الأسئلة العامة

هل تجب زكاة الفطر على الفقير , أم على الأغنياء فقط ؟

السؤال  : هل تجب زكاة الفطر على الفقير , أم على الأغنياء فقط ؟

الجواب : جمهور أهل العلم على أن الغِنَى أو مِلْكَ النصاب ليس شرطًا في وجوب زكاة الفطر ؛ لأن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فرضها على الصغير والعبد , وهما لا يملكـان شيئًا – في الغالب – وأما الذي لا شيء معه , ولم يأته من الزكاة أو غيرها ما يكفيه ومن يعول , فقد نقل ابن العراقي في “طرح التثريب” (4/65) عن ابن المنذر أنه قال : ” أجمعوا على أن لا شيء على من لا شيء له .” اهـ ولا شك أن قواعد الشرع تشهد لذلك , فإن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها, ولا تكليف مع العجز ، والله أعلم .

وذهب أكثر أهل العلماء إلى أن الفقير مكلَّف بزكاة الفطر ، إذا كان يملك قوته وقوت من يعول لمدة يوم , وفضل عن ذلك صاع فأكثر , وذهب بعضهم إلى أن الفقير الذي يزكي: هو من يملك قوت خمسة عشر يومًا أو شهر له ولمن يعول , وذهب أبو حنيفة إلى أن زكاة الفطر لا تكون إلا على الغني الذي يملـك نصابًا من الذهب , أو الفضة , أو ما قيمته قيمة نصاب , فاضلاً عن مسكنه وأثاثه الذي لا بد منه , قال العبدري : ” ولا يحفظ هذا عن أحد غير أبي حنيفة …” اهـ من “طرح التثريب”.

واستدل من أوجبها على الفقير , بحديث عبدالله بن ثعلبة بن أبي صُعَيْر أو ثعلبة بن عبدالله بن أبي صُعَيْر عن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أنه قال : ” صاع من بر , أو قمح , على كل اثنين , صغير أو كبير , حر أو عبد , ذكر أو أنثى , أما غنيكم فيزكِّيه الله , وأما فقيركم فيرُدُّ الله عليه أكثر مما أعطى ” أخرجه أبو داود وغيره , والصواب في الحديث أنه مرسل وليس بمتصل , والله أعلم .

وقد مال ابن العربي إلى مقالة أبي حنيفة في ذلك , فقال : ” والمسألة له قوية ؛ فإن الفقير لا زكاة عليه , ولا أمر النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – بأخذها منه , وإنما أمر بإعطائها له , وحديث ثعلبة لا يعارض الأحاديث الصحاح ولا الأصول القوية , وقد قال : ” لا صدقة إلا عن ظهر غنى , وابدأ بمن تعول ” وإذا لم يكن هذا غنيًّا ؛ فلا تلزمه الصدقة.” اهـ

وقال ابن العراقي عقب هذا القول : ” وهو ضعيف , وليس التمسك في ذلك بحديث ثعلبة وإنما التمسك بالعموم الذي في قوله : “فرض رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – زكاة الفطر من رمضان على الناس … إلا أنَّا اعتبرنا القدرة على الصاع , لِمَا علم من القوعد العامة , فأخرجنا عن ذلك العاجز عنه والله أعلم .” اهـ “طرح التثريب” (4/66) .

والجمهور يقولون : الغِنَى شرط في زكاة الأموال ، أما زكاة الأبدان فلا , وقولهم هو الراجح بدليل ذكر الصغير والعبد , والله أعلم .

وانظر مذهب الحنفية في “بدائع الصنائع” (2/104) للكاساني و”اللباب في الجمع بين السنة والكتاب” للمنبجي (1/386) و”شرح فتح القدير” لابن الهمام (2/281-282) .

ومن الجمهور مالك – على اختلاف عليه – والشافعي وأحمد ؛ كما في “سؤالات أبي داود” ص(86) وانظر “التمهيد” (14/328-329) و”الاستذكار” (9/353) وما بعدها, و”مصنف ابن أبي شيبة” (2/431) و”الإقناع” لابن المنذر (1/182) و”الإنصاف” للمرداوي (3/164) والعلم عند الله تعالى .

(تنبيه) : من كان عليه دَيْن , فلا يمنعه ذلك عن أداء زكاة الفطر , إلا أن يكون صاحب الدَّيْنِ مطالبًا به , أو كان الدَّيْنُ حالاًّ قبل وجوبها , انظر “الإنصاف” (3/176) و”الشرح الممتع” (6/154) وهذه المسألة من المسائل التي اختلفتْ فيها أحكام زكاة الفطر عن زكاة المال , فمَنَعَ الدَّيْنُ من زكاة المال , لأن الزكاة على المال لا البدن , فلو كان الفقير لا يملك بعد قوته إلا صاعًا , وعليه صاع , وصاحب الصاع ملازم له بالطلب , أو حل أجل الدَّيْن ؛ أدى الصاع لصاحبه وسقط عنه التكليف , والله أعلم . 

للتواصل معنا