الأسئلة العامة

وصية لمن يُدعى بالشيخ أحمد خادم الحرم النبوي الشريف !!

السؤال: اشتهر في هذه الأيام الكلام حول وصية لمن يُدعى بالشيخ أحمد خادم الحرم النبوي الشريف !! فيها أنه رأى الرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – في المنام ، وأوصاه بأشياء ، منها نشر هذه الوصية ، وعدم كتمانها ، ورأينا بعض الناس تعلق قلبه بها ، ويخاف من إهمالها ، كي لا يتعرض للوعيد الشديد الوارد فيها لمن لم يقم بنشرها ، فما حكم الشرع في ذلك ؟

الجواب : نحن لا ننكر جواز رؤية النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – في المنام ،

لكن هذه الوصية تضمنت أمورًا تدل على كذبها وافترائها ، وأنها من تلبيس الشيطان ، ولا يصدق بها إلا ضعيف القلب مُظْلِمه ، فنور العلم عند أهل التوحيد والاتباع يحرق هذه الزخارف الباطلة والمقالات الفاسدة .

 

ففي هذه الوصية – كما في بعض الطبعات لها – أن الشيخ أحمد هذا رأى النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – بعد قراءته القرآن ليلة الجمعة ، وعندما تأهب للنوم ، فرأى صاحب الطلعة البهية – صلوات الله وسلامه عليه – وقال : يا شيخ أحمد ‍! أنا خجلان من ربي والملائكة بسبب ذنوب أمتي… الخ ، فهذا يدل على أنه رأى النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – في اليقظة قبل النوم ، وهذا باتفاق العلماء كذب وزور ؛ لأن النبي –صلى الله عليه وعلى آله وسلم– لا ينشق عنه قبره إلا يوم يقوم الناس لرب العالمين ، فيكون أول من ينشق عنه القبر – صلوات الله وسلامه عليه – ثم إذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام قد بلّغ للناس ما أنزل إليه من ربه ؛ فلماذا يلحقه الخجل والخزي من ربه والملائكة ؟ والله U يقول : ] فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ , لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُسَيْطِرٍ [ [ سورة الغاشية : 21-22] ، ويقول : ] إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ البَلاغُ [ [غافر : 51] .

وفي هذه الوصية المكذوبة أنه مات من أمته – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – من الجمعة إلى الجمعة ستون ومائة ألف على غير الإسلام ، وهذا أمر غيبي لا يطلع عليه إلا الله U ، والرسول – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – انقطع عنه الوحي بعد موته – صلوات الله وسلامه عليه – أليس يقال له وهو قائم عند الحوض : ” إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ” فيقول النبي
– صلى الله عليه وعلى آله وسلم – كما قال العبد الصالح – أي عيسى عليه السلام – : ]وكنت عليهم شهيدًا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد[ [ المائدة : 117] .

وفي هذه الوصية أن من كتبها ونشرها ؛ غُفر له ذنبه وذنب والديه ، وبُني له قصر في الجنة ، وقُضي عنه دَيْنُه ، وأغناه الله من الفقر ، وعَكْسُ ذلك فيمن لم يكتبها وينشرها ، وبهذا الإفك والزور جعل هذه الوصية أهم وأفضل من القرآن الكريم ؛ لأنه لم يثبت هذا الثواب لمن يكتب القرآن ، ولا هذا العقاب لمن لم يكتبه ، والواقع يشهد ببطلان ذلك ، فنحن مكذبون بها منذ سمعنا بها منذ سنوات ، ولله الحمد لم يحصل لنا شيء من العقوبات التي تضمنتها هذه الوصية النكراء ، ونعرف بعض من يصدق بها، ومع ذلك الديون قد أحاطت به ، وهو في فقر شديد!! وأخشى أن يكون كذلك في الآخرة عياذًا بالله من سوء الخاتمة.

ومثل هذه المبالغة في الثواب والعقاب من دلائل الوضع والافتراء على الله تعالى وعلى رسوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – كما هو معروف عند المحدثين .

ولو كان المسلمون أهل علم ومعرفة بدينهم ؛ ما راجت عندهم هذه البضاعة الفاسدة ، التي لا يخفى بطلانها على العميان ، ولكن هذا جزاء من أعرض عن العلم الواجب عليه تعلمه ؛ أن يعيش أسير الأوهام ، وخيالات وشطحات المجانين ، ومنامات المجاهيل الذين يتأكَّلون بدينهم ، ] ومن لم يجعل الله له نورًا فماله من نور [ [النور : 40] .

والمقصود من هذه الوصايا وأمثالها صرف الناس عن دينهم , لتتعلق قلوبهم بما فيها ، فيظن العوام أنهم لو حافظوا على هذه الوصية ونشروها ؛ فهم من أهل الجنة ؛ وإن ضيعوا الصلوات الخمس ، وارتكبوا المنكرات ]كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبًا[ [الكهف : 5] .

وقد حذّر من هذه الوصية جماعة من أهل العلم ، على رأسهم سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز ، إمام أهل السنة والجماعة في هذا العصر ، وقد لخصت جوابهم في هذه الفتوى ، وناشدوا المسلمين التمسك بدينهم , والثبات على الكتاب والسنة ، فلله دَرُّهم ، وعلى الله أجرهم.

والذي أجزم به أن من زعزعته هذه الوصية الباطلة وتلك المقالة الآثمة عن دينه ؛ فإنه إن لم يتداركه الله برحمته ؛ يخشى عليه أن يكون من أتباع الدجال أو من الهالكين , لأن الله عز وجل يجري على يد الدجال من العجائب والفتنة ما لا يثبت معه أحد , إلا من ثبته الله عز وجل ، ومن لم يثبت أمام دجاجلة العصر ؛ فكيف يكون ثباته أمام الدجال الأكبر ، ومعه جنة ونار، وإن كانت ناره جنة ، وجنته نارًا؟

وهو يأمر السماء فتمطر ، والأرض فتنبت… إلى غير ذلك مما ورد في تمكنه من أمور – بقدرة الله وحكمته – لم يتمكن من عشر معشارها دجاجلة العصر فإلى الله المشتكى من غربة أهل الحق وكثرة الباطل وأهله، لكن صدق الله القائل : ] إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة ويوم يقوم الأشهاد [ [غافر : 51] . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

للتواصل معنا