وقفات مستنبطة مِنْ صُلْح الحديبية -كما عند البخاري ومسلم-
مع فِكْر من يُسَمَّوْن بالمجاهدين أو الجماعات الجهادية أو تنظيم القاعدة
الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد:
فإن الذي ينظر في فِكْر هذه الجماعات وفي حال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في صلح الحديبية وغيره من مواقف سيرته العطرة؛ يجد فروقًا كثيرة، فالواجب على قادتهم وأتباعهم أن يراجعوا أنفسهم تجاه هذه الأمور،وهذه فوارق جُلُّها مستنبط مما جرى في صلح الحديبية، فكيف لو اعتنى بارع لجمع أشباهها من بقية السيرة النبوية؟! وهاك نص الحديث، واللفظ للبخاري برقم (2732):
قال الإمام البخاري – رحمه الله-: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، قَالَ: أَخْبَرَنِي الزُّهْرِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ، عَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ، يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ، قَالَا: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ؛ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بِالْغَمِيمِ فِي خَيْلٍ لِقُرَيْشٍ طَلِيعَةٌ، فَخُذُوا ذَاتَ الْيَمِينِ، فَوَاللَّهِ مَا شَعَرَ بِهِمْ خَالِدٌ حَتَّى إِذَا هُمْ بِقَتَرَةِ([1]) الْجَيْشِ، فَانْطَلَقَ يَرْكُضُ نَذِيرًا لِقُرَيْشٍ، وَسَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِالثَّنِيَّةِ الَّتِي يُهْبَطُ عَلَيْهِمْ مِنْهَا بَرَكَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ، فَقَالَ النَّاسُ: حَلْ حَلْ([2])
وبعد سياق الروايات فهناك فوارق ووقفات كثيرة، منها:
الوقفة الأولى: أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يهمه تعظيم البيت، وشعائر هذا الدين، وحرماته، ولذا فقد قبل شروطًا جائرة في ظاهرها طَلَبَتْها قريش منه، وقد تشدد المتحدث باسم قريش فيها، وهو سهيل بن عمرو – وكان إذْ ذاك مشركًا- وبدأ ظهور هذا التصلُّب من إنكار سهيل كلمة: “بسم الله الرحمن الرحيم” في أول الصحيفة، فقال: “أما الرحمن: فو الله ما أدري ما هو!!” ولكن اكتب: “باسمك اللهم كما كنت تكتب” فقبل ذلك رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ذلك، ولما كتب: “هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله” أنكر ذلك سهيل أيضًا، وقال: “لو نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك” ولكن اكتب: “محمد بن عبد الله” وقبل ذلك رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أيضًا، ومحا كلمة: “رسول الله” كل ذلك تسهيلاً لمسيرة الصلح، واشترط سهيل قبول قريش من جاء إليها من المسلمين مرتدًّا، وفي المقابل شرط أن يرد رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من جاءه من قريش مسلمًا، وفي هذا الشرط من الصَّلَف والتعنت ما فيه، ومع ذلك فقد قبله رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- تعظيمًا لحرمات الله، حتى لا يتأزّم الموقف، وتبقى الحرب هي الطريق الوحيد، واشترط سهيل أن يرجع رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ومن معه من المسلمين، ولا يدخلوا مكة هذا العام، كل هذا لا لشيء إلا من أجل ألا يتحدث العرب أنهم أُخِذوا ضَغْطة!! وهذا مقصد فاسد، هذا مع أن المسلمين مُحْرِمون، وقد ساقوا البُدْن معهم، ويقولون: لبيك اللهم لبيك، والرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قد سبق أن أخبر بديل بن ورقاء الخزاعي بأنه ما جاء لقتال أحد، كل هذا لم يشفع عند سهيل – مُمثل قريش آنذاك، والمتحدث باسمهم- لتركهم يطوفون حول البيت، ويسعون بين الصفا والمروة ساعة من ليل أو نهار!! وأيضًا فلم يبال بمشاعر المسلمين عندما يتحدث العرب أن قريشًا ردَّتهم على أعقابهم – وقد عاينوا مكة- دون أن يعتمروا!! ولا شك أن هذا مما يثير الحمية، ويقوِّي الهمة للحرب.
