– حديث سيد الاستغفار:
حديث سيد الاستغفار: قد جاء من حديث جماعة من الصحابة – رضي الله عنهم- فمن ذلك:
1- حديث شَدَّاد بن أوس –رضي الله عنه- وله عنه طرق:
أ- من طريق حسين بن ذكوان المعلّم حدثنا عبد الله بن بريد حدثني بُشَيْر بن كعب العدوي حدثني شداد بن أوس، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: “سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقْتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعتُ، أعوذ بك من شر ما صنعتُ، أبوء لك بنعمتك عليّ، وأبوء بذنبي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت” قال: “من قالها بالنهار موقنًا بها، فمات من يومه قبل أن يُمْسِي؛ فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل، وهو موقن بها، فمات قبل أن يُصْبِح؛ فهو من أهل الجنة“.
أخرجه البخاري في “صحيحه” في ك/الدعوات برقم (6306 ، 6323) وفي ” الأدب المفرد” برقم (617) مع تأخيره جملة: “أعوذ بك من شر ما صنعت” عن موضعها، وأخرجه أيضًا برقم (620) وكذا أخرجه النسائي في “المجتبى” (8/279-280) برقم (5522) وفي “الكبرى” (4/465) برقم (7963)، (6/8-9) برقم (9847)، (6/120/برقم 10298) و(6/150/برقم10416) وفي “عمل اليوم والليلة” برقم (19 ،464 ،580) والترمذي (5/400) برقم (3393) وفيه: “لا يقولها أحدكم حين يمسي، فيأتي عليه قَدَرٌ قبل أن يصبح؛ إلا وجبتْ له الجنة…” وكذا من قالها في الصباح، وأخرجه ابن حبان في “صحيحه” (3/برقم 932 ،933) والحاكم (2/458) واستدركه على البخاري، وليس كذلك، فقد أخرجه البخاري كما سبق، وقد أخرجه الحاكم دون ذكر الثواب، وكذا أخرجه ابن أبي شيبة في “مصنفه” (6/57/برقم 29430) وأخرجه أحمد في “مسنده” (28/برقم 17111 ،17130 ،17131) وابن أبي حاتم في “العلل” (5/405) السؤال (2077) والبزار في “البحر الزخار” (8/415/برقم 3488) وبحشل في “تاريخ واسط” (ص156) برقم (140) وفيه عن بُشَير: “أظنه عن شداد” وهو تقصير من شعبة أحد رواته، والمروزي في “قيام الليل” كما ذكر المقريزي في “مختصر قيام الليل” (ص99) والطبراني في “الكبير” برقم (7172 ،7173 ،7174) وفي “الأوسط” (1/برقم 1014) وفي “الدعاء” (2/برقم 312 ،313) وابن مندة في “التوحيد” (2/79/برقم 218) و (2/213/برقم 257) والبيهقي في “الشعب” (1/447) برقم (667) دون ذكر الثواب، والخطيب في “تالي تلخيص المتشابه” (1/246/برقم 134) والبغوي في “شرح السنة” (5/93-94/برقم 1308) وابن عساكر في “تاريخ دمشق” (10/318) وابن الجوزي في “ذم الهوى” (ص173) وأبو الحسين شرف الدين ابن المفضل المقدسي ثم الاسكندراني المالكي في “كتاب الأربعين المرتبة على طبقات الأربعين” (ص331) والحافظ ابن حجر في “نتائج الأفكار” (2/338-339).
وقد اختُلف على عبدالله بن بريدة في هذا الحديث:
فرواه الحسين بن ذكوان عنه من مسند شداد كما سبق، ورواه الوليد بن ثعلبة وأخوه المنذر عنه من مسند أبيه بريدة، عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: “من قال حين يُصبح أو حين يُمسي: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت…” الحديث، وفيه: “… فمات من يومه أو ليلته؛ دخل الجنة“.
فحديث الوليد عن ابن بريدة عن أبيه قد أخرجه أبو داود (5/196) برقم (5070) والنسائي في “الكبرى” (6/121/برقم 10300)، (6/149-150) برقم (10415) وفي “عمل اليوم والليلة” برقم (20، 466، 579) وابن ماجه (2/1274) برقم (3872) بزيادة: “إن شاء الله” وأخرجه ابن حبان في “صحيحه” (3/308-309/برقم 1035) والحاكم (1/514-515) وأحمد (38/برقم 23013) والبزار في “البحر الزخار” (10/336/برقم 4466) بلفظ: “سيد الاستغفار أن يقول إذا جلس في صلاته: اللهم أنت ربي…” وأخرجه أبو طاهر السلفي في “المنتقى من مكارم الأخلاق للخرائطي” (ص196) برقم (465) والطبراني في “الدعاء” (2/برقم 309) بمتابعة المنذر بن ثعلبة الطائي لأخيه الوليد، والبيهقي في “الدعوات الكبير” برقم (31) وأخرجه البغوي في “شرح السنة” (5/95/برقم 1309) والمقدسي في “الترغيب في الدعاء والحث عليه” برقم (90) والمزي في “تهذيب الكمال” (28/500-501) وفيه متابعة المنذر لأخيه الوليد.
