الأسئلة العامة

كيف الجمع بين الحديث الذي يذكر أن الملَك يُؤْمَر بِكَتْبِ أربع كلمات للجنين

السؤال: كيف الجمع بين الحديث الذي يذكر أن الملَك يُؤْمَر بِكَتْبِ أربع كلمات للجنين , وذلك بعد عشرين ومائة يوم , وبين الحديث الذي يدل على أن ذلك بعد أربعين يوماً ؟

الجواب : جاء في ” الصحيحين ” من حديث ابن مسعود أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال : ” إن أحدكم يُجْمَعُ خلقة في بطن أمه أربعين يوماً , ثم يكون علقة مثل ذلك , ثم يكون مضغة مثل ذلك , ثم يُرسَل الملك , فيَنفخ فيه الروح , ويُؤْمَرُ بأربع كلمات: بِكَتْبِ رزقه , وأجله , وعمله , وشقي , أم سعيد .. ” الحديث . وعند مسلم (2644) من حديث حذيفة بن أَسِيد يبلغ به النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال : “ يدخل الملَكُ على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين , أو خمسة وأربعين ليلة , فيقول : يارب ! أشقي أم سعيد ؟ فيُكْتَبان , فيقول : أي رب ! أَذَكَرٌ أم أنثى ؟ فيُكتبان , ويُكتب عمله , وأثره , وأجله , ورزقه , ثم تُطْوى الصحف , فلا يُزاد فيها ولا يُنقص ” .

وعنده أيضًا برقم (2645) عن أبي الزبير المكي أن عامر بن واثلة حدثه أنه سمع عبد الله بن مسعود يقول : الشقي من شقي في بطن أمه , والسعيد من وُعظ بغيره , فأتى رجلاً من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يقال له : حذيفة بن أسيد الغفاري , فحدثه بذلك , من قول ابن مسعود , فقال : وكيف يشقى رجل بغير عمل ؟ فقال له الرجل : أتعجب من ذلك ؟ فإني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يقول : ” إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة ؛ بعث الله إليها مَلَكًا , فصوّرها , وخلق سمعها , وبصرها , وجلدها , ولحمها , وعظامها , ثم قال : يا رب ! أَذَكَرٌ أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما شاء , ويكتب الملك , ثم يقول : يا رب! أجله ؟ فيقضي ربك ما شاء ، ويكتب الملك , ثم يقول : يا رب! رزقه ؟ فيقضي ربك ما شاء ، ويكتب الملك , ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده , فلا يزيد على ما أُمر ولا ينقص ” .

 

وطريق الجمع بين هذه الروايات ذكره الإمام النووي -رحمه الله- , ونقل بعضه عن القاضي عياض , كما في ” شرح مسلم ” (16/407-408), و”الفتح” (11/484-485) , وخلاصة ذلك : أن إرسال الملك متعدد, فمرة في بداية الأربعين الثانية , لكتب الشقاوة والسعادة, والذكورة والأنوثة , والعمل , والرزق , والأثر , والأجل , وهذا المراد بما ورد في حديث حذيفة بن أسيد : “.. فصورها , وخلق سمعها , وبصرها , وجلدها , ولحمها , وعظامها .. ” , قال عياض : لأن التصوير عقب الأربعين الأولى يكون غير موجود في العادة ، وإنما يقع في الأربعين الثالثة ، وهي مدة المضغة ، ثم يكون للملك إرسال في نهاية الأربعين الثالثة لنفخ الروح وتصويره , وخَلْق سمعه ، وبصره , وجلده , ولحمه , وعظمه , وكونه ذكراً , أو أنثى , وهذا التصوير قبل نفخ الروح لا يكون إلا بعد تمام صورته , وقد اتفق العلماء على أن نفخ الروح لا يكون إلا بعد أربعة أشهر , هذا ملخص ما جاء عن الأئمة الذين وقفت على كلامهم, والله أعلم.

للتواصل معنا