الأسئلة العامة

لا يخفى على أحد انتشار القات في البلاد اليمني

السؤال (67): لا يخفى على أحد انتشار القات في البلاد اليمنية وبعض البلدان الأخرى في هذا الزمان ، وقد اختلف الناس في حكمه : هل هو حرام أم حلال أم شبهة ؟ فما القول الراجح في ذلك ؟ وبماذا تنصح المسلمين في هذا الأمر ؟ فإن الأمر قد شاع ، واستفحل به الخطر , والله المستعان .

الجواب : قد كثرت الأسئلة حول حكم مضغ القات – وحُقَّ لها ذلك – لاشتهار ذلك في هذا العصر , ولكثرة من يمضغه من الشباب والشيبان , بل ربما من النساء , فإنا لله وإنا إليه راجعون , وأنا إذ أسطر هذه الكلمات في هذه المسألة ؛ أسأل الله U بأسمائه الحسنى , وصفاته العُلى أن يلطف بديار الإسلام والمسلمين , وأن يجنب الجميع موارد الهَلَكَة , وأن يبصرنا بعيوبنا , إنه جواد كريم ، بر رحيم .

والذي يترجح عندي من مجموع الأدلة الشرعية , وما يراه كل ذي عينين , وكل ذي قلب – خالص من لوثة القلب – من واقع من يزرع القات أو يبيعه أو يمضغه ؛ أنه لا يجوز , وأنه من قسم المحرم , الذي لا بد من تركه والإقلاع عنه , والتوبة إلى الله U منه , وذلك لأدلة كثيرة , فمن ذلك :


 

(1) قول النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : ” إن لجسدك عليك حقًّا . ” رواه البخاري ك: الصيام (2975) ومسلم ك: الصوم (1159) من حديث عبد الله بن عمرو , ومما لا يكاد أن يخالف فيه أحد أن القات يُلْحِق بالبدن أضرارًا , فما كان مضرًا بالبدن دون مصلحة شرعية ؛ فسبيله التحريم , ولا يقولنَّ قائل : إني ألحقت الضرر بنفسي , فماذا عليكم أنتم ؟! لأن الشريعة جاءت بالحفاظ على النفس والبدن , ولذلك أدلة كثيرة , ليس هذا موضع بسطها , ومنها :

(2) قول النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : ” لا تزول قَدَمَا عبد حتى يسأل عن أربع ...” ومن ذلك : ” وعن شبابه فيما أبلاه , وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه ” , وهذا حديث قد حسنه شيخنا الألباني – حفظة الله – في ” الصحيحة ” (946) .

(3) قوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : ” إن الله كره لكم قيل وقال , وكثرة السؤال , وإضاعة المال .” متفق عليه من حديث المغيرة , ولا يُشَغِّبْ أحد بأنه أنفق ماله في لَذَّاتِه , كما لو أنفقه في اللحم ونحوه , لأن الفارق واضح بيْن الضار والنافع ، ومن غالط ؛ فقد فضح نفسه .

(4) قول النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : ” لا ضرر ولا ضرار ” وقد صححه شيخنا الألباني – حفظه الله – في “الصحيحة” (250) , هذا وقد صرح جمع من الأطباء بعدة أضرار للقات , وإذا كان المريض إذا منعه أهل الشأن من طعام مباح , ثم أكله فازداد مرضه , أو أهلك نفسه ؛ كان آثما ؛ فما ضنكم بما نحن فيه ؟! والله المستعان .