والوليد وأخوه ثقتان، وقد خالفا الحسين بن ذكوان، الذي رواه من مسند شداد بن أوس، أما هما فروياه من مسند بريدة، وقد اختلفت كلمة جماعة من أهل العلم في الترجيح أو الجمع، فقال النسائي: “حسين أثبت عندنا من الوليد بن ثعلبة، وأعلم بعبد الله بن بريدة، وحديثه أولى بالصواب” اهـ. انظر “الكبرى” (6/150) و “عمل اليوم والليلة” برقم (580) وقال ابن مندة في “التوحيد” (2/79): “ورواه الوليد بن ثعلبة، فقال: عن عبد الله بن بريدة عن أبيه، ووهم فيه، والصواب حديث حسين” اهـ. وقال الحافظ في “نتائج الأفكار” (2/339) بعد ذكره رواية حسين والوليد: “والأول هو المحفوظ” اهـ.
إلا أن ابن حبان ذهب إلى صحة الطريقين، فقال في “صحيحه” بعد إخراج الحديث برقم (933): “سمع هذا الخبر عن عبد الله بن بريدة عن أبيه، وسمعه من بُشير بن كعب عن شداد بن أوس، فالطريقان جميعًا محفوظان” اهـ.
وبيَّن الحافظ وجْه كلام من صحَّح الطريقين ومن رجّح رواية الحسين بن ذكوان، فقال بعد ذكره كلام النسائي: “قلت: كأن الوليد سلك الجادة؛ لأن جُلَّ رواية عبد الله بن بريدة عن أبيه، وكأن من صحّحه جَوَّز أن يكون عن عبد الله بن بريدة على الوجهين، والله أعلم” اهـ.
قلت: الحسين بن ذكوان ثقة ربما وهم، ولاشك أن روايته وحده ليست بأقوى من رواية الوليد، وهو ثقة، فكيف إذا انضم إليه أخوه المنذر بن ثعلبة الثقة الآخر؟ لكن في السند إليه عند الطبراني: حفص بن عمر بن الصباح الرقي: صدوق فيه ضعْف على كثرة حديثه، فروايته ليست ساقطة بالكلية، ويُحتج بها في الشواهد والمتابعات.
لكن قد يقال: الحسين قد توبع أيضًا على جعْل الحديث من مسند شداد بن أوس، وإن كان في بعضها لم يُذكر بُشير بن كعب العدوي، كما سيأتي من رواية ثابت بن أسلم البناني، وتابع ثابتًا أيضًا على ذلك أبو العوام فائد بن كيسان، وهو ممن لا يُحتج به بمفرده، عن عبدالله بن بريدة، ومع ما قاله الحافظ في احتمال لزوم الوليد بن ثعلبة الجادة؛ إلا أن النفس تميل إلى جَعْل الحديث محفوظًا عن عبد الله بن بريدة من الطريقين، والله أعلم.
بقي أن يقال: إن رواية البزار في جعل سيد الاستغفار عند الجلوس في الصلاة رواية لا تصح، كما هو ظاهر من رواية من رواه عن الوليد في أذكار الصباح والمساء، والله أعلم.
ب- ومن طريق حماد بن سلمة حدثنا ثابت بن أسلم البناني عن عبد الله بن بريدة أن نفرًا صحبوا شداد بن أوس، فقالوا: حَدِّثْنا بشيء سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: “من قال إذا أصبح: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت…” الحديث، وفيه: “غُفِر له، وأُدْخِل الجنة“.
أخرجه النسائي في “الكبرى” (6/120/برقم 10299)، (6/150/برقم 10417) بمتابعة أبي العوام لثابت، وأخرجه في “عمل اليوم والليلة” برقم (465، 581).
ج- ومن طريق كثير بن زيد عن عثمان بن ربيعة عن شداد بن أوس أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: “ألا أُخبركم بسيد الاستغفار؟” قالوا: بلى، يا رسول الله، قال: “اللهم لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك…” الحديث، أخرجه الطبراني في “الدعاء” (2/برقم 316).
وهذا سند لا يُحتج به: فكثير ضعيف، وشيخه لم يرو عنه غير كثير، فهو مجهول، وانظر “الصحيحة” برقم (1747) لشيخنا الألباني – رحمه الله تعالى-.
