الأسئلة العامة

السؤال : هل زكاة الفطر عن الزوجة تلزمها ، أو تلزم زوجها ؟

السؤال  : هل زكاة الفطر عن الزوجة تلزمها ، أو تلزم زوجها ؟

الجواب : قال ابن عبدالبر في “الاستذكار” (9/343): ” وأما اختلافهم في الزوجة , فقال مالك والشافعي والليث وأحمد وإسحاق وأبو ثور : على زوجها أن يخرج عنها زكاة الفطر , وهي واجبة عليه عنها , وعن كل من يمون – أي يعول – ممن تلزمه نفقته , وهو قول ابن عُلية : أنها واجبة على الرجل في كل من يمون ممن تلزمه نفقته .

قال الثوري وأبوحنيفة وأصحابه : ليس على الزوج أن يؤدي عن زوجته ولا عن خادمها , قالوا : وليس على أحد أن يؤدي إلا عن ولده الصغير وعبده “.

قال أبو عمر : ” قد أجمعوا أن عليه أن يؤدي عن ابنه الصغير إذا لزمته نفقته , فصار أصلاً يجب القياسُ وردُّ ما اختلفوا فيه إليه , فوجب في ذلك أن تجب عليه في كل من تلزمه نفقته , وبالله التوفيق …” اهـ

وفي “التمهيد” (14/331-332) : ” قال مالك : من لابد له أن يُنفق عليه لزمته عنه صدقة الفطر إن كان العبد مسلمًا , وقال الشافعي : من أجبرناه على نفقته من ولده الصغار والكبار الزَّمْنى الفقراء , وآبائه وأمهاته الزمنى الفقراء , وزوجته , وخادم واحد لها , فإن كان لها أكثر من خادم ؛ لم يلزمه أن يزكي عنهم , ولزمها أن تؤدي زكاة الفطر عمن بقي من رقيقها , وقول مالك وأصحابه في هذا الباب نحو قول الشافعي , وذكر أبو الفرج أن مذهب مالك في صدقة الفطر : أنها تلزم الإنسان عن جميع من تلزمه نفقته , من ولد , ووالد , وزوجة , وخادمها , وتلزمه في عبيده المسلمين , وكذلك المدبَّر , والمكاتب , وأم الولد , والمرهون , والمخدَّم , والمبيع بيعًا فاسدًا “.

قال أبو عمر : ” أما قوله : “من تلزمه نفقته” فإن أراد من يُجْبَر على نفقته بقضاء قاضٍ من غير أن يكون أجيرًا , وأصلهم في ذلك أنها تجب عليك عمن تلزمك نفقته بنسب : كالأبناء الفقراء , أو الآباء الفقراء , وبنكاحٍ , وهُنَّ الزوجات , أو ملك رق , وهم العبيد …” اهـ

وفي “سؤالات عبدالله بن أحمد” ص(168-169) : ” سئل أحمد عن زكاة الفطر , فقال : كل من تجري عليه نفقتك , وقال أيضًا : تجب على الحر , والعبد , وولد الرجل , وامرأته , وكل من يعوله , وتجب عليه نفقته عليه .” اهـ

ومنع ابن حزم في “المحلى” (6/137-138) من لزوم صدقة الفطر الزوج عن زوجته , فقال : ” مسألة : وليس على الإنسان أن يخرجها عن أبيه , ولا عن أمه , ولا عن زوجته , ولا عن ولده , ولا عن أحد ممن تلزمه نفقته , ولا تلزمه إلا عن نفسه , ورقيقه فقط , ويدخل في الرقيق أمهات الأولاد , والمدَبَّرُون : غائبهم , وحاضرهم …” ثم قال : ” إيجاب رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – زكاة الفطر على الصغير , والكبير , والحر , والعبد , والذكر , والأنثى , إيجاب لها عليهم , فلا تجب على غيرهم فيه , إلا من أوجبه النص , وهو الرقيق فقط , قال تعالى : ]وَلاَ تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [” اهـ .

وقد سبق استدلال ابن عبدالبر بقياس الزوجة على الصغير الذي تجب نفقته على أبيه , أو من يعوله ويؤيد ذلك فعل الصحابة , فهذا ابن عمر كان يؤديها عن كل من يعول , وعن رقيق نسائه . أخرجه الدار قطني والبيهقي , وبسندين آخرين بنحوه عند البيهقي , وابن عمر راوي حديث صدقة الفطر , وثبت أيضًا عن أسماء أنها أخرجت صدقة الفطر عمن تمون , أخرجه ابن راهويه في “مسنده” وروي حديث مرفوع في ذلك , وسنده غير متصل , إلا أنه يتقوى بالموقوفات , وقد صرح بتقوية ذلك البيهقي (4/161) والأمر كما قال – رحمه الله – .

لكن ينبغي أن يُعْلَم أن ابن المنذر ادعى الإجماع على أن صدقة الفطر تجب على المرء إذا أمكنه أداؤها عن نفسه , وعن أولاده الأطفال الذين لا أموال لهم” انظر “الإجماع” ص(35) برقم (106) ، “الإقناع” (1/181) وزاد : ” وإذا كان للطفل مال أخرجه عنه من ماله “. اهـ وعزاه ابن رشد في “بداية المجتهد” (2/131) للجمهور , وعلى كل حال فهذا يقوي في النفس أن الزوجة إذا كان لها مال وجبت زكاتها عليها من مالها , وإلا زكى عنها زوجها , والله أعلم .

والزوجة الناشز لا تلزم لها نفقة ولا صدقة , انظر “الإنصاف” للمرداوي (3/174) والناشز: هي التي تترفع على زوجها , وتعصيه فيما يجب عليها طاعته به , أو تطيعه ولكن متكرهة متبرمة , فإذا أمرها بأمر؛ فإنها تمتنع وتتأخر عن تنفيذه , وما أشبه ذلك . اهـ من “الشرح الممتع” (6/164) . 

للتواصل معنا