والذي ينظر في أحوال المسلمين الذين “يخزنون” أي يمضغون القات , يجدهم ينفقون فيه أكثر مما ينفقون على الضروريات والحاجيات , والمباح من الكماليات , والله U يقول في المباحات: ]وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ[ ويقول سبحانه : ]إِنَّ المُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ[ إذا كان هذا في المباحات فما ظنك بالمحرمات ؟

وإننا لنجد العلماء يحرمون الأمر إذا كان ذريعة إلى مفسدة – وإن كان في أصله مباحًا – للقاعدة العظيمة عند فقهاء الإسلام , والتي تقول : ” الوسائل تأخذ أحكام المقاصد . ” , أو ” ما أدى إلى الحرام فهو حرام ” وكم رأينا الشاب محافظًا على الصلوات في أوقاتها ,فإذا بدأ فيما يسمونه بـ ” التخزين ” رأيناه يبدأ في التلاعب بأوقات الصلاة , بل ربما أدى ذلك إلى جمع تقديم أو تأخير بدون عذر شرعي , فيصلي الصلاة في غير وقتها, والله U يقول: ]إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا[ وفي “الصحيحين” أن جبريل – عليه السلام – نـزل على نبينا – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – في يومين , يعلمه الصلاة , مرة في أول الوقت , ومرة في آخر الوقت , وفي رواية عند مسلم : أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – صلى بهم في يومين , ثم قال : ” الوقت ما بين هذين ” .

فأين هؤلاء من قول الله U : ]حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ[ , وهي صلاة العصر التي لا يكاد يعطيها حقها المخزنون ؟ وأين هم من قول رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – : ” من ترك صلاة العصر ؛ حبط عمله ” أخرجه البخاري من حديث بريدة ؟

هذا فيمن بقي منهم على صلاته , أما الذين تركوها بالكلية فحدَّث ولا حرج , وإذا كان هناك بعض الناس يحافظون على صلواتهم في أوقاتها ؛ فهذا أندر من النادر , والأحكام تبع للمشهور الظاهر , لا مجرد القليل النادر , أو كما يقولون: ” النادر لا يُقَعَّدُ عليه “.

ورأينا أن القات في الغالب يجر صاحبه إلى الدخان , وما يسمونه بـ ” الشمة ” وغيرها وهي ظلمات بعضها فوق بعض !!

فيالله العجب ! كم من بيت انقلبت سعادته إلى شقاوة بسبب القات, وكم من أسرة تفككت بسببه , وكم من وجوه كان يكسوها الجمال والنُضرة , فانقلب ذلك بسببه إلى ضعف وصُفرة , وكم من شاب باع سلاحه – وهو أعز ما عنده – أو رهنه من أجل ” تخزينة ” يوم , وكم من شاب حملته نفسه على سرقة المال من القريب والبعيد بسبب القات ، بل منهم من يسرق ذهب زوجته ويبيعه لذلك , وكم من موظف احتال على المسلمين وعرقل سير معاملاتهم بسبب القات ، بل للأسف كم من قاض جعل الميزان شعاره للعدالة – زعموا !!- وتلاعب بألفاظه وكلماته في الأحكام بسبب القات ونحوه , بل وكم سمعنا بقتل فلان بسبب الاختلاف حول بيع القات , ثم تثور فتنة بين قبائلهما، الله بنهايتها عليم , وكم يعد العاد , والأمر أشهر من أن يُذْكَر , وأكثر من أن يُحْصَر .

ويكفي أن الموظف يُخَزِّن بما هو أكثر من معاشه !! فمن أين له هذا الفارق ؟ إنه الفساد الإداري ، والغش والتلاعب من أجل القات ، وما يتبعه من مجالس , خاصة وقد حلق في آفاقها وسماءها الدخان والروائح الكريهة ، وما يدور في تلك المجالس من الغيبة والأكاذيب ، وما يندى له الجبين ، لقبح المعنى والصورة ، والله المستعان

وإن الذي ينظر في صنيع العلماء الذين حرموا أمورًا – هي بالنسبة إلى القات أخف ضررًا – ليتعجب ممن يفتي بحل القات , وينظم فيه الأشعار , ويهِّيج الناس إليه ,ويحثهم عليه , فإن كان ذلك عن تأويل واجتهاد , وبذل الوسع في الوصول للحق ؛ فأسأل الله أن يكتب أجرهم , ويغفر وزرهم , وليسوا بحجة علينا إلا بالدليل , لكن البلاء فيمن ملكته شهوته , فذلت لها نفسه , ودان لها قلمه وشعره – وإن كانت عمامته مثل الرحى – فلهؤلاء الموعظة والذكرى بقول الله U : ]أَلاَ يَظُنُّ أُوْلَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ . لِيَوْمٍ عَظِيمٍ . يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ العَالَمِينَ [.

