الأسئلة العامة

رجل يضحي عن أهل بيته بعدة أضاحي , فهل يجوز ذلك أم لا ؟

السؤال  : رجل يضحي عن أهل بيته بعدة أضاحي , فهل يجوز ذلك أم لا ؟

الجواب : يجوز ذلك بشرط البراءة من الرياء والفخر والمباهاة , فمن فعل ذلك محتسبًا الأجر عند الله , فأجره على الله , و “الأعمال بالنيـات” والنبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قد ساق الهدي, ونحر ثلاثًا وستين بدنة بيده , وأعطى عليًّا فأكمل ما غبر – أي ما بقي – منها , كما في حديث جابر الطويل عند مسلم , برقم (1218) .

واستدل بعضهم بأن الأضحية من فعل الخير , والإكثار من ذلك جائز , مالم يصحب ذلك رياء وسُمعة .


 

واستدل من قال بالمنع بقول أبي أيوب , وقد سأله عطاء بن يسار , كيف كانت الضحايا على عهد رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ؟ فقال أبو أيوب : كان الرجل يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته , فيأكلون , ويُطْعِمُون , حتى تباهى الناس , فصارت كما ترون . أخرجه مالك برقم (1050) وغيره , وسنده صحيح , وهو محمول على كراهية ذلك لِما صحب ذلك من مباهاة , أما الاستكثار من فعل الخير – بدون مباهاة – فقد فعله الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – في الهدي , ولأن في الإكثار من ذلك مصلحة للمساكين , وكثرة إراقة الدماء من إحياء الشعائر في هذه المناسبة , والله أعلم .

السؤال (160) : ما هي العيوب التي يلزم اجتنابها في الأضاحي ؟

الجواب : الأصل في ذلك حديث البراء بن عازب : أن رسول الله
– صلى الله عليه وعلى آله وسلم – سُئل : ماذا يُتَّقى من الضحايا ؟ فأشار بيده , وقال : ”
أربعًا ” وكان البراء يشير بيده , ويقول : يدي أقصر من يد رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : ” العرجاء البيِّن ضَلَعْها , والعوراء البيِّن عورها , والمريضة البيِّن مرضها ، والعجفاء التي لا تُنْقى “– وهي التي لا مُخَّ لها في عظامها لهزالها , والنِّقْيُ : هو المخ – أخرجه مالك في ” الموطأ ” برقم (1041) والنسائي , والترمذي , وغيرهم . وهو حديث مختلف في وصله وانقطاعه , والراجح أنه صحيح , وقال أحمد في سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى الدمشقي – أحد رواته – : ” ما أحسن حديثه في الضحايا ” . اهـ من ” تهذيب التهذيب ” (4/209) وقول أحمد هذا ليس صريحًا في تصحيح إسناد الحديث , كما لا يخفى , والله أعلم .

وقد قال أبو محمد المقدسي في ” المغني ” (11/100) : العيوب الأربعة لا نعلم بين أهل العلم خلافًا في أنها تمنع الإجزاء ” . اهـ

والعور : هو ذهاب حس إحدى العينين , كما في ” اللسان ” (4/612) وقال أبو محمد المقدسي : ” ومعنى العوراء البيِّن عورها , التي انخسفت عينها , وذهبت ” اهـ ” المغني” (11/100) ثم قال موضحًا سبب عدم إجزائها : ” لأنها قد ذهبت عينها , والعين عضو مستطاب , فإن كان على عينها بياض , ولم تذهب ؛ جازت التضحية بها ؛ لأن عورها ليس ببّين , ولا ينقص ذلك لحمها ” اهـ .

وذهب الشافعي في ” الأم ” (2/351- 352) إلى أن أقل البياض في السواد سواء كان على الناظر أو غيره فهو عور بين اهـ .

عَدَّ الباجي المسألة بذهاب بعض النظر أو أكثره , فمنع من الثاني دون الأول , انظر ” المنتقى ” (3/84) والصحيح أن العبرة بالعور البّين لا بمجرد العور .

وما قاله أبو محمد المقدسي هو الراجح , وهو مشهور مذهب الحنابلة , كما في ” شرح الزركشي ” (5/297) و”الإنصاف” (4/77) والله أعلم .

والعمياء – من باب أولى – لا تجزئ , خلافًا لبعض أهل الظاهر , فهي عوراء وزيادة , وقال الماوردي : ” وهذا من زلل المقصرين ؛ لأن العمى متضعف من العور , فهي عوراوان …” اهـ من ” الحاوي ” (15/81) وانظر ” الشرح الممتع ” (7/465) .

وأما الحولاء: فإنها تجزئ , والعشواء – وهي التي تبصر بالنهار وقت الرعي , ولا تبصر في الليل – تجزئ ؛ لأن لحمها لا يهزل بذلك , انظر ” الحاوي ” (15/81) و ” المجموع ” (8/400) .

والعمشاء : – وهي ضعيفة البصر , مع سيلان الدمع غالبًا – تجزئ ؛ لأن ذلك لا يؤثر في اللحم , انظر ” المجموع ” (8/400- 401) .

والعرجاء : وهي التي بها عرج فاحش , يمنعها من اللحاق بالغنم , فتسبقها إلى الكلأ , فيرعيْنه , ولا تدركهن , فينقص لحمها اهـ من كلام المقدسي في ” المغني” .

ومن باب أولى القطعاء – مقطوعة القوائم – فإنها لا تجزئ , وكذا مكسورة اليد أو الرجْل . انظر ” الحاوي ” (15/80) و” المجموع ” (8/400) .