وزاد ممثل قريش فاشترط شروطًا نحو هذه الشروط في التعنت، فمن ذلك: أنهم إذا جاءوا في العام القابل: لا يدخلون إلا بجلبّان السلاح: السيف، والقوس، وتكون في القِرَاب، ولا يجلس أكثر من ثلاثة أيام، ولا يصطحب أحدًا معه إن أراد الخروج معه، ولا يمنع أحدًا يمكث بمكة ممن كان معه، وهذه الشروط لا تخلو من الغطرسة و”العنجهية” من جانب قريش، وكل هذا يقبله رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حتى لا تراق الدماء، وتنتهك الحرمات، فهل بعد هذا من تعظيم للحرمات؟! وكل هذا عَمَلٌ بما قال – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لما بركَتْ ناقته: “والذي نفسي بيده، لا يسألونني خطة يُعَظِّمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها” ثم عَدَل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية، بعد أن كان بالثنية التي يُهبَط عليهم منها، كل هذا ليُبْعد عن قريش أي تفكير في أنه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- جاء لحربهم، أو إذلالهم أمام العرب .
وقد اشترطت قريش هذه الشروط التي ضاقت منها نفْس عمر، حتى عمل أعمالاً ليكفِّر عما بدا منه، وغضب منها الصحابة – رضي الله عنهم- كما يظهر من إصرارهم على إبقاء ما طلب سهيل مَحْوه، لكن قبلها رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- للعلة السابقة، وبلغ الأمر إلى أن يأمر رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أصحابه أن ينحروا هديهم، ثم يحلقوا رؤوسهم، فو الله ما قام منهم أحد، حتى قال ذلك ثلاث مرات، فدخل على أم سلمة – رضي الله عنها- وشكا لها ما لقي من أصحابه، فأشارت عليه بأن يبدأ بنفسه في ذلك، فلما رأوا رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- نحر هديه، ودعا حالقه فحلق رأسه؛ قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا، حتى كاد بعضهم يقتل بعضًا غمًّا.
فقد كان في الصحابة من كان يريد دخول مكة عُنْوة، ويرون أنهم أصحاب الحق، وأنهم قادرون على تحقيق ما جاءوا له، وكان عمر يقول لرسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ولأبي بكر – رضي الله عنه- : “لِم نرضى الدنية في ديننا؟!” ولا شك أن منهم من استحضر أدلة العزة لله وللرسول وللمؤمنين، وفضل الشهادة في وجه من صد عن سبيل الله، وغير ذلك من أدلة، وكل هذا لم يعوِّل عليه رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في هذا المقام، وغلّب جانب الهدوء؛ لفتح مجالات عديدة وآفاق واسعة للدعوة، وبالله ثم بالدعوة والأنصار يتحقق كل ما أرادوه هذا العام بأقل الخسائر في جانب المسلمين، وبالإتيان بقلوب المشركين قبل أبدانهم، فإن من آمن عن رضى وطواعية خير ممن آمن خوفًا من السيف، الذي قد يؤول أمره إلى النفاق المفضي إلى الدرك الأسفل من النار!!
وأما هذه الجماعات فيأتون بأمور فيها سفك لدماء المسلمين شيبًا وشبابًا، وأطفالاً ونساءً، وكذا قتل المعاهَدين والمستأمَنين، ويكون مآل هذه الأعمال زيادة الضغط على المسلمين، وعلى مناهجهم، وإرادتهم، وسيادتهم، وثرواتهم…الخ!!
فهذا رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- تنازل مع المشركين لمصلحة أكبر، وهؤلاء لم يتصالحوا أو يعلنوا تركهم لهذه الأعمال مع مسلمين – وإن غلوا فكفروهم- من أجل الحفاظ على دماء معصومة، تراق هدرًا عمدًا أو خطأ!! أو من أجل الإبقاء على ما بقي من هيبة بلاد الإسلام، بدَل انكشاف سوأتها، وتكالب الأعداء عليها!! أليس هذا فارقًا واضحًا بين الدعوتين؟!
