الأسئلة العامة

رجل دخل المسجد ، فوجد الإمام جالسًا قبل السلام , أو وجده قد رفع من الركعة الأخيرة

السؤال  : رجل دخل المسجد ، فوجد الإمام جالسًا قبل السلام , أو وجده قد رفع من الركعة الأخيرة , فهل يدخل معه أو ينتظر ثم يصلي منفردًا , أو مع جماعة أخرى ؟ وهل إذا دخل معه يكون مدركًا لأجر الجماعة , أم تُعَدُّ صلاته صلاة فرد ؟

الجواب : هذه المسألة قد وفق الله أحد إخواني طلبة العلم في دار الحديث عندنا , وقد قام بجمع أطراف هذه المسألة , وراجعتها له ؛ فألفيتها رسالة نافعة – إن شاء الله تعالى – , وأنا أضمن الجواب على هذا السؤال حاصل البحث وخلاصته , وأزيد عليه ما أحتاج إليه وإن لم يُذْكر فيه , وأسأل الله أن ينفع الجميع , فأقول :

اعلم أننا ننظر في هذه المسألة في ثلاثة أمور: الحكم , والوقت , والفضل .

أما الحكم : فالمأموم يتبع الإمام , سواء قلنا بوجوب الدخول مع الإمام أو استحبابه , ويتصل بذلك باب السهو كسجود السهو وغير ذلك .

وأما الوقت : فمن لم يدرك ركعة مع الإمام قبل دخول وقت الأخرى , فلم يدرك الوقت , لحديث أبي هريرة مرفوعًا : ” من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس ؛ فقد أدرك الصبح , ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس ؛ فقد أدرك العصر ” متفق عليه .

 

وأما مسألة الفضل والأجر : فقد اخْتُلِف في مسألة إدراك فضل الجماعة .

فمنهم من قال: لا يُدرك إلا بركعة ، ومنهم من قال : بل يدرك ولو بتكبيرة الإحرام من المأموم قبل تسليم الإمام ، وهذا مذهب الجمهور.

واستدل من قال بعدم الإدراك إلا بركعة بحديث أبي هريرة : أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال : ” من أدرك من الصلاة ركعة ؛ فقد أدرك الصلاة ” متفق عليه ، وعند مسلم زيادة : ” مع الإمام ” ومن قال : بإدراك الصلاة بأقل من ركعة ؛ استدل بحديث أبي هريرة وأبي قتادة –وهما متفق عليهما-أن رسول الله –صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال: ” إذا أقيمت الصلاة ؛ فلا تأتوها وأنتم تَسْعَون , وأْتوها وعليكم السكينة والوقار , فما أدركتم فصلُّوا وما فاتكم فأتموا ” وبحديث عبدالله بن المغفل- رضي الله عنه- أنه دخل المسجد , والنبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – في الصلاة, فسمع خفق نعله, فلما انصرف قال: ” على أي حالة وجدتنا ؟ ” قال :سُجود , فسجدتُ , قال : ” كذلك فافعلوا , ولا تَعْتَدُّوا بالسجود , إلا أن تدركوا الركعة , وإذا وجدتم الإمام قائمًا ؛ فقوموا , أو قاعدًا ؛ فاقعدوا , أو راكعًا ؛ فاركعوا , أو ساجدًا ؛ فاسجدوا , أو جالسًا ؛ فاجلسوا ” أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة وغيرهما , وهو صحيح . وهناك أحاديث أخرى بهذا المعنى .

وأجابوا على حديث أبي هريرة : ” من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة ” بأنه ورد في الوقت ، وأما الفضل فإن الله يتفضل بما يشاء على من يشاء , والفضل فضله يؤتيه من يشاء , وإذا كان الذي ينام عن صلاته بالليل ؛ يُكتب له أجر صلاته , والذي ينوي الجهاد فيحبسه العذر؛ يكتب له أجر المجاهد , والمريض يكتب له ما كان يعمل صحيحًا , ومنتظر الصلاة في صلاة , فأين مدخل النظر ههنا. ” اهـ.

وفي “التمهيد” (7/67) قال : ” وأما الفضل فلا يدرك بقياس ولا نظر , لأن الفضائل لا تقاس , فرُبَّ جماعة أفضل من جماعة , وكم من صلاة غير متقبلة من صاحبها , وإذا كانت الأعمال لا تقع المجازات عليها إلا على قدر النيات – وهذا ما لا اختلاف فيه – فكيف يُعرف قدر الفضل مع مغيب النيات عنا ؟ والمطلع عليهما ( كذا ) ، العالم بها , يجازي كلاًّ بما يشاء , لا شريك له , وقد يقصد الإنسان المسجد , فيجد القوم منصرفين من الصلاة , فيكتب له أجرمن شهدها لصحة نيته , والله أعلم ” اهـ.

وقد حسن شيخنا الألباني – حفظه الله – حديث أبي هريرة أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال : ” من توضأ فأحسن وضوءه , ثم راح , فوجد الناس قد صلّوْا ؛ أعطاه الله مثل أجر من صلاها , لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا ” انظر “صحيح الجامع” (6039) و”صحيح الترغيب والترهيب” (1/408,165) وقد يكون في سند هذا الحديث تأمل , لكنه يتقوى في المعنى بما سبق في كلام ابن عبدالبر – رحمه الله – وبحديث عمر المتفق عليه : ” إنما الأعمال بالنيات ” .

على أن الذي يأتي في آخر الصلاة ليس أجره كمن يأتي في أولها , إذا اتفقا في بقية الوجوه , ولو كان المتأخر يدرك أجر السابق مطلقًا ؛ فلماذا كان السلف يتنافسون في حضور تكبيرة الإحرام , والصف الأول , بل الانتظار للصلاة قبل الصلاة ؟! ولاشك أن للسبق مزية , كما في قوله تعالى : ]والسابقون السابقون[ [الواقعة:10]. والله أعلم.

للتواصل معنا