الأسئلة العامة

رجل توضأ , ونسي أن يذكر اسم الله على وضوؤه , فهل وضوءه صحيح , أم لا ؟

السؤال: رجل توضأ , ونسي أن يذكر اسم الله على وضوؤه , فهل وضوءه صحيح  , أم لا ؟

الجواب : الذي يظهر لي أن التسمية على الوضوء مستحبة , لا تصل إلى الوجوب , فضلاً عن الشرطية , لأن حديث : “ لا صلاة لمن لا وضوء له , ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله – تعالى – عليه ” لا يصح – على ما ترجح عندي – مع أن الحديث رُوي من طرق كثيرة ؛ إلا أن أكثرها واهٍ , وإن قلنا باحتمال تحسينها , فما مِثْل هذه الطرق تحتمل هذا الحكم الذي يفضي إلى بطلان صلاة من نسي التسمية على الوضوء , وقد جاء في ” صحيح مسلم ” (231) من حديث عثمـان بن عفـان – رضي الله عنه – أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال : ” من أتم الوضوء كما أمره الله تعالى ؛ فالصلوات المكتوبات كفارات لما بينها ” وفي رواية ” ما من مسلم

يتطهر ، فيتم الطهور الذي كتب الله عليه , فيصلي هذه الصلوات الخمس ، إلا كانت كفارات لما بينها “ فالذي يظهر من قوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : ” .. كما أمره الله تعالى .. أي : كما في الآية : ]يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين[ الآية : [المائدة: 6] والآية ذكرتْ ما يصح به الوضوء , فلو كانت التسمية شرطاً في الصحة لذُكرت , ولا يرد على ذلك أن الراجح في الاستنشاق الوجوب , لأن الكلام على الشرطية , ولو قلنا بقول البعض بأن الاستنشاق داخل في عموم غسل الوجه ؛ فلا إشكال في الآية , وإن قلنا بأنه غير داخل – ولعله الراجح – فالكلام فيما يصح به الوضوء , ولا إشكال .

 

أقول : فالجمع بين الآية والحديث – لو صحّ – يجعلنا نقول بعدم شرطية التسمية , ومن الممكن أن نحمل النفي على الكمال جمعاً بين الأدلة , فإن قال قائل : المقصود من قوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : ” .. كما أمره الله .. ” أي بجميع الوضـوء الذي ثبت في السنـة , لأن الله أمره بأن يقتدي بنبيـه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قلت : هذا خلاف الظاهر وإن كان له وجه – لأن لقائل أن يقول : لو أن رجلاً توضأ كما في الآية ، لم يزدْ ، ولم ينقص ، فهل تقول ببطلان وضوئه وصلاته أو لا ؟ فإن قالوا : لا , رجعوا عن قولهم , وإن قالوا : نعم , خالفوا ظاهر الآية التي عَدَّتْ هذا طهورًا مجزئًا , وامتن الله علينا بأن في ذلك رفع الحرج لقوله – تعالى – في نهاية الآية : ]ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون[ [المائدة :6] .

هذا , ولم أستحل الاستدلال بما روي في حديث المسيء في صلاته : ” توضأ كما أمرك الله ” لضعف في سند هذه الجملة من حديث المسيء في صلاته ؛ وإن كان أقوى في الاستدلال على ما نحن فيه . هذا وقد جمعت طرق حديث التسمية على الوضوء في جزء خاص بذلك , وتكلمتُ على طرقه بتوسع , ونقلت أقوال العلماء في الحديث , والذي تميل إليه النفس : أن هذا الحديث فيه نظر , ولا نوجب على المسلمين هذا الحكم – وهو القول ببطلان صلاة من نسي التسمية على الوضوء – بمثل هذه الأسانيد إلا ببرهان جلي , وأما الاستحباب فثابت في الجملة , وهذا الجواب في هذا الحديث هو الذي ارتضاه الإمام أحمد – رحمه الله – والعلم عند الله تعالى .

للتواصل معنا