الوقفة الثانية: لقد قَبِلَ رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- شروطًا مجحفة في الظاهر؛ ليأمن جانب قريش، وليتفرغ للدعوة، فلما جاءه بديل بن ورقاء الخزاعي، وقال لرسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- : إني تركت كعْب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية، ومعهم العُوذُ المطافيل، وهم مقاتلوك وصادّوك عن البيت، فقال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- : “إنا لم نجئْ لقتال أحد، ولكننا جئنا معتمرين، وإن قريشًا قد نهكتهم الحرب، وأضرَّتْ بهم، فإن شاءوا ماددتهم مدة، ويُخلُّوا بيني وبين الناس، فإن أَظْهَر: فإن شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا، وإلا فقد جَمُّوا، وإن هم أَبَوْا؛ فو الذي نفسي بيده، لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي([14])، وليُنْفذَنَّ الله أمره” فهذا موقف رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مُرَتِّبًا للأولويات مع قوته ويقينه بالنصر وإن خذله الناس: أولاً: الدعوة والتفرغ لها، وإيجاد جوٍّ هادئ تترعرع فيه وتزدهر، ولو بالصبر على غطرسة العدو.
ثانيًا: ترك الفرصة أمام العدو للنظر والتدبر في الدخول في الإسلام أم لا؟ حتى يدخل عن قناعة وطواعية، لا عن إكراه واضطرار.
ثالثًا: إن أبى العدو إلا الصد عن سبيل الله، وحرب أولياء الله، ليطفئ نور الله، فلا بد من التصدي له ممن كان قادرًا حتى يستنفذ كل ما يقدر عليه، مع اليقين بنصر الله عز وجل، وتمام أمره.
وأما هذه الجماعات فيسلكون مسالك التفجير، وترويع الآمنين، وإقناع الشخص أن ينسف نفسه وغيره…الخ، وكل هذه الأمور تحول بينهم وبين الناس،فيزدادون لهم كراهية، لاسيما من أصابه أو قريبًا له ضرر من هذه الأمور، ويخاف الآباء على أولادهم بمجرد ذهابهم إلى المساجد؛ خشية الاغترار بهذه الأفكار، ويؤول هؤلاء الشباب وأهليهم إلى ما لا طاقة لهم به، كما أصبح كثير من الناس ضحايا للإعلام الحاقد الذي يريد تشويه الدعوة بكاملها بسبب هذه الأفعال الصادرة من بعض الأفراد، كل هذا تفعله هذه الجماعات مع ضعفهم، وقد تفضي هذه الأمور إلى هروبهم، وتركهم ساحة الدعوة فارغة لأهل البدع والضلالات والشركيات، فكأن قتْل فلان، أو تدمير المنشأة الفلانية أعظم فائدة للإسلام وأهله من الثبات في ثغور الدعوة!!
فرسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- عظّم شأن الدعوة، وحاول إزالة كل ما يعوقها، وحرص على التخلية بينه وبين الناس، وهذه الجماعات تقدم التفجير على الدعوة!! بل يزدري كثير من أتباعهم القائمين بالدعوة، المنافحين عنها في كل ميدان، وإن كانوا من كبار العلماء، بزعم أنهم مخذِّلون، أو ممن ركنوا إلى الظالمين وأوساخ دنياهم!!
الوقفة الثالثة: الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- غلَّب جانب الدعوة – ما دام الناس يقبلون دعوته، ولم يُطْبِقوا على الإعراض عنها- على جانب الحروب، كما قال الله عز وجل في قصة نوح مع قومه: [وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آَمَنَ] هذا مع كونه قويًّا- فقد كان في المدينة منذ ست سنوات، إذْ صُلُح الحديبية في السنة السادسة من الهجرة، وقد انتصر رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على قريش في بدر في السنة الثانية، وقتل كبارهم، وصناديدهم، وذكر أن قريشًا قد نهكتهم الحرب، وأضرَّت بهم، وقد كان يستطيع مهاجمتهم، أو مباغتتهم في أي وقت، إلا أنه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- غلَّب جانب الدعوة، ورضي بالصلح الذي ظاهره الحيف من أجل أن يتفرغ لدعوة القبائل، وليوجد جوًّا هادئًا خاليًا من شبهات قريش، ولقريش مكانتها في قلوب القبائل، ولشبهاتهم أثر في الصد عن سبيل الله، فحرص رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على إغلاق باب التشويه للدعوة، وتجميد قوة قريش المنهكة من الحروب!! والتفرغ لما يفضي إلى قوة الصفوف، وتماسك المؤمنين، وإحياء الفضيلة في المجتمع، واستئصال أو تقليل الرذيلة، وهذه مقاصد كبرى، وهي أعظم في الشرع من مجرد قتل فلان، أو تدمير عمارة، أو جسْر، أو سفارة!!
