الأسئلة العامة

رجل صلى مع إمامه حتى انتهى من الوتر , ثم قام من الليل وأراد أن يصلي

السؤال  : رجل صلى مع إمامه حتى انتهى من الوتر , ثم قام من الليل وأراد أن يصلي , فماذا يفعل ؟ لأن بعض الناس يقول له : صلّ ركعة أخرى تشفع لك ما صليت , ثم صلّ بعد ذلك ما شئتَ ، ثم أوتر , فهل هذا صحيح أم لا ؟

الجواب : هذا المسألة تسمى بنقض الوتر , وقد اختلف فيها أهل العلم .

فصحّ عن ابن عمر أنه كان إذا قام ؛ يشفع وتره بأخرى , ثم يصلي , ثم يوتر , وأنكر ذلك ابن عباس , فقال : إن ابن عمر ليوتر في الليلة ثلاث مرات . وأخرجه عبد الرزاق من طريق الزهري عن ابن عباس , والظاهر أن الزهري لم يسمع من ابن عباس .

وقد صحّ عن ابن عباس أنه قال : إذا أوترت من أول الليل ؛ فصل شفعًا حتى تصبح .


 

وهذه المسألة قد قال بكل قول فيها جماعة :

واستدل من قال بنقض الوتر بما جاء في ” صحيح مسلم” برقم (1752) من حديث ابن عمر أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال : ” اجعلوا آخر صلاة ليلكم وترًا “ .

وأما من قال بعدم نقض الوتر ؛ فقد استدل بحديث قيس بن طلق بن علي , قال : زارنا أبي طلقُ بنُ علي في يوم من رمضان ؛ فأمسى بنا , وقام بنا تلك الليلة , وأوتر بنا , ثم انحدر إلى المسجد ؛ فصلى بأصحابه , حتى بقي الوتر , ثم قدّم رجلاً , فقال له : أوتر بهم ؛ فإني سمعت رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يقول : ” لا وتران في ليلة ” . أخرجه النسائي والترمذي وغيرهما , وقيس فيه كلام , لكنه هنا يروي قصة وقعت له , مما يرجح ضبطه لها .

قالوا : فمن نقض وتره ؛ فقد صلى وترين وزيادة في ليلة واحدة .

وقالوا أيضًا : وكيف تتصل صلاة بصلاة وبينهما أكل ، وشرب ، ونوم ، وإحداث ونحو ذلك من مبطلات الصلاة ؟

وقد قال الترمذي – رحمه الله – بعد إخراج الحديث : ” واختلف أهل العلم في الذي يوتر من أول الليل , ثم يقوم آخره , فرأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ومن بعدهم نقض الوتر ، وقالوا : يضيف إليها ركعة ، ويصلي ما بدا له ، ثم يوتر في آخر صلاته ؛ لأنه ” لا وتران في ليلة “([1]) ، وهو الذي ذهب إليه إسحاق .

وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وغيرهم : إذا أوتر من أول الليل , ثم نام , ثم قام من آخر الليل؛ فإنه يصلي ما بداله , ولا ينقض وتره , ويدع وتره على ما كان , وهو قول سفيان الثوري ، ومالك بن أنس ، وابن المبارك ، والشافعي ، وأهل الكوفة ، وأحمد , وهذا أصح ؛ لأنه قد رُوي من غير وجه أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد صلى بعد الوتر ” اهـ.

وأجاب أهل هذا القول عن حديث ابن عمر : ” اجعلوا آخر صلاة ليلكم وترًا ” بأنه في الرجل يريد الصلاة من الليل ، فإذا أراد ذلك ؛ فالسنة أن يصلي مثنى مثنى ، ثم يوتر آخر صلاته , وليس ذلك لمن أوتر مرة ؛ إذ ليس من السنة أن يوتر في ليلة مرتين… اهـ . انظر “الأوسط” لابن المنذر (5/198) .

ثم قال ابن المنذر : ” ولا أعلم اختلافًا في أن رجلاً بعد أن أدى صلاة فرض كما فُرِضَتْ عليه , ثم أراد بعد أن فرغ منها نقضها, أن لا سبيل له إليه ؛ فحكم المختلف فيه من الوتر حكم ما لا نعلمهم اختلفوا فيه مما ذكرناه , وكذلك الحج ، والصـوم ، والعمـرة ، والاعتكاف , لا سبيل إلى نقض شيء منها بعد أن يكملها…” اهـ .

وهذا هو القول الراجح نقلاً ، وعقلاً ، وقياسًا , ومع ذلك فمن أخذ بالقول الأول ؛ فلا يُرمى بذم ؛ لأنه مسبوق بجماعة من أهل العلم ، والله تعالى أعلم .



(1) لا أدري لماذا احتج بهذا الحديث لأهل هذا القول ؟ والله أعلم .

للتواصل معنا