الأسئلة العامة

في بعض البلدان يقدمون خطبة العيد قبل الصلاة كالجمعة ، فهل هذا صحيح أم لا ؟

السؤال  : في بعض البلدان يقدمون خطبة العيد قبل الصلاة كالجمعة ، فهل هذا صحيح أم لا ؟

الجواب : هذا خلاف سنة رسول الله e ، والخلفاء الراشدين المهديين ؛ ففي “صحيح البخاري” برقم (962) و”صحيح مسلم” برقم (884) من حديث ابن عباس ، أنه قال : شهدت العيد مع رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وأبي بكر ، وعمر ، وعثمان  – رضي الله عنهم – فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة .


 

وفي رواية عند مسلم برقم (884) من حديث ابن عباس قال : أشهد على رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم –  لَصَلَّى قبل الخطبة ، قال : ثم خطب… الحديث .

ومن حديث أبي سعيد عند البخاري برقم (956) ومسلم برقم (988) قال : كان رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم –  يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى ، فأول شيء يبدأ به الصلاة ، ثم ينصرف ، فيقوم مقابل الناس – والناس جلوس على صفوفهم – فيعظهم ، ويوصيهم ، ويأمرهم ، فإن كان يريد أن يقطع بعثًا قَطَعَه ، أو يأمر بشيء أَمَرَ به ، ثم ينصرف .

قال أبو سعيد : فلم يزل الناس على ذلك ، حتى خرجْتُ مع مروان – وهو أمير المدينة – في أضحى أو فطر ، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت ، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلي ، فجذبته بثوبه ، فجذبني ، فارتفع , فخطب قبل الصلاة ، فقلت له : غيَّرْتُم والله ، فقال : أبا سيعد ، قد ذهب ما تعلم ، فقلت : ما أعلم والله خيرٌ مما لا أعلم ، فقال : إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة , فجعلتها قبل الصلاة .

ومن حديث البراء عند البخاري برقم (965) ومسلم برقم (1961) قال النبي e : ” إن أول ما نبدأ في يومنا هذا : أن نصلي ، ثم نرجع فننحر ، فمن فعل ذلك ؛ فقد أصاب سنتنا ، ومن نحر قبل الصلاة ؛ فإنما هو لَحْمٌ قدَّمه لأهله ، ليس من النُّسُكِ في شيء… ” .

وقال ابن المنذر في “الأوسط” (4/271) : ” فقد ثبت عن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أنه بدأ بالصلاة قبل الخطبة في يوم العيد ، وكذلك فعل الخلفاء الراشدون المهديون ، وعليه عوام علماء الأمصار ، فممن كان يبدأ بالصلاة قبل الخطبة : أبو بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفـان ، وعلي بن أبي طالب ، والمغيرة بن شعبة ، وابن مسعود ، وهذا قول ابن عباس ، وسفيان الثوري ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأبي ثور ، وإسحاق وأصحاب الرأي…” اهـ.

وقد ذكر الباجي في ” المنتقى ” (1/361) ، وابن عبدالبر في “التمهيد” (10/254) وفي “الاستذكار” (7/18-19) وابن رشد في “بداية المجتهد” (1/505-506) والمقدسي في “المغني” (2/243) وعياض – كما في “نيل الأوطار” (3/311) – كلهم ذكروا أن هذا أمر لا خلاف فيه ، وقد ثبت أن عمر ، وعثمان قدما الخطبة ، وحُمِلَ ذلك منهما – رضي الله عنهما – على النادر القليل ، وإلا فما في “الصحيحين” عنهما أصح ، قاله الحافظ في “الفتح” (2/452) وصح عن ابن الزبير أنه قدم الخطبة ، ولا يصح عن معاوية ، وكذا ثبت أن مروان قدم الخطبة على الصلاة ، كما في حديث أبي سعيد السابق ، وأما زياد فلم أقف على السند إليه بذلك .

وذكر الحافظ أن عذر عثمان t في تقديم الخطبة غير عذر مروان ؛ لأن عثمان رأى مصلحة الجماعة في إدراكهم الصلاة , وأما مروان فرأى مصلحتهم في إسماعهم الخطبة ، لكن قيل : إنهم كانوا في زمن مروان يتعمدون ترك سماع خطبته ؛ لما فيها من سب من لا يستحق السب ، والإفراط في مدح بعض الناس ، فعلى هذا إنما راعى مصلحة نفسه ، ويحتمل أن عثمان فعل ذلك أحيانًا بخلاف مروان فواظب عليه ، فلذلك نُسب إليه اهـ . من “فتح الباري” (2/451-452) .

(تنبيه) : تقديم الخطبة على الصلاة لا يبطل الصلاة ؛ ولذلك كان أبو سعيد يصلي وراء مروان ، مع إنكاره عليه ما أحدث في صلاة العيد وخطبته . وانظر ” شرح النووي لمسلم ”  (6/ 418) .

للتواصل معنا