الأسئلة الحديثية

هل هناك فرق بين قول أحدهم: «قال فلان» و«قال لنا فلان»؟

هل هناك فرق بين قول أحدهم: «قال فلان» و«قال لنا فلان»؟

قول أحدهم: «قال فلان» و«قال لنا فلان» بينهما فرق؛ إذا كان القائل لهذه الكلمة مدلساً؛ لأنَّ «قال فلان» صيغة محتملة من المدلس، محتملة للسماع، ومحتملة لعدم السماع، أمّا «قال لنا» فجزمٌ وتصريح بالسماع، وأمّا غير المدلس؛ فليس بينهما فرق ينبني عليه قبول أو رد للرواية، لكن لا شك أن «قال لنا» أقوى من: «قال»؛ لأنَّهم يقولون: العنعنة محمولة على السماع من غير المدلس، فالذي يصرح بالسماع، قد خرج من هذا الخلاف، والإمام البخاري رحمه الله يكثر من كلمة «قال لنا فلان» لا سيما في «التاريخ الكبير» له، وذلك عن مشايخه، وهو ليس مدلساً في ذلك، وقد ذكر الحافظ رحمه الله في «الفتح» في ك/ العلم أنَّه يستعمل هذه الصيغة للتفريق بين ما يبلغ شرطه وما لا يبلغ شرطه، انظر «الفتح» ك/ العلم ب/ ما يذكر في المناولة، ومقدمة «تغليق التعليق»، المؤلف والله أعلم([1]).



([1]) قال الحافظ في «النكت» (2/601) قلت: لم يصب هذا المغربي في التسوية بين قوله: قال فلان، وبين قوله: قال لي فلان، فإن الفرق بينهما ظاهر لا يحتاج إلى دليل فإن قال لي مثل التصريح في السماع، وقال: المجردة ليست صريحة أصلاً.

وأمَّا ما حكاه عن أبي جعفر ابن حمدان وأقره أن البخاري إنَّما يقول: قال لي في العرض والمناولة ففيه نظر، فقد رأيت في الصحيح عدة أحاديث قال فيها: قال لنا فلان، وأوردها في تصانيفه خارج الجامع بلفظ حدثنا، ووجدت في الصحيح عكس ذلك.

وفيه دليل على أنّهما مترادفان والذي تبين لي بالاستقراء من صنيعه أنّه لا يعير في الصحيح بذلك إلا في الأحاديث الموقوفة أو المستشهد بها فيخرج ذلك حيث يحتاج إليه عن أصل مساق الكتاب، ومن تأمل ذلك في كتابه وجده كذلك والله الموفق.

قال: وقوله أي: العراقي والبخاري ليس مدلساً.

أقول: لا يلزم من كونه يفرق في مسموعاته بين صيغ الأداء من أجل مقاصد تصنيفه أن يكون مدلساً، ومن هذا الذي صرح أن استعمال «قال» إذا عبر بها المحدث عما رواه أحد مشايخه مستعملاً لها فيما لم يسمعه منه يكون تدليساً لم نرهم صرحوا بذلك إلا في العنعنة، وكأن ابن الصلاح أخذ ذلك عن عموم قولهم: إن حكم عن وأن وقال وذكر واحد، وهذا على تقدير تسليمه لا يستلزم التسوية بينهما من كل جهة كيف وقد نقل ابن لصلاح عن الخطيب أنَّ كثيراً من أهل الحديث لا يسوون بين قال وعن في الحكم فمن أين يلزم أن يكون حكمهما عند البخاري واحد، وقد بينا الأسباب الحاملة للبخاري على التعاليق فإذا تقرر ذلك لم يستلزم التدليس لما وصفنا، وأما قول ابن مندة: «أخرج البخاري» قال: «وهو تدليس» فإنّما يعني به: أنَّ حكم، ذلك عنده هو حكم التدليس ولا يلزم أن يكون كذلك حكمه عند البخاري. اهـ.

للتواصل معنا