الأسئلة الحديثية

مباحث في تعريف الحديث الشاذ

مباحث في تعريف الحديث الشاذ :

تعريف الحديث الشاذ ، وفيه أقوال :

القول الأول ـ وهو الراجح ـ: أن الشاذ:” هو مخالفة المقبول لمن هو أولى منه ” كما عَرَّفَه الحافظ ابن حجر في ” النزهة “

والمخالفة : هي أي زيادة في المبنى ـ سواء كانت في السند ،أو في المتن ـ تدل على زيادة في المعنى ،سواء أمكن الجمع بين الزيادة والأصل على طريقة الفقهاء ، أم لا ، خلافا لمن خصها بالتنافي أو التضاد الذي لا يمكن معهما الجمع بين المطلق والمقيد ، والعام والخاص ؛ لأنه يلزم من ذلك ألا يكون هناك شذوذ في الدنيا ، ولأن هذا مخالف لصنيع الأئمة، وعلى مدَّعي وجود الشاذ بالأوصاف السابقة الإتيان بمثال واحد تنطبق عليه الشروط المذكورة !! والله أعلم .

وقوله :” المقبول ” يشمل رجال الحديث الصحيح والحديث الحسن .

وقوله:” لمن هو أولى منه ” إما وصْفًا أو عددا .

فمثال العدد: ما لو خالف ثقةٌ ثقتين فأكثر ، فإن رواية الثقة تكون شاذة ؛ لمخالفته من هو أولى منه عددا ، وتكون رواية الثقتين فأكثر هي المحفوظة ، فإن توهيم الثقة أولى من توهيم الثقتين .

ومثال الوصف ، ما لو خالف ثقةً ثقةٌ حافظٌ، فإن رواية الثقة تكون شاذة أيضا؛ لمخالفته من هو أولى منه وصْفًا ، وتكون رواية الثقة الحافظ هي المحفوظة ، وبمثل ذلك ما إذا خالف ثقة من قيل فيه : صدوق ، أولا بأس به ، فالحكم للثقة، هذا هو الأصل ، إلا أن تظهر قرينة أخرى ؛ فيُعمل بكل شيء في موضعه، وبحسبه ، والله أعلم .

القول الثاني : أن الشاذ:” مخالفة الثقة للثقات ” وهذا التعريف غير جامع ، وذاك في موضعين :

1 – أن قوله:” ثقة ” أخرج الصدوق ، ومن كان حديثه في مرتبة الحسن ، مع أن مخالفته لمن هو أولى منه تعد شاذة أيضًا ، ولأنه قد يقال: إننا إذا حكمنا بالشذوذ على رواية الثقة – وهو أعلى من الصدوق – فكذلك الصدوق إذا خالف من هو أولى منه ؛ نحكم بالشذوذ على روايته من باب أولى ، والله أعلم .

إن قوله:” للثقات ” يُخْرج ما لو كان المخالَف – بفتح اللام – واحدًا أو اثنين، إذ قوله:” للثقات ” جَمْع ، ويَصْدُق على الثلاثة فأكثر – على المشهور – مع أنه لو خالف الثقةُ ثقةً حافظًا أو ثقتين ؛ لكانت روايته شاذة أيضا ، وإن لم يصدق إطلاق ” الثقات ” بصيغة الجمع – على الثقة الحافظ، أو الثقتين ، والله أعلم .

القول الثالث : أن الشاذ:” مخالفة الثقة لمن هو أولى منه ” ويرد عليه ما ورد في الموضع الأول من الاعتراض على التعريف الثاني .

للتواصل معنا