الأسئلة العامة

رجل اشترى أضحية , وأوجبها على نفسه , ثم طرأ عليها عَيْبٌ بَيِّن , كالعَوَر ,

السؤال: رجل اشترى أضحية , وأوجبها على نفسه , ثم طرأ عليها عَيْبٌ بَيِّن , كالعَوَر , أو العَرَج , ونحو ذلك , فهل يضحي بها على هذا الحال , أم لا ؟

الجواب : ذهب جماعة من العلماء منهم : مالك , والشافعي إلى أن الأضحية بهذا الحال تجزئ , انظر ” المدونة ” (2/4-5) و” الأم ” (2/352 ) وهو قول أحمد , كما في ” سؤالات صالح بن أحمد ” (3/33/1267) .

وذهب الحنفية إلى أنها لا تجزئ , كما في ” المغني ” (11/103).

واستدل الجمهور بأدلة أقواها حديث ابن عباس عند مسلم (2/962) برقم (1325) وحديث ناجية الأسلمي عند أبي داود (1762) والترمذي (910) وغيرهما ، وحديث أبي قبيصة عند مسلم برقم (1326) ولفظ حديث ابن عباس : ” بعث رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – بست عشرة بدنة مع رجل , وأمَّره فيها – أي جعله وكيلاً له لينحرها بمكة – قال : فمضى , ثم رجع , فقال : يا رسول الله , كيف أصنع بما أُبْدِع عليّ منها – أي وقف بالضلاع – قال : ” انحرها , ثم اصبغ نعليها في دمها , ثم اجعله على صفحتها , ولا تأكل منها أنت ولا أحد من رفقتك ” . ورواية ناجية الأسلمي بلفظ : ” إن أعطب منها شيء ؛ فانحره , ثم أصبغ نعله في دمه , ثم خَلِّ بينه وبين الناس ” .

قالوا : فهذا هَدْيُ التطوع لما أوجبه رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وعينه بتقليده وإشعاره وإرساله , فإن عطب قبل بلوغه محله أجزأ , فكذا الأضاحي ؛ إذ لا فرق بينهما في ذلك .

وقد جاء عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أنه قال : ” من أهدى بدنة , ثم ضلت , أو ماتت ؛ فإنها إن كانت نذر أبدلها , وإن كانت تطوعًا : فإن شاء أبدلها , وإن شاء تركها ” أخرجه مالك في ” الموطأ ” (866 ) عن نافع عنه موقوفا – ولا يصح رفعه -.

وبنحوه قال ابن عباس – دون ذكر النذر – وسنده صحيح , أخرجه مالك برقم (863) وغيره.

وبنحو ذلك عن سعيد بن المسيب وابن جبير , وسندهما صحيح .

فهذه الأحاديث والآثار , تدل على أن من أهدى هدي تطوع , وعطب قبل بلوغه فقراء الحرام ؛ فلا يلزمه بدل , وقد أجزأ عنه , ولا يأكل منه ولا أحد من رفقته , خشية أن يسعوا في عطبه – ولو من بعيـد – ليستفيدوا منه ، وأما الأضحية فالمضحي يأكل منها , بإباحة الشرع له ذلك .

واستدل من منع من ذلك بأن الأضحية إذا كانت معيبة وقت الذبح فلا تجزئ , ولولا ما سبق من أحاديث وآثار ؛ لكن هذا القول وجيها , ولكن إذا نطق الأثر, سكت النظر.

وقد فرق شيخنا ابن عثيمين – حفظه الله – بين الواجب بالتعيين, والواجب في الذمه قبل التعيين , فجعل الأول مجزئًا , والثاني غير مجزئ , انظر ” الشرح الممتع ” (7/515-517) .

(فائدة) : هذا كله إذا كان العيب بينا , وكان المضحي بريء العهدة من هذا العيب , أما إذا كان متسببًا في ذلك ؛ فإنها لا تجزئ , كما في
” شرح الزركشي ” (4/301) .

( فائدة أخرى ) : إذا ضاعت الأضحية , أو سُرِقَتْ قبل وقت الذبح , بعدما أوجبها المضحي : فإن كان قد نذر أضحية في ذمته ؛ فعليه البدل , وإن كان نذرها بعينها لا في الذمة ؛ فلا يلزم البدل , لأنها غير واجبة في الأصل , ويستحب له البدل , انظر ” الأم ” (2/ 352) .

فإن اتخذ أخرى فذبحها , ثم وجد الأولى ؛ فلا يلزمه ذبح الأولى , كما في ” المدونة ” (2/5) وقد رجَّح ذلك شيخنا ابن عثيمين – حفظه الله – في ” الشرح الممتع ” (7/517) وذكر أنه إذا كان يجوز أن يبدلها بخير منها , وهي حاضرة , فكذلك إذا كانت هاربة من باب أولى … اهـ . وذهب بعضهم إلى ذبح الأصل والبدل , والظاهر أن ذلك لا يجب , والله أعلم .

للتواصل معنا