضعت ميتًا أو لحماً تصور صورة آدمي , أو لم يتصور , وقال القوابل : إنه لحم آدمي ؛ ثبت حكم النفاس … ” اهـ . وانظـر أيضًا ” تتمة المجموع ” (18/127-128) . والعلم عند الله – تعالى – . 

للتواصل معنا