وأيضًا فقد اختلف على كثير، وهذا يدل على اضطرابه، فرواه كثير أيضًا عن المغيرة بن سعيد بن نوفل عن شداد بن أوس أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال له: “ألا أدلك على سيد الاستغفار؟ أن تقول: اللهم أنت إلهي، لا إله إلا أنت…” الحديث، وفيه: “ما من عبْد يقولها، فيأتيه قَدَرُه في يومه قبل أن يُمسي، أو في مسائه قبل أن يصبح؛ إلا كان من أهل الجنة“.
أخرجه ابن أبي شيبة في “مصنفه” (6/57/برقم 29431) والطبراني في “الكبير” برقم (7189) وفي “الدعاء” (2/برقم 315) وأخرجه أبو جعفر الفريابي في “كتاب الذِّكْر” له، انظر “النكت الظراف” للحافظ (4/145).
والمغيرة ذكره ابن حبان في “الثقات” (5/407) ولم يذكر عنه راويًا غير كثير، وكثير ضعيف، والراوي الضعيف إذا روى الحديث بأكثر من وجْه دلّ ذلك على اضطرابه، والله أعلم.
د- ومن طريق محمد بن مرداس حدثنا جارية بن هرم عن إسحاق بن سويد العدوي عن العلاء بن زياد عن شداد بن أوس أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: “ما من عَبْد إذا أصبح وإذا أمسى قال: اللهم أنت ربي….” الحديث، وفيه: “فإن مات من يومه؛ دخل الجنة، وإن مات من ليلته؛ دخل الجنة” أخرجه الطبراني في “الكبير” (7/295) برقم (7185) وفي “الأوسط” (5/20/برقم 4560) وفيه جارية بن هرم، وهو رجل متروك.
2- ومن حديث بريدة – رضي الله عنه- وله طريقان:
أ- طريق الوليد بن ثعلبة الطائي، وقد سبق الكلام عنها في حديث شداد بن أوس.
ب- ومن طريق ليث بن أبي سليم عن عثمان بن بريدة عن أبيه قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: “من قال إذا أمسى وأصبح: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت…” الحديث، وفيه: “فإن مات من يومه؛ مات شهيدًا، وإن مات من ليلته؛ مات شهيدًا“.
أخرجه ابن فضيل الضبي في “الدعاء” (ص245-246) برقم (75) بدون كلمة “ووعدك” وأخرجه ابن السني في “عمل اليوم والليلة” برقم (43) وفيه: ليث عن عثمان عن سليمان بن بريدة عن أبيه به، وليث ضعيف، ويُنظر من الذي ترجم لعثمان هذا؟ ولا تطمئن النفْس إلى ذِكْر سليمان بن بريدة، لأنه من طريق ليث، ولا يُحتج به.
3- حديث جابر بن عبدالله – رضي الله عنهما-:
من طريق محمد بن منيب العدني عن السري بن يحيى عن هشام الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: “تعلموا سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي…” الحديث، دون ذِكر ثواب من قاله.
أخرجه: النسائي في “الكبرى” (6/121/برقم10301) وبرقم (10302) بمتابعة الأزرق وهو إسحاق بن يوسف لمحمد بن منيب، وفي “عمل اليوم والليلة” برقم (467، 468 بمتابعة الأزرق) وعبد بن حميد في “المنتخب” برقم (1061) والطبراني في “الدعاء” (2/برقم 311) وابن السني في “عمل اليوم والليلة” برقم (372) وابن المقرئ في “المعجم” برقم (499) والمزي في “تهذيب الكمال” (26/515) وأخرجه أبو يعلى، كما قال البوصيري في “إتحاف الخيرة المهرة” (10/30) برقم (9555).
ومحمد بن منيب لا بأس به، والسري ثقة، وأبو الزبير عنعن عن جابر، وهو مدلس، لكن الحديث يتقوى بما سبق، والأزرق هو إسحاق بن يوسف الأزرق، وهو ثقة، والله أعلم.
4- حديث أبي أمامة – رضي الله عنه-:
من طريق يحيى بن الحارث الذماري عن علي بن يزيد، وهو الألهاني، عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : “من قال حين يصبح ثلاث مرات : اللهم لك الحمد لا إله إلا أنت ربي وأنا عبدك آمنت بك مخلصا لك ديني أصبحت على عهدك ووعدك ما استطعت أتوب إليك من سيئ عملي وأستغفرك لذنوبي التي لا يغفرها إلا أنت فإن مات في ذلك اليوم دخل الجنة وإن قال حين يمسي ثلاث مرات : اللهم لك الحمد لا إله إلا أنت ربي وأنا عبدك آمنت بك مخلصا لك ديني أمسيت على عهدك ووعدك ما استطعت أتوب إليك من سيئ عملي واستغفرك لذنوبي التي لا يغفرها إلا أنت فمات في تلك الليلة دخل الجنة” قال : ثم كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يحلف مالا يحلف على غيره يقول : “والله ما قالها عبد حين يصبح ثلاث مرات فيموت في ذلك اليوم إلا دخل الجنة وإن قالها حين يمسي ثلاث مرات فمات في تلك الليلة إلا دخل الجنة“.