أما هؤلاء الشباب فقلّة قليلة في المجتمعات، وضعفاء في العدَد والعدَّة – مقارنة بغير المسلمين- ومع ذلك يُغلِّبون جانب التفجيرات والترويع والتفزيع للناس بَرِّهم وفاجرهم، وهذا يزيد الناس لهم كراهية، ويجعل الناس في صف خصومهم، ويجعلهم مهيئين لقبول الطعن في الإسلام في وسائل الإعلام، وهذه مفسدة وأي مفسدة، ومع ذلك فقادة هذه الجماعات لا يستطيعون بذلك أن يقيموا دولة أو يزيلوها، فلا الدعوة أقاموها، ولا الدماء سلموا من التطلُّخ بها، والخوض في آثامها!!
فيا لله، كم من خير فات الأمة بانشغال هؤلاء الشباب بهذه الأعمال التي لا تضر في الغالب إلا الإسلام وأهله وبلاده!! فلا الإسلام نصروا، ولا العدو كسرو!! فكم كان سيحدث من الخير لو وُزِّع هؤلاء الشباب على المساجد والقرى، والمدن، والبوادي، وقام كل منهم في مسجد: يحْفَظ ويُحفِّظ كتاب الله، ويتعلم ويُعلِّم العلوم الشرعية، ويتصدى للأفكار التي تحول بين الناس وبين الحق: كأفكار الرافضة، والصوفية الخرافية، والعلمانيين، وغيرهم من الذين يبثون سموم اليهود والنصارى في صفوفنا، وذلك بالحوار العلمي الرصين، القائم على الحجج النقلية والعقلية دون تعصب أو تشنّج، فكم كان سيحدث من خير لو كانوا كذلك، وضموا جهودهم إلى جهود أهل السنة وعلمائهم، بدل تركهم الساحة تنعق فيها غربان البدع والأهواء، حتى في صفوف أقرب الناس إليهم فضلاً عن غيرهم!! وهروبهم في أطراف البلاد، أو تخفّيهم داخل الديار، أو طلبهم اللجوء السياسي عند الكفار!!
الوقفة الرابعة: الراية في زمانه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لا شك في صحتها، فهي راية نبي من أولي العزم من الرسل، بل سيد ولد آدم، أمام كفار حاربوه وأخرجوه من بلده، ولحقوه في مهجره لحربه أكثر من مرة، ومع ذلك فهو قادر على حربهم، ولو قتَّلهم تقتيلا، لكان هناك ما يُسوِّغ ذلك، فأعمالهم القبيحة فيه وفي أصحابه أكثر من أن تُحصر، وأشهر من أن تُذْكَر، ومع ذلك فقد غلَّب جانب التفرغ للدعوة التي تفتح آفاقًا عظيمة لهذا الدين، والتي تحسم النزاع بسرعة، عندما يدخل الناس في الدين عن طواعية، ويكثر جيش الإسلام، فيعظم شأن الإسلام في نفوسهم، فيأتونه أفواجًا، كما حدث بعد صلح الحديبية، وفتح مكة.
وأما هذه التنظيمات فالراية التي رفعوها إن لم تكن باطلة فهي راية لا تخلو من شبهة وعُمِّية؛ حيث إنها راية رفعتها طائفة مسلمة، خرجت على المجتمع المسلم، وكفّرته أو كفّرت حكامه، واتهمت علماء السنة فيه بتهم شتى، واستحلت دم من خالفها بأدنى الشبه، وأصَّلت في نفوس أتباعها قتل الحكام، ولما عجزوا عن الوصول إليهم – في الغالب- قرروا قتل الجنود والحاشية، وكل من حال بينهم وبين مرادهم، وهذا كله يحصل منهم في مجتمع مسلم – على ما فيه من الجهل والمنكرات- وضد دماء مسلمة معصومة، ولو تنازلنا لهم جدلاً ولم نحكم ببطلان الراية؛ فهذه راية فيها شبهة، ومع ذلك فقد انضوى تحت هذه الراية جماعات غلّبوا جانب الحرب والتدمير وإراقة الدماء، وإزهاق الأنفس، وإتلاف الأموال على جانب الدعوة، وهذا خلاف المقصود من صلح الحديبية!!
