شبهات والرد عليها

واستدل بعضهم على جواز قتل السُّيَّاح والمعاهَدين، دون الرجوع إلى ولاة الأمور: بقصة امرأة من العرب، قدمتْ بجَلَب لها، فباعته بسوق بني قينقاع، وجلستْ إلى صائغ هناك منهم، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبَتْ، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها، فعقده إلى ظهرها، فلم

واستدل بعضهم على جواز قتل السُّيَّاح والمعاهَدين، دون الرجوع إلى ولاة الأمور: بقصة امرأة من العرب، قدمتْ بجَلَب لها، فباعته بسوق بني قينقاع، وجلستْ إلى صائغ هناك منهم، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها، فأبَتْ، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها، فعقده إلى ظهرها، فلما قامت، انكشفت سوأتها، فضحكوا بها، فصاحت، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ، فقتله، وكان يهوديًّا، فشدَّتْ اليهود على المسلم فقتلوه، فاستصرخ أهل المسلم المسلمين، فأُغضب المسلمون، فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع… إلى آخر القصة.

قالوا: فهذا الرجل المسلم قتل اليهودي لفعله القبيح بالمسلمة، دون استئذان من ولي الأمر، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فلماذا تنكرون علينا قَتْلَنا لمن يدخلون في بلادنا من الأجانب، وهم يفعلون من المنكرات ما هو أشد مما فعله ذلك الصائغ ؟!

والجواب: أن هذه القصة ذكرها ابن هشام في ((سيرته ((([1]) فقال: وذكر عبدالله بن جعفر بن المسور بن مخرمة عن أبي عون قال: كان من أمر بني قينقاع… فذكر القصة، وهذا سند لا يحتج به كما هو   ظاهر لأمور:

الأول: أن ابن هشام لم يذكر مَنْ حَدَّثَهُ بذلك عن عبد الله بن جعفر، وإن كان في هذا الوجه منازعة؛ فالعمدة على ما بعده.

الثاني: أن أبا عون أحسن أحواله أن يكون مجهول الحال.

الثالث: أن أبا عون لم يدرك زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فروايته مرسلة أو معضلة، فهل يُستدل بمثل هذه الحكايات التي لا خطام لها ولا زمام على سفك الدماء، وتطاير الأشلاء، وفتح باب الفتنة على الدهماء والغوغاء ؟!

وأيضًا: فلو سلمنا بصحة هذه القصة، وأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أقر ذلك الصحابي على فعله هذا؛ فحالنا يختلف عن حالهم في ذلك الزمان: إذْ كان للمسلمين قوة وهيبة، مما أدى ذلك إلى إجلاء بني قينقاع بسبب فعلتهم هذه، أما أعمال هؤلاء الشباب اليوم، فقد آلت إلى شر عظيم، وضرر جسيم، كما لا يخفى، فأين الدليل، وأين الدعوى ؟! ) فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ ( ([2]).



([1]) (2/457) برقم (1032) ط/ دار الصحابة.

([2]) [ الحشر: 2 ].

أضف تعليق

انقر هنا لنشر

للتواصل معنا