الأسئلة الحديثية

بعض أهل العلم يقولون: إنَّ عنعنة المدلِّس لا تضر إذا كان من الطبقة الأولى والثانية، أمّا إذا كان من الثالثة، أو الرابعة، أو الخامسة، فتضر نرجو توضيح ذلك؟

بعض أهل العلم يقولون: إنَّ عنعنة المدلِّس لا تضر إذا كان من الطبقة الأولى والثانية، أمّا إذا كان من الثالثة، أو الرابعة، أو الخامسة، فتضر نرجو توضيح ذلك؟

المقصود بهذا التقسيم الذي في «طبقات المدلِّسين» للحافظ ابن حجر – رحمه الله – وقوله: إنَّ أهل الطبقة الأولى ما دلّسوا إلا قليلاً جداً.([1])

والثانية: لأنَّ تدليسهم ينغمر في سعة ما رووا،([2]) هذا اجتهاد من الحافظ ابن حجر.

والثالثة، والرابعة لا يحتجّ بعنعنة أهلهما إلا إذا صرّحوا بالسماع([3]).

والخامسة: أهل الضعف والتدليس، فإن صرّحوا بالسماع بقيت علّة الضعف، وذكر فيهم ابن لهيعة([4]).

وهذا التقسيم هو اجتهاد من الحافظ ابن حجر – رحمه الله -، وأنا أعمل به، ولكن قد يكون هناك بعض الرواة أدخلهم في الثانية، ويستحقون الثالثة، وبالعكس([5])، والأمر سهل، ولهذا الأمر مزيد تفصيل سيأتي – إن شاء الله تعالى ([6]).



([1]) قال الحافظ ابن حجر في «ترعيف أهل التقديس» (ص:62):

وهم على خمس مراتب:

الأول: من لا يوصف بذلك إلا نادراً جداً، كيحيى بن سعيد الأنصاري، وبنحوه في «النكت» (2/636-637) وزاد فقال وغالب رواياتهم مصرحة بالسماع والغالب إطلاق من أطلق ذلك عليهم فيه تجوز من الإرسال إلى التدليس ومنهم من يطلق ذلك بناء على الظن ويكون التحقيق بخلافه… إلخ. اهـ.

([2]) قال الحافظ ابن حجر:

الثانية: من احتمل الأئمة تدليسه، وأخرجوا له في «الصحيح» وذلك لإمامته وقلة تدليسه في جنب ما روى كالثوري، أو كان لا يدلِّس إلا عن ثقة كابن عيينة. اهـ، من «تعريف أهل التقديس» (ص:62) وبنحوه في «النكت» (2/638)، وكذا في «جامع التحصيل» للعلائي (ص:133).

([3]) قال الحافظ ابن حجر:

الثالثة: من أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرّحوا فيه بالسماع ومنهم من ردّ حديثهم مطلقاً ومنهم من قبلهم كأبي الزبير المكي. اهـ، من «تعريف أهل التقديس» (ص:63) وبنحوه في «النكت» (2/640).

أمّا العلائي فقد قال في «جامع التحصيل» (ص:113):

وثالثها: من توقف فيهم جماعة فلم يحتجّوا بهم إلا بما صرّحوا فيه بالسماع، وقبلهم آخرون مطلقاً كالطبقة التي قبلها لأحد الأسباب المتقدمة كالحسن وقتادة… إلخ.

والرابعة: قال الحافظ في «تعريف أهل التقديس» (ص:63) من أتّفق على أنّه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرّحوا فيه بالسماع، لكثرة تدليسهم عن الضعفاء والمجاهيل كبقيّة بن الوليد اهـ وبنحوه قال العلائي في «جامع التحصيل» (ص:113).

([4]) الخامسة: قال الحافظ: من ضعف بأمر آخر سوى التدليس، فحديثهم مردود، ولو صرّحوا بالسماع إلا إن توبع من كان ضعفه منهم يسيراً، كابن لهيعة اهـ من «تعريف أهل التقديس» (ص:63) وفي «جامع التحصيل» للعلائي (ص:113) وخامسها من قد ضُعِّف بأمر آخر غير التدليس، فرَدُّ حديثهم به (يعني: التدليس) لا وجه له، إذ لو صرّح بالتحديث لم يكن محتجّاً به كأبي جناب الكلبي وأبي سعد البقّال، ونحوهما فليُعلم ذلك. اهـ.

[5])) ومن الأمثلة على ذلك: حبيب بن أبي ثابت الكوفي ذكره الحافظ في طبقات المدلسين في الطبقة الثانية، وفي «النكت» جعله من أهل الثالثة، وكذا حميد الطويل.

بل قد يذكر الحافظ الرجل في الطبقات ويجعله في «الطبقة» الأولى ويكون في «النكْت» من أهل الطبقة الرابعة كما في محمد بن يزيد بن خنيس العابد، وكذا في سلمة بن تمام الشقري، وشبال الضي، وقد تكرر منه ذلك رحمه الله في غالب الطبقات وقد يُستغرب هذا التصرف من الحافظ رحمه الله وذلك لأنّ القواعد التي وضعها لترتيب وتصنيف هؤلاء المدلسين واحدة ومتفقة بين الكتابين، وقد يعتذر عن الحافظ بما اعتذر به الشيخ العلامة ربيع بن هاري حفظه الله تعالى من أن الحافظ لما رتب المدلسين في كتابه «النكت» اعتمد على حفظه فوهم بوضع بعض الأشخاص في غير موضعهم، والله أعلم، انظر حاشية «النكت» رقم (2/644).

([6]) ارجع إليه في السؤال رقم (84).

للتواصل معنا