الوقفة الخامسة: لا يستطيع أحد أن يشكّك في حكمة رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وصبره على قومه، ودعوتهم إلى الله بالتي هي أحسن، وقيامه بما أوجبه الله عليه تجاههم، ولو طعن في ذلك أحد لكفر، ومع ذلك فقد حاربه قومه، وعذّبوا أصحابه، وأخرجوه، وأعدوا لقتاله في بدر، وذهبوا لقتاله في أُحد والخندق يوم الأحزاب، فكانوا هم الذين يبدأون بالحرب، ويخرجون من مكة لحربه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وهو – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يأت لحربهم في مكة إلا لفتح مكة، ومع ذلك فقد قال في ذلك اليوم: “من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن“([15]) وأنكر رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- مقالة سعد بن عبادة: “اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الكعبة” فقال: “كَذَبَ سعد، ولكن هذا يوم يُعَظِّم الله فيه الكعبة، ويوم تُكْسى فيه الكعبة“([16]) كل هذا تغليب لجانب العفو، والصفح، والتأليف ليدخلوا في الإسلام، لأن دخولهم في الإسلام أنفع من قتلهم على الكفر، فالرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أرسله الله رحمة للعالمين، ولم يكن حريصًا على قتلهم على الكفر، بل كان حريصًا على إيمانهم، حزينًا على إعراضهم، كما قال تعالى: [فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفًا] وهو – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الذي يحكي عن نبي شجه قومه، فيمسح الدم عن وجهه، وهو يقول: “اللهم اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون“([17]) فهل من كان كذلك يترك بابًا من أبواب هداية الكفار إلا ولجه، أو صبر عليه حتى يُفْتَح له؟! هذا مع أنهم كفار قد أعلنوا له العداوة، وفعلوا ما استطاعوا من الجرائم رجالاً ونساءً، فكيف يكون الحال مع مسلم جاهل أو ظالم؟!
أما هؤلاء الشباب فلبعض الناس أن يطعنوا في أسلوبهم الذي اتخذوه، وفي طريقتهم التي سلكوها، وحُقَّ للمعترض عليهم بذلك أن يعترض عليهم: فقد كفَّروا المجتمع المسلم؛ ونالوا مِنْ صِدْق ومرجعية العلماء، وأحدثوا التفجيرات حتى في مكة والمدينة – كما هو مشهور- وعندما أرادوا فكَّ من سُجن منهم؛ رأوا أن ذلك لا يكون إلا بأعمال التفجير والتخويف والتدمير، وكل يوم تزداد المواجهة بينهم وبين الحكومات، ويزداد إحداث طرق جديدة في كيفية الانتقام، فتطال هذه الطرق الأبرياء، والأطفال، والمارة في الطرقات، هذا إن سلمنا بصحة فعلهم مع الحكومات وإن جارت!!
فمع وضوح ظُلْم المخالف لرسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقد آثر تأليفه والصبر عليه، لعل الله أن يُخرج من أصلابهم من يعبد الله ولا يشرك به شيئًا، وأما هؤلاء الشباب فآثروا طريق الحرب والتهديد، وإعلان مسؤوليتهم عن أعمال تخريبية كبرى، مما جَرَّ على المسلمين شرًّا عظيمًا!!
الوقفة السادسة: إذا كان رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أبقى علي بن أبي طالب – رضي الله عنه- ليرد أمانات قريش التي لهم عند رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وذلك بعد أن أخرجوه مهاجرًا إلى الله، متخفّيًا([18])، ولم يقل: لا نعطيها لهم كي لا يستعينوا بها على حربنا، وهي أموال لكفار لا شك في كفرهم، بل كفار أخرجوه من داره، وظاهروا على إخراجه، وحاولوا قتله، وأغروا الناس بدمه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- ومع ذلك فقد آثر رد حقوقهم إليهم، وفي هذا دعوة لهم، وبراءة للذمة أيضًا، فقد حَافَظَ رسولُ الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في الهجرة على أموالهم، وفي الحديبية والفتح حقن الكثير من دمائهم بالصلح والعفو بقدر الاستطاعة، وهم كفار مجاهرون بالحرب والعداوة.
