الأسئلة العامة

هل ورد شيء في فضل الصيام في شهر شعبان ؟

السؤال: هل ورد شيء في فضل الصيام في شهر شعبان ؟

الجواب : نعم , وردت أحاديث صحيحة عن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – في فضل الصيام في شهر شعبان .

فمن ذلك : أن عائشة – رضي الله عنها – قالت : ” كان رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يصوم حتى نقول : لا يفطر , ويفطر حتى نقول : لا يصوم , وما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – استكمل صيام شهر إلا رمضان , وما رأيته أكثر صياما منه في شعبان ” . أخرجه البخاري (9691) ومسلم (5611) وفي رواية عنها – رضي الله عنها – أنها قالت : ” لم يكن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يصوم شهرًا أكثر من شعبان , وكان يقول : ” خذوا من العمل ما تطيقون …” أخرجه البخاري ( 1970) ومسلم مختصرًا (1156) .

وهذا الإكثار من الصيام في شهر شعبان يدل على فضيلة هذه العبادة في هذا الشهر , والمقصود صيام أكثر الشهر , لا كله , كما هو ظاهر بعض الروايات , والذي حملَ أهل العلم على تأويل الكل بالأكثر الرواياتُ الأخرى , لأنه بجمع الروايات يتضح المقصود من الإجمال والإبهام , فمن ذلك ما جاء عند مسلم – رحمه الله – من حديث عائشة , وقد سألها عبد الله بن شقيق : هل كان النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يصوم شهرًا معلومًا سوى رمضان ؟ قالت : ” لا والله , إن صام شهرًا معلومًا سوى رمضان , حتى مضى لوجهه ” – وفي رواية : “حتى مضى لسبيله ” – ولا أفطره حتى يصيب منه ” وفي رواية : ” ولا أفطره كله حتى يصوم منه ” وفي رواية عند مسلم أيضا : ” وما رأيته صام شهرًا كاملاً منذ قدم المدينة إلا أن يكون رمضان ” وفي رواية عند مسلم أيضًا : ” وما رأيت رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – استكمل صيام شهر قط إلا رمضان , وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان ” وفي رواية عند مسلم أيضا : ” كان يصوم شعبان كله ,كان يصوم شعبان إلا قليلاً ” .

 

وعند البخاري (1971) ومسلم ( 1157) من حديث ابن عباس – رضي الله عنهما – : ” ما صام رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – شهرًا كاملاً قط غير رمضان , وكان يصوم حتى يقول القائل : لا والله لا يفطر , ويفطر حتى يقول القائل : لا والله لا يصوم ” .

وحَمْلُ صيام شعبان على الأكثر هو الظاهر , وقد نقل الإمام الترمذي عن الإمام عبد الله بن المبارك أنه قال : ” هو جائز في كلام العرب إذا صام أكثر الشهر أن يقال : صام الشهر كله , ويقال : قام فلان ليله أجمع , ولعله تعشى , واشتغل ببعض أمره “.

قال الترمذي – رحمه الله – : ” كأن ابن المبارك قد رأى كلا الحديثين متفقين , يقول : إنما معنى هذا الحديث أنه كان يصوم أكثر الشهر ” . انتهى . “سنن الترمذي” ( 3/14/737) .

وقد اختلف العلماء في الحكمة من الإكثار من الصيام في شهر شعبان, فمنهم من قال : إنه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – كان يشتغل عن صوم الثلاثة الأيام من كل شهر لسفر أو غيره , فتجتمع , فيقضيها في شعبان , ومنهم من قال : لتعظيم رمضان , ومنهم من قال : إن نساءه – عليه السلام – كن يقضين ما عليهن من رمضان في شعبان , فكان – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يشاركهن, ومنهم من قال: إنه – عليه السلام – كان يعوض ما فاته من تطوع في شهر رمضان , ومنهم من قال : لأن الناس يغفُلون عن الصيام في شعبان , بخلاف رجب ورمضان, ولأن الأعمال ترفع فيه . انتهى ملخصًا من ” الفتح ” (4/314/315) ولم أعلم دليلاً يصحّ لشيء من هذه الأقوال , وقد ضعّف الحافظ أكثر أدلتها , ولا يمنع أن يكون هذا كله مرادًا , أو لحكمة أخرى علمها من علمها , وجهلها من جهلها , والله أعلم . 

للتواصل معنا