السؤال : رجل أعطى لآخر مالاً على سبيل القرض لمدة معلومة ، فتأخر المقترض عن السداد في موعده ، وطالت المدة ، فقال صاحب المال : إما أن تعطيني مالي ؛ وإلا فلا بد أن تؤدي زكاته من عندك كل سنة ، لأنني أزكيه وهو عندك بدون فائدة لي من هذا المال ، وطلب منه أن يُزَكِّيه من ماله لا من جملة القرض ، فهل هذا التصرف يجوز شرعًا ؟
الجواب : هذا التصرف لا يجوز شرعًا ، وهو إحدى صور الربا المحرمة، وقد قال جماعة من الصحابة – رضي الله عنهم – : ” قرض جرّ نفعًا فهو ربا ” . ولا يصح هذا مرفوعًا .
وقد كان الرجل من أصحاب النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – إذا أقرض رجلاً مالاً ؛ لا يقبل منه هدية، خشية أن تكون الهدية هذه داخلة في الربا ، وقد يعطيها المقترض من أجل أن يسكت عنه المقرض ، فيأخذ الهدية ، ويبقى دَيْنه عند أخيه كما هو ، فما الفرق بين ذلك وبين من يضع ماله في بنك ربوي ، بـما يسمـونه ” فائدة ” – وهو محق للبركة – بنسبة معروفة ؟ كل ما في الأمر أن التعامل مع البنك الربوي ربًا صريح ، وأما الذي ورد في السؤال فهو تحايل على الربا ، والوسائل تأخذ حكم المقاصد ، والواجب إبطال الحيل ، ولذلك قال ابن عباس في رجل كان له عند رجل عشرون درهمًا ، فجعل المقترض يُهدي إليه ، وجعل المقرض كلما أهدى إليه المقترض هدية باعها حتى بلغ ثلاثة عشر درهمًا ، فقال ابن عباس ” لا تأخذ منه إلا سبعة دراهم ” . أخرجه البيهقي ، وصحح سنده شيخنا الألباني – حفظه الله – في ” الإرواء ” (1397) وكل هذا خشية الوقوع في الربا ، فالذي يطلب من أخيه أن يزكّي الدين من عنده لا من جملة الدين ؛ فهو طالب ما لا يحل له ، وقد لعن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- آكل الربا , وموكله , وكاتبه , وشاهديه ، وقال : ” هم سواء ” . أخرجه مسلم من حديث جابر بهذا اللفظ .
فالواجب على المسلم أن يصفي سريرته من الحيل المُردية ، وأن يقصد وجه الله بالتوسعة على أخيه المسلم ، والله عز وجل يقول : ]وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة[ [البقرة:28] ويقول عز وجل : ]واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه [ [البقرة : 235] .
نسأل الله إصلاح الظاهر والباطن ، إنه سميع قريب .