أخرجه الطبراني في “الكبير” (8/برقم 7802) وفي “الأوسط” (3/برقم 3096) وفي “الدعاء” (2/برقم 310).
وهذا سند ضعيف لضعْف علي بن يزيد وشيخه القاسم الدمشقيَّيْن.
5- وقد رُوي الحديث من مرسل أبي أمية عبد الكريم بن أبي المخارق البصري:
أخرجه هشام بن عمار في “جزئه” برقم (136): ثنا سعيد ثنا محمد بن عمرو عن أبي أمية عبدالكريم بن أبي المخارق، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: “سيد الدعاء أن تقول: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت…” الحديث.
انظر “الإيماء إلى زوائد الأمالي والأجزاء” لنبيل سعد الدين جرار (7/444) برقم (7096). وأبو أمية هذا ضعيف.
فالحديث صحيح كما هو ظاهر من إخراج البخاري له، والطرق الأخرى التي تزيده قوة، والله أعلم.
قال البغوي في “شرح السنة” (5/94): “قوله: “وأنا على عهدك ووعدك” يريد على ما عاهدتك عليه، وواعدتك من الإيمان بك، وإخلاص الطاعة لك، وقد يكون معناه: إني مقيم على ما عاهدتك عليه، وواعدتك من الإيمان بك، وإخلاص الطاعة لك، وقد يكون معناه: إني مقيم على ما عهدتَ إليَّ من أمرك، ومتمسك به، ومُتنجِّزٌ وعْدك في المثوبة والأجر عليه، واشتراط الاستطاعة في ذلك معناه: الاعتراف بالعجز والقصور في كُنْه الواجب من حقه عز وجل” اهـ.
وقد عزا هذا الكلام بنصه الحافظ في “الفتح” (11/102) إلى الخطابي، ثم قال: “وقال ابن بطال: قوله: “وأنا على عهدك ووعدك” يريد العهد الذي أخذه الله على عباده، حيث أخرجهم أمثال الذر، وأشهدهم على أنفسهم: ألستُ بربكم؟ فأقروا له بالربوبية، وأذعنوا له بالوحدانية، وبالوعد ما قال على لسان نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن من مات لا يشرك بالله شيئًا، وأدى ما افْتُرض عليه أن يدخله الجنة، قال الحافظ: “قلت: وقوله: “وأدى ما افتُرض عليه” زيادة ليست بشرط في هذا المقام؛ لأنه جَعَل المراد بالعهد الميثاق المأخوذ في عالم الذر، وهو التوحيد خاصة، فالوعد هو إدخال من مات على ذلك الجنة” قال الحافظ: “قال –أي ابن بطال-: وفي قوله: “ما استطعت” إعلام لأمته أن أحدًا لا يقدر على الاتيان بجميع ما يجب عليه لله، ولا الوفاء بكمال الطاعات والشكر على النعم، فَرَفق الله بعباده، فلم يُكَلِّفهم من ذلك إلا وسعهم” اهـ.
قوله: “أبوء” أي أعترف. اهـ.
وقوله: “من قالها موقنًا بها” أي مخلصًا من قلبه، مصَدِّقًا بثوابها” اهـ.
قال الحافظ: “قال ابن أبي جمرة: جمع صلى الله عليه وعلى آله وسلم في هذا الحديث من بديع المعاني وحُسْن الألفاظ ما يحق له أن يُسَمَّى سيَد الاستغفار: ففيه الإقرار لله وحده بالإلهية والعبودية، والاعتراف بأنه الخالق، والإقرار بالعهد الذي أخذه عليه، والرجاء بما وعده به، والاستعاذة من شر ما جنى العبد على نفسه، وإضافة النعماء إلى مُوجِدها، وإضافة الذنب إلى نفسه، ورغبته في المغفرة، واعترافه بأنه لا يقدر أحد على ذلك إلا هو، وفي كل ذلك الإشارة إلى الجمع بين الشريعة والحقيقة، فإن تكاليف الشريعة لا تحصل إلا إذا كان في ذلك عون من الله تعالى….” انتهى ملخّصًا اهـ من “الفتح” (11/103).
والحمد لله رب العالمين.