وأما هذه الجماعات فقد سلكت مسلك تفجير المنشآت، والثروات، والمصالح العامة التي يستفيد منها المسلمون ولا بد، حتى لو سلّمنا لهم بكفر المجتمع؛ ففيه مسلمون كثيرون يتضررون بتدمير هذه المنشآت والمصالح والثروات، فالرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- حفظ مال أشخاص كفار، وهذه الفِرق أتلفت مصالح عامة للمسلمين، وتفعل ذلك كله بحجة إنزال النكاية بعدوهم، ومنع استعانتهم بها على حربهم، مع أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لم يستدل بذلك، بل أعطى للكفار حقوقهم، واستعان بالله وحاربهم حربًا لا يتضرر فيها المسلمون، وذلك عندما كثر أنصاره، وازداوا إيمانا بالحق الذي هم عليه، وأذعنت نفوسهم للهدى لا للهوى.
الوقفة السابعة: النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أخَّر الله عليه فتح مكة لوجود طائفة مؤمنة تخفي إيمانها، كما قال تعالى: [وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا] هذا، مع أن الفتح نصر عزيز، كما قال تعالى: [إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا(1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا(2) وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْرًا عَزِيزًا(3)].
أما هذه الفِرق فتفجّر هنا وهناك، فتودي هذه التفجيرات بأرواح العديد من المسلمين بزعم أنهم “يُبْعَثُونَ عَلَى نِيَّاتِهِمْ“([19])!! بل توسعوا في ذلك جدًّا!! فلماذا لم يستدل رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بذلك، ويعجل بفتح مكة، ويقتل برها وفاجرها، والكفار فيها أكثر من المؤمنين، وكل يبعث على نيته؟ هذا، مع أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لما فتح الله عليه مكة حقن دماء كثيرين، وأعلن العفو، والتأليف في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله، مما يدل على أن الأصل عنده – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الرحمة لا النقمة.
الوقفة الثامنة: سمى الله عز وجل صلح الحديبية وما جرى فيه – على ما كان في نفوس الصحابة من حُزْن وغَمٍّ- فتحًا مبينا، ونصرًا عزيزًا، مما يدل على أهمية الاستمرار في الدعوة وإن كانت هناك مضايقات وشروط جائرة، فسمى الله عز وجل الأمر باعتبار ما سيؤول إليه، وقد كان – ولله الحمد-.
فقد أخرج البخاري عن البراء أنه قال: “تَعُدُّون أنتم الفتح فتحَ مكةَ، وقد كان فتحُ مكةَ فتحًا، ونحن نَعُدُّ الفتحَ بيعةَ الرِّضْوَانِ يومَ الحُدَيْبِيَة”([20]) اهـ. وكذا قال غير واحد من الصحابة وغيرهم، وقال الحافظ ابن كثير – رحمه الله- في قوله تعالى: [إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا] : “وجعل ذلك الصلح فتحًا باعتبار ما فيه من المصلحة، وما آل الأمر إليه” وقال أيضًا: “أي بيّنًا ظاهرًا، والمراد به صلح الحديبية، فإنه حصل بسببه خير جزيل، وآمن الناس، واجتمع بعضهم ببعض، وتكلم المؤمن مع الكافر، وانتشر العلم النافع والإيمان” اهـ ([21]).
وهذه الفِرق ترى أن من غلّب جانب الدعوة، وترك الحروب والمناوشات مع الكفار، ونأى بدعوته عن الدخول معهم فيما يبدد الطاقات، ويبعثر الجهود، ويجرُّ الويلات على المجتمعات المسلمة، وهي – حتى الآن- غير مهيأة للصمود أمام الشبهات، دعْ عنك الحروب المدمرة!! فيرون الداعية الذي يصبر على شروط أو أمور، أو مواقف – من الحكام وغيرهم- فيها إجحاف وتعسّف حتى يجعل الله له فرجًا ومخرجًا، ويستمر في ثغور الدعوة؛ يَعُدُّونه جبانًا ضعيفًا بل عميلاً منافقًا!! فهل نتبع رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أم نتبعهم؟!