إن الذي ينظر إلى البلاد , وقد استبدل كثير من أهلها مزارع البر والشعير والفواكه بمزارع القات ليتعجب , أليس ذلك داخلاً في عموم قوله تعالى : ]أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بَالَّذِي هُوَ خَيْر[ ؟

إن شعبًا – أو أكثره – يقضي في مدة التخزين ما يزيد على ثلث اليوم والليلة , لَحَرِيُّ به أن يراجع نفسه, ولا يبالي بفتوى من أباح ذلك, ويسأل ربه الهداية والسلامة , وإن كثيرًا من الذين يخزنون لَيَئِنُّون ويَئِطُّون – وحُقَّ لهم ذلك – من هذا الأمر , فلماذا نقبل فتوى من نرى الواقع على خلاف فتواه ؟ ! أنصدق الناس ونكذب أنفسنا ؟!

وكثير من الناس تراهم يقولون : القات حلال , ومع ذلك يمنعون منه أبناءهم وصغارهم – وجزاهم الله خيرًا على ذلك – وما ذاك إلا لأن وازع الإيمان ومعرفة المصالح والمفاسد يناديهم من أعماقهم : أن خذوا على يد هذا الصغير , قبل أن يقع فيما وقعتم فيه , فلماذا نغالط أنفسنا ؟

وإن كثيرًا من الناس ليتحرجون من الدخول في بيوت الله وهم “مخزنون” – وحُقَّ لهم ذلك – وما ذلك إلا لوازع الخير في أنفسهم , مع أن الرجل لا يتحرج أن يأكل شيئًا من الفاكهة والطيبات في بيوت الله – وما أهل الصُفَّة عنا ببعيد – كل هذا يدل على الفرق بين الضار والنافع الذي جُبِل عليه الإنسان , ولكن كثيرًا من الناس – سامحهم الله –يغالطون .

وإذا كان مضغ القات قبيحًا من العامة , فهو من طلبة العلم وأهل العلم والقدوة في الأمة أقبح وأقبح , لأن هؤلاء الخواص ينبغي لهم أن يتنـزهوا عن بعض المباحات من الأقوال والأفعال والأحوال التي تجعل صاحبها عند العامة قليل الشأن , وما ذاك إلا لأن الخاصة زلاتهم مشهورة , ومناقبهم – عند كثير من العامة – مغمورة , والله المستعان .

هذا , وإن احتج أحد بأن بعض الفضلاء يُخَزِّن ؛ فالجواب : أن العبرة بالدليل , لا بمجرد الأقاويل , والناس توزن أقوالهم بالكتاب والسنة وقواعد أهل العلم , بدون عكس , ولم يكلفنا الله بطاعة مطلقة لأحد إلا لرسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وما صح من الإجماع الذي لا يجوز خلافه , وأما أهل العلم والفضل فيُسألون عن دليل فتواهم .

فإن قيل : الأصل الإباحة , قلت : نعم , الأصل الإباحة ما لم يَنْقل عن ذلك دليل , وما سبق من الحديث النبوي وقواعد أهل العلم وحال المسلمين الذين يُخَزِّنون , فبعضه مع الانفراد كافٍ في التحريم , فكيف مع الاجتماع ؟

وإن قيل : إن القات يُنَشَّط لطلب العلم والعمل .

