الأسئلة العامة

ما حكم الزيادة في دعاء قنوت الوتر على ما ورد في حديث الحسن بن علي ؟

السؤال: ما حكم الزيادة في دعاء قنوت الوتر على ما ورد في حديث الحسن بن علي ؟

الجواب : المراد بحديث الحسن بن علي – رضي الله عنهما – قوله : علمني رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – كلمات أقولهن في قنوت الوتر : ” اللهم اهدني فيمن هديت , وعافني فيمن عافيت , وتولني فيمن توليت , وبارك لي فيما أعطيت , وقني شر ما قضيت , فإنك تقضي ولا يُقضى عليك , إنه لا يذل من واليت , تبارك ربنا وتعاليت ” .

وهذا الحديث قد اُختلف فيه , فرواه أبو إسحاق السبيعي بالعنعنة في الطرق التي وقفت عليها عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن به , وتابعه يونس بن أبي إسحاق على تقييد هذا الدعاء بقنوت الوتر , لكن خالفهما شعبة , فرواه عن بريد عن أبي الحوراء , قال : سألت الحسن بن علي : علامَ تذكر من رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ؟ فقال : كان يعلمنا هذا الدعاء : ” اللهم اهدني فيمن هديت… ” الحديث ,

ولم يذكر القنوت ولا الوتر ، قـال ابن خزيمة في “صحيحه” (2/152- 153) : ” وشعبة أحفظ من عدد مثل يونس بن أبي إسحاق وأبو إسحاق لا يُعلم أسمع هذا الخبر من بُرَيد أو دلّسه عنه , اللهم إلا أن يكون – كما يدعى بعض علمائنا – أن كل ما رواه يونس عمن روى عنه أبوه أبو إسحاق إنما هو مما سمعه يونس مع أبيه ممن روى عنه , ولو ثبت الخبر عن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أنه أمر بالقنوت في الوتر , أو قنت في الوتر ؛ لم يجز عندي مخالفة خبر النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – , ولست أعلمه ثابتًا ” اهـ .

 

وكلام ابن خزيمة الذي نقله عن بعض علمائه يظهر لي أنه لم يعتمده ؛ لتصريحه بأنه لا يعلم هذا الحديث ثابتًا , إذ لو كان ما نقله معتمدًا عنده ؛ لكان معنى ذلك أن أبا إسحاق قد ثبت سماعه , وتابعه على ذلك ابنه , فينجبر تدليس أبي إسحاق بمتابعة يونس له , وينجبر ما في يونس من كلام برواية أبيه , لكن هذا لم يعتمده مَنْ نَقَلَهُ فضلاً عن غيره , وأيضًا لم نعرف مَن هذا المدَّعِي , وما هي مكانته في هذا الفن ؟ وتضعيف أحمد للحديث – كما سبق – يدل على عدم اعتماد مثل هذا النقل ، والله أعلم .

وهناك من تابع أبا إسحاق على قوله , لكن لا يُفرح بذلك ؛ لأن المتابع إما أن يكون متروكًا ، كالحسن بن عمارة , أو مجهولاً لا يُدري من هو, أو روايًا اختلف عليه من بعده , والراجح عنه عدم ذكر القنوت.

وإذا كان هذا الأصل لم يثبت , فهل يُقال بعد ذلك : ما حكم الزيادة ؟ ولا زيادة إلا بوجود أصل , والأصل نفسه فيه نظر !!

وعلى ذلك ؛ فالراجح أنه لا يحدد في دعاء القنوت حد معين , فإن كان في نازلة ؛ دعا الله U بما يناسب الحال , وإن كان في وتر ؛ فقد أفتى أهل العلم بأنه لا حد لذلك , إلا في رواية عن أحمد – بخلاف المشهور عنه– ، ذكرها ابن القيم -رحمه الله– في نهاية كتاب “الصلاة” , وانظر قول آخرين في “المجموع” (3/497) وخطَّأهم النووي في ذلك , وانظر أقوال العلماء في عدم تقييد ذلك بحد معين في “سؤالات أبي داود لأحمد” ص (70-71) و”بدائع الصنائع” للكاساني (1/406) و”المجموع” للنووي (3/497) بل ادعى القاضي عياض اتفاق جماهير العلماء على أنه لا يتعين في القنوت دعاء , وعد ابن الصلاح القول بالتعيين شاذًّا مردودًا مخالفًا لجمهور الأصحاب ، بل مخالفًا لجماهير العلماء , ثم نقل كلام القاضي عياض – رحمهم الله جميعًا – انظر “المجموع” (3/497) وانظر “مجموع الفتاوى” لشيخ الإسلام (23/108 وما بعدها ) , و “نتائج الأفكار” للحافظ (2/154) وغير ذلك .

ومن اطلع على كلام أهل العلم في ذلك ؛ علم أن في الأمر سعـة ويُسرًا ؛ فيا لله العجب ! من حال كثير من الشباب في هذا الباب , فكم من إمام اتهموه وهجروه ؛ لكونه أتى بدعاء ليس في حديث الحسن ، وكم من فوضى ونزاع في بيوت الله بسبب هذا الأمر ؛ فأسأل الله U أن يرزقنا البصيرة في الدين , والعلم النافع , والخلق الحسن ، والله أعلم . 

للتواصل معنا