الوقفة التاسعة: لقد عظّم رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- الشروط التي في الصلح، وإن كان ذلك على حساب بعض المؤمنين الذين ردهم كأبي جندل بن سهيل بن عمرو، وأبي بصير، فإن الله سيجعل للمظلوم من المؤمنين فرجًا ومخرجا، وأما اتهام الإسلام بالغدر والخيانة فمفسدة أكبر.
وما يجري من هذه التنظيمات من قتل المعاهَدين والمستأمنين تشويه للإسلام بالغدر، والظلم، ونقض الشروط، وفي هذا مفسدة عظمى، وقد حَرَص رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على عدم وقوع المسلمين فيها، حتى رد أبا جندل، وأبا بصير إلى أن جعل الله لهما ولغيرهما من المؤمنين فرجًا ومخرجا، فظهر تساهل هؤلاء الشباب، وتوسعهم، وخطأ تأويلاتهم في أمور تُفضي إلى اتهام الإسلام بالغدر، ونقض العهود والمواثيق!!
الوقفة العاشرة: لم يشترط رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- على قريش خلال مدة الصلح أن يتركوا دينهم الباطل، فكل من الطرفين باق على دينه، بل اشترطوا أن يرد رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من جاءه منهم يريد اللحاق بالمسلمين، لكن الجديد: التخلية من قريش بين رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وبين الناس، وهذا هو الفتح المبين والنصر العزيز، وهذه الثمرة التي من أجلها احتمل رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- من قريش ما احتمل.
أما هذه الجماعات فترى أن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- جاء بالذبح للمشركين، وأن هذا مقدم على القيام بالدعوة والصبر على لأْوائها، مع أن الذي قال: “تعلمون يا معشر قريش، والله لقد جئتكم بالذبح“([22]) هو الذي قَبِل صُلْح الحديبية بجميع ما فيه، وقد سبق تفصيله، وهو الذي قال: “ما جئتُ لقتال أحد، وإن قريشًا قد نهكتهم الحرب، وأضرَّت بهم، فإن شاءوا مادتهم مدة، ويُخَلُّوا بيني وبين الناس….”الخ، وهو الذي حكى عن نبي قوله: “اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون” وواضح من سيرته – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في حربه مع قريش: أنه لم يبدأهم بقتال في أكثر أحواله، وأنهم في أكثر أحوالهم هم الذين يبدأون بذلك، ويذهبون إلى المدينة لحربه، بل لم يذبحهم صلى الله عليه وعلى آله وسلم جميعًا – مع قدرته- يوم الفتح المبين، ويوم العزة للمؤمنين، مما يدل على أن قوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- : “لقد جئتكم بالذبح” إنما يكون عند القدرة من المؤمنين أولاً، ثم عند إعراض المشركين، وصدهم عن سبيل الله، وعدم قبول الدعوة والوقوف بينها وبين الناس، أما ماداموا يقبلون الدعوة، أو الصلح بين المسلمين وبينهم من أجل التفرغ للدعوة؛ فلا ذبح، وإلا استعان بالله وقاتلهم ليخلوا بينه وبين الناس، ويدل على ذلك قوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- : “… وإن هم أبَوْا؛ فو الذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي، ولُيْفذَنَّ الله أمره“.
هذا ما تيسر تحريره من وقفات مستنبطة من صلح الحديبية، ومقارنة ذلك بما يجري في هذه الأيام، ليعلم الواقف على ذلك كم الفرق بين هدْي محمد – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- وعجلة المتعجلين!! وليراجع هؤلاء الشباب أنفسهم: إلى أين يسيرون؟ وأين هم من هذا الموقف فقط – ناهيك عن غيره من الأدلة الأخرى؟!- وليراجع كل مُنَظِّر في هذه التنظيمات نفسه: أين هو من أدلة مخالفيه؟ وكيف موقفه بين يدي الله غدًا؟ وإن الناصح لنفسه: يقرأ ما عند أصحابه، وما عند غيرهم، ويتجرد في النظر والبحث، ويطلب من الله الهداية إلى سواء الصراط، ويُلِحّ على الله في ذلك، وليسأل العلماء – وإن أساء بهم الظن- وليقبل الحق منهم بدليله، ولا عليه من عملهم شيء، فالحق خير مطلوب، وهو ضالة كل مؤمن مشفق من عذاب الله، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه
أبو الحسن مصطفى بن إسماعيل السليماني
دار الحديث بمأرب
10/11/1430هـ
([1]) القَتَرة: غَبَرَةٌ يعلوها سواد كالدخان. اهـ من “اللسان” (5/71).