فالجواب : أننا لو سلمنا بذلك جدلاً فإن مفاسده تربو على هذه المصالح , وقد سبقت الإشارة إلى شيء من ذلك , فأين هذه المصلحة لآحاد الأمة , من مفسدة التهاون بالصلاة , وفساد أخلاق الشباب , وإهدار المال , وإزالة الأشجار النافعة , وفتح باب الاحتيال واللصوصية على عباد الله ؟ كل ذلك ليس في عدد قليل , بل في أكثر من عرفت ممن يفعل ذلك , والله المستعان .

ثم هل تحصيل العلم لا يتم إلا بالقات ؟ فأين نحن من علماء المسلمين – سلفًا وخلفًا – الذين ملأ عِلْمُهُم رُبوعَ الأرض , وهم لا يدرون شيئًا عن ” القات ” فضلاً عن مضغه؟ ثم قارن أيها المنصف بين ثمرة هؤلاء وأولئك في الأمة , لتعلم حقًا أن هذا العذر لا قيمة له ، ولا واقع له , وأن الشيطان للإنسان عدو مبين .

فيا من يفتون العامة بهده الفتاوى , ارْبِعُوا على أنفسكم , واتقوا الله الذي يُمسك السماواتِ والأرضَ أن تزولا , وإني لأعلم الكثير والكثير ممن يأخذ بفتواكم – فقط – لأنها وافقت شهوته , وإلا فهو يصرح بمفاسده , وأضراره , ثم يسيء بكم الظنون .

هذا مع علمي بأن كثيرًا ممن ” يخزنون ” عندهم من الغيرة على الدين, ومكارم الأخلاق : من كرم ، وشجاعة ، وتحمل للمشاق ، وحسن خلق , ونحو ذلك الشيء الكثير ، بل ربما يعملون من أعمال البر التي نَتَقالُّ معها أعمالنا , ومن أجل ذلك وغيره خشينا عليهم , وارتفعت أصوات أهل العلم بمنعهم من ذلك , لإبقاء الخير الذي عندهم , فإنهم لم يكتسبوا هذه المكارم من مجالس القات , بل هذه المكارم اكتسبوها من طيب معادنهم ، وحُسن منابتهم وأصولهم ، وقبل هذا كله فهي من توفيق الله لهم ، إلا أن القات كفيل بهدم هذا البنيان , لولا أن تتدارك المرءَ رحمةُ ربه .

وإني لأسأل ” المخزن ” : بكم تخزن في اليوم الواحد ؟ ثم في الشهر , كم تبلغ نفقتك ؟ وكم أنت تتصدق في عامك على الأيتام والأرامل والفقراء , بل على عيالك وأهل بيتك ؟

وأسأل ” المخزن ” : هل تطيب نفسك بأن تأكل الشهي من الطعام أو الشراب دون أهلك ومن تعول ؟ فإن كنت لا ترضى بذلك , أما تعلم أنك قد أنفقت على شهوتك أضعاف أضعاف هذا الطعام أو الشراب ؟!

ثم أما تعلم – أيها المسلم – أن المال الذي تشتري به القات , هو رزقك ورزق أهل بيتك ؟ ثم أنت تتسلط عليه في شهوتك ولَذَّتك , وتعبث به ؟ !

فإن قيل : أنا لا أشتري القات , فإن عندي مزرعة آخذ منها بدون ثمن .

فالجواب : أن وقتك الذي تبذله في شأن هذه المزرعة , وكذا النفقة عليها , كل ذلك من ثمن القات الذي تدفعه , وأنت لا تشعر , أما تعلم أن المزرعة لو استعملت في غير القات لكان أسلم لدينك ، أما تعلم أن ضرر المزرعة يتعدى إلى غيرك أيضًا ؟ ثم هل كل المخزنين عندهم مزارع قات ؟ وهل الأحكام الشرعية تتبع النادر أم الأكثر ؟

فإن قال : عندي أمراض , وقد أباحه لي الطبيب .