وأما العجفاء : فقد قال القاضي عبد الوهاب البغدادي في ” المعونة ” (1/662) : ” فقد ورد النهي عنها , ولا منفعة فيها , لأن المُراعَى في الأضحية : إما كثرة اللحم ووفوره , أو طيبه ورطوبته , وكل ذلك معدوم في هذا الموضع ” اهـ وبنحوه قال الباجي في ” المنتقى ” (3/85) .

وأما المشيِّعة : وهي المتأخرة عن الغنم , فإن كان ذلك لهزال , أو علة ؛ مُنع , لأنها عجفاء , وإن كان عادة وكسلاً ؛ لم يمنع , والله أعلم اهـ . من ” المجموع ” (8/402) .

ويجزئ الفحل وإن كثر نزوانه , والأنثى وإن كثرت ولادتها , إلا إذا انتهيا إلى العجف البين اهـ مختصرًا من ” المجموع ” (8/401) .

وأما المريضة البيِّن مرضها ؛ فلأن مرضها أوكس ثمنها , وأفسد لحمها, وأضعف راعيتها , وسواء في ذلك الجرب , والورم , والبثور ؛ فإنها تمنع من الإجزاء .

وأما الهيام – وهو داء البهائم ­- وذلك أن يشتد عطشها , حتى لا تروى من الماء , فهو مرض بيَّن ، ومؤثر في اللحم , وذلك لأن البهيمة تهيم في الأرض ولا ترعى , كما في ” المجموع ” (8/400) وانظر ” الحاوي ” (15/81- 82) .

والمبشوقة : التي انتفخت بطنها من الأكل ، لا تجزئ , لأن مرضها بيِّن , انظر ” الكافي ” لابن عبد البر (1/365) .

والثولاء : وهي المجنونة , التي تدور في الرعي , ولا ترعى إلا قليلاً , فقد قال النووي : ” لا تجزئ بالاتفاق ” اهـ من ” المجموع ” (8/401) وخالف في ذلك ابن عبد البر في ” الكافي ” (1/365) والزيلعي في “تبيين الحقائق ” (6/5) إذا كان سمينة , والذي يظهر : أن الجنون مرض بيَّن . والمريضة وإن كانت سمينة لا تجزئ , كالعوراء البين عورها , وهي سمينة, والله أعلم .

والجدّاء , أو الجدباء : التي نشف ضرعها من اللبن , فإن كان عن مرض ؛ فلا تجزئ , وإلا أجزأت . انظر ” المغني ” (11/10) و” الشرح الممتع ” (7/468) .

والهتماء ، أو الثغراء : التي ذهب بعض أسنانها من كِبر أو كسر , فإن كان سقوط الأسنان عن مرض ؛ فلا تجزئ , وإن كان عن غيرِ مرض إلا أنه يؤثر في أكلها فتهزل ؛ فلا تجزئ , وإلا فلا بأس . ومنهم من فرّق بين التي سقطت كل أسنانها ؛ فلا تجزئ ، والتي سقطت بعض أسنانها ؛ فتجزئ .

وأما العضباء : -والعضب , قيل : هو ذهاب أكثر من نصف القرن والأذن – واستدل من منع ذلك بحديث على – رضي الله عنه – ” أمرنا رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أن نستشرف العين والأذن ” أي : نتأملهما , فإن كان فيهما نقص ؛ فلا يُضَحَّي بها مع وجوده. وفي رواية : ” نهى رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أن يُضحى بأعضب القرن ” إلا أن حديث علي لا يصح ، والصواب أن كسر القرن لا يضر , سواء كان كثيرًا أو قليلاً , إلا إذا كان سببًا لمرض بيِّن , فعند ذاك يضر , والله أعلم .

وكذلك الجدعاء : وهي مقطوعة الأذن , فقد رُوي النهي عن التضحية بها , من رواية جابر الجعفي , وهو واهٍ , والراجح أن الجدْع ما لم يكن عيبًا بيِّنا ؛ فلا يضر , ومثل هذا يشق التحرز منه , والسلامة في مثل هذا عزيزة , والله أعلم .

والصمعاء : وهي صغيرة الأذن خلقة – تجزئ ، والأولى ترك الأضحية بالصَّكَّاء -التي خلقت بلا أذن أصلا – ومن رأى الجواز ؛ قاس ذلك على الجماء ، ومن رأى المنع ؛ قال القرن عضوٌ غير مأكول ، بخلاف الأذن ، “ومن ترك الشبهات ؛ فقد استبرئ لدينه وعرضه ” والله أعلم .

والجماء : -التي لا قرن لها – لا عيب فيها ، وإن كان النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قد ضحَّى بالأقرن ؛ فلا يلزم من ذلك رد غيره ، والله أعلم .

والعصماء : التي انكسر غلاف قرنها تجزئ , انظر” المجموع ” (8/399) .

(خاتمة) : قال البغدادي في ” المعونة ” (1/662) : ” ونكتة هذا الباب أن كل عيب نقّص اللحم , أو أثَّر فيه , أو كان مرضًا , أو نقَّص من الخِلقَة ؛ فإنه يمنع الأضحية , وفي بعضها خلاف , وينبغي في الجملة أن يُتَّقىَ العيب , وتُتَوخى السلامة ؛ لأنه ذبح مقصود به القربة , فوجب أن يكون مُسلَّما مخلصًا مما ينقصه ويكدره , لقوله تعالى : ] لَن تَنَالُوا البِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ [ وقوله تعالى : ] وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ [” اهـ . والله تعالى أعلم .

للتواصل معنا