([2]) يقال للناقة إذا زجرتها: حَلْ حَلْ، بالجزم، أو منوَّن: حَلٍ، انظر “اللسان” (11/174).
([3]) الخِلاء في الإبل كالحِران في الدواب، وخلأت: أي بَرَكَتْ، أو حَرَنَتْ من غير علّة، وقيل: إذا لم تبرح مكانها. اهـ من “اللسان” (1/68).
([4]) لقب ناقة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والقصواء: التي قُطع طرف أذنها… وقيل: لم تكن ناقته صلى الله عليه وعلى آله وسلم مقطوعة الأذن، إنما هو لقب فقط، انظر “اللسان” (15/75).
([5]) كلما خرج قليلاً عرفه الناس، انظر “اللسان” (7/117).
([6]) عَيْبَة الرجل: خاصّتُه وموضعُ سَرِّه. اهـ من “اللسان” (1/664).
([7] ) في “اللسان” (11/402): “العُوذ: الإبل التي وضعت أولادها حديثًا، والمطافيل: الإبل مع أولادها…. يريد أنهم جاؤوا بأجمعهم كبارهم وصغارهم” اهـ بتصرف يسير.
([8]) أي أبَوْا الخروج معي وإعانتي، انظر “اللسان” (2/415).
([9]) وفي رواية مسلم برقم (4608): لو نعلم أنك رسول الله لأتبعناك.
([10]) وفي رواية مسلم برقم (4607): فأمر عليًّا أن يمحاها، فقال علي: لا والله لا أمحاها، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: “أرني مكانها” فأراه مكانها، فمحاها وكتب “ابن عبدالله“.
([11]) وفي رواية مسلم برقم (1783): ولا يخرج بأحد معه من أهلها، ولا يمنع أحدا يمكث بها ممن كان معه.
([12]) وفي رواية مسلم برقم (4608): فاشترطوا على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن من جاء منكم لم نرده عليكم، ومن جاءكم منا رددتموه علينا، فقالوا: يارسول الله أنكتب هذا؟ قال: “نعم إنه من ذهب منا إليهم، فأبعده الله، ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجًا ومخرجًا“.
([13] ) وفي رواية مسلم برقم (4609): (… قال: فنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالفتح، فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه، فقال: يا رسول الله! أوفتحٌ هو؟ قال: “نعم” فطابت نفسه ورجع) وفيه أيضًا برقم (4613): عن أنس بن مالك قال: لما نزلت [إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا] إلى قوله [فَوْزًا عَظِيمًا] مَرجِعَه من الحديبية وهم يخالطهم الحزن والكآبة، وقد نحر الهدي بالحديبية، فقال: “لقد أُنْزلت عليَّ آية هي أحبُّ إليَّ من الدنيا جميعًا“.
([14]) السالفة: أعلى العنق، وكنَّى بانفرادها عن الموت، لأنها لا تنفرد عما يليها إلا بالموت، وقيل: أراد أن يُفَرَّق بين رأسي وجسدي. اهـ “اللسان” (9/159).
([15]) رواه مسلم برقم (1780) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
([16]) أخرجه البخاري برقم (4280) ك/ المغازي ب/ أين ركز النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم الراية يوم الفتح.
([17]) كما رواه البخاري برقم (3477) ومسلم برقم (1792) من حديث ابن مسعود.
([18]) حسّن سنده شيخنا الألباني – رحمه الله- انظر “الإرواء” (5/384) برقم: (1546).
([19] ) أخرجه البخاري برقم (2118) ومسلم برقم (2884) بمعناه.
([20]) أخرجه البخاري برقم (4150).
([21]) تفسير ابن كثير (7/325، 328).
([22]) رواه أحمد (2/218) والبزار (2497) وابن حبان (6567) بسند حسن.