قلت : شفاك الله وعافاك من كل سوء ومكروه ، لكن هل الطبيب الذي وصفه لك مبتلى به , أم لا ؟ فإن كان ” مخزنًا ” , فلا تطمئن النفس إلى ذلك منه , وإن لم يكن من هذا الصنف , فهل هو عدل في دينه وعمله ؟ فإن كان كذلك , فهل هناك دواء لمرضك في غيره أم لا ؟ فإن قال : لا , فماذا يقول لأمثاله في هذا المرض , في بلاد ليس فيها القات ؟! وإذا كان الدواء – أيها المسلم – يؤول به الأمر إلى مفسدة فيك , أو في غيرك , فاتركه واطلب الدواء مما أباحه الله U .

هذا وقد اطلعت على ما كتبه والدنا الشيخ أبو عبد الرحمن عايض بن علي مسمار – حفظه الله – ونفعه ونفع به ,حول القات وأهله , فرأيت ذلك – إن شاء الله تعالى – نافعًا في بابه , فليتأمل اللبيب , ويرى كم يفعل القات بأهله من المضحكات المخزيات !!

وإذا كان البعض يقول : القات ليس بحرام , بل هو شبهة , أما كان يكفيه حديث النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم -: ” الحلال بَيَّن , والحرام بَيَّن , وبينهما أمور مشتبهات , فمن اتقى الشبهات ؛ فقد استبرأ لدينه وعِرضه , ومن وقع في الشبهات ؛ وقع في الحرام , كالراعي يرعى حول الحمى , يوشك أن يرتع فيه , ألا وإن لكل ملِكٍ حِمى , ألا وإن حمى الله محارمه … ” الحديث متفق عليه , من حديث النعمان بن بشير .

ألا فلينصح امرؤٌ نفسَه , وليتق الله ربَّه , وليخشَ يومًا تُبْلَى فيه السرائر , والله U المسؤول أن يأخذ بيد الجميع لتعظيم حرمات الله , والاستقامة الصادقة , والتوبة النصوح , والله من وراء القصد , وهو حسبنا ونعم الوكيل , وصلى الله وسلم على محمد النبي , وعلى أزواجه أمهات المؤمنين , وعلى آله وذرياته الطيبين .

(تنبيه) : كانت هذه الفتوى نص مقدمة مني لكتاب والدنا الشيخ : أبي عبدالرحمن عايض بن علي مسمار – حفظه الله – ونفع به , وختم لنا وله وللمسلمين بخير , وقد رأيت إدخالها في هذا العدد , عسى أن ينفع الله عز وجلّ بها ؛ والله أعلم .

(تنبيه آخر) بعض طلبة العلم ينظر إلى من خزَّن بأنه لا خير فيه ، وينفر منه ، ولا يُعَوِّل عليه في قليل أو كثير ، ومع أنني حررت الجواب السابق في حكم مضغ القات ؛ فلا يلزم من ذلك إقرار من فعل ما سبق ذكره من طلبة العلم ، فإن هناك من أصول المعادن ، وذوي المكارم والشيم والمروءات ممن ابتلي بالقات ، ويتمنى الانخلاع منه ، وقد وجدت في بعض من ابتلي بالقات من الخصال الحميدة ، والمواقف السديدة ، ما يعجز عنه كثير من المنكرين عليهم ، فلا إفراط ولا تفريط، فنحن ننكر السيئة ، ونقبل الحسنة ، ونحرص على الأخذ بيد إخواننا المسلمين إلى التي هي أقوم ما استطعنا إلى ذلك سبيلا .

وإذا نفرنا من هذا للقات ، ومن ذاك لحلق اللحية ، ومن ذلك لإسبال ثوبه … وهكذا ، فمن ندعوا إلى الله ، ومتى ننفع أمتنا ومجتمعاتنا؟ ومتى نسد الباب أمام أهل البدع والأهواء ، حتى لا يتلقفوا أبناء المسلمين؟! والله أعلم .