الأسئلة العامة

نرى في بعض المساجد في صلاة التراويح من يؤم الناس بالمصحف , فهل هذا صحيح أم لا ؟

السؤال  : نرى في بعض المساجد في صلاة التراويح من يؤم الناس بالمصحف , فهل هذا صحيح أم لا ؟

الجواب : الأصل أن القراءة من حفظ الرجل أقرب إلى السنة ، وأنفع لصـاحبها , حيث إنها تُثَبِّتُ القرآن في قلبه , وقد رخّص الإمـام مالك – رحمه الله – عندما سئل عن ذلك , فقال : إذا اضطر الناس إلى ذلك , وثبت عن عائشة أم المؤمنين – رضي الله عنها – أن غلامها ذكوان كان يؤمها من المصحف . أخرجه ابن أبي شيبة في “مصنفه” وابن أبي داود في “المصاحف” وقد ذكرا أسانيد كثيرة لمن رخّص في ذلك , ولمن منع من ذلك .

والذي رخص نظر إلى أن قراءة القرآن من أعمال الصلاة , والنافلة قد تُوسِّع فيها , وقد فعلته أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – ولأن من لا يحفظ شيئًا من القرآن ، واحتاج إلى ترديد سورة أو سورتين أو نحو ذلك ؛ لا ينشط الناس للصلاة معه .

ومن منع من ذلك نظر إلى أنه تشبه بأهل الكتاب , وأنه فعلٌ في الصلاة ليس له دليل يشهد لصحته .

وأكثر العلماء على الجواز بضوابط , مع إقرارهم بأن القراءة من الحفظ أولى , وقد رُوي عن الزهري أنه سئل عن ذلك , فقال : مازالوا يفعلون ذلك منذ كان الإسلام , كان خيارنا يقرؤون في المصاحف . لكن في سنده عبد العزيز بن محمد ، وهو الدراوردي , وكذا فيه ابن أخي الزهري , وكلاهما لا يُحتج به .

وإذا كان القارئ حافظًا ؛ وأخذ أحد خلفه المصحف , ونظر فيه ليفتح عليه ؛ فقد جاء في “مصنف ابن أبي شيبة” (2/125/7222) : حدثنا يحيى بن آدم قال : حدثنا عيسى بن طهمان , قال : حدثني ثابت البناني , قال : كان أنس يصلي وغلامه يمسك المصحف خلفه , فإذا تعايا في آية ؛ فتح عليه . وهذا سند حسن , رجاله كلهم ثقات إلا عيسى بن طهمان ؛ فهو صدوق .

فمن فعل ذلك واقتدى بأنس – رضي الله عنه – ؛ فأرجو أن يكون في الأمر سعة , ومن كان يصلي وبجواره المصحف ؛ فإن عجز عن شيء نظر في المصحف , فقد صحّ نحو هذا عن ابن سيرين , أخرجه ابن أبي داود في ” المصاحف ” ص (194) من وجوه كثيرة أنه كان يصلي قاعدًا والمصحف إلى جنبه , فإذا شك في شيء ؛ نظر فيه , وهو في الصلاة . وفي رواية : أخذه ؛ فنظر فيه .

وقد ذهب أبو حنيفة – رحمه الله – إلى فساد صلاة من قرأ في صلاة التراويح من المصحف , وتعقبه المروزي , كما في “مختصر قيام الليل” ص (234) بأنه لا يعلم أحدًا قبل أبي حنيفة أفسد صلاته , وردّ على قياس أبي حنيفة ذلك بمن نظر أثناء الصلاة في كتب الحساب .

وذهب ابن حزم في “المحلى” (4/223) برقم (493) إلى بطلان صلاة من فعل ذلك .

والراجح : أن ذلك جائز عند الحاجة , وعند عدم الحاجة ؛ فيكره , وأما أن يمسك الإمام المصحف ، والناس من خلفه يمسكون المصاحف ، – كما رأيته في بعض المساجد – ؛ فهذا لم أقف عليه من فعل السلف , ولا حاجة للمأمومين في ذلك , ويُخشى على أن الناس أن يتوسعوا كل يوم بشيء لم يُؤْثَر عن سلفهم ؛ فيضلوا السبيل , والله المستعان . 

للتواصل معنا