الثانية : أن يكون المخالِف من الأئمة المشاهير، انظر ” شرح العلل ” لابن رجب (2) .
الثالثة : أن يأتي راوٍ آخر – غيرُ الثقة المخالف، وغير الجماعة الذين خالفوه – فيروي الحديث على الوجهين ، كما لو روى جماعة حديثا عن مالك عن نافع عن ابن عمر ، وخالفهم ثقة فرواه عن مالك عن سالم عن ابن عمر ، فجاء من طريق ثالثة عن مالك عن سالم ونافع عن ابن عمر ، دل هذا على هذا أن رواية المخالف الذي سَمَّى سالمًا محفوظة ، والله أعلم .
الرابعة : أن يكون الشيخ المختلف عليه مكثرًا واسع الرواية ، فيمكن أن يُحمل الحديث على ما رواه الفرد والجماعة ، وانظر ” شرح علل الترمذي ” (3) .
الخامسة : أن يكون لهذا المخالف رواية أخرى يوافق فيها رواية الجماعة الذين خالفهم ، فهذا يدل على أن عنده زيادة على ما عندهم ، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ .
السادسة : أن يكون المخالف من الصحابة، فإن زيادة الصحابي على غيره من الصحابة مقبولة باتفاق المحدثين، كما نقل ذلك العلائي في “نظم الفرائد” وابن حجر في “النكت”(4)والسخاوي في ” فتح المغيث ” (5) .
السابعة : أن يكون المخالف صاحب كتاب ، وحدث من كتابه ،ومن خالفه ليس كذلك .
الثامنة : إذا احتف حديث المخالف بقرائن خارجية، تدل على أن محفوظ ، كأن يروي قصة، وقد ذكرت غالب هذه الحالات مع الأمثلة في ” الإتحاف ” (6) .
التاسعة :إذا روى الجماعة عن مدلس بالعنعنة ، ورواه عنه واحد ،فصرَّح في رواية المدلس بالسماع من واسطة عن شيخه في رواية الجماعة أو الأوثق ، قُبلت رواية الواحد كما في رواية جماعة عن هشيم عن إسماعيل ابن أبي خالد ، ورواه خالد بن القاسم المدائني عن هشيم عن شريك عن إسماعيل ، ورجح بعض العلماء رواية خالد ، انظر ” علل الدارقطني ” (1) .
العاشرة : إذا كان الإسناد يدور على راوٍ،وقد عُرف بأن هذا الراوي إذا شك في الحديث ؛ نقص منه ، وروى عنه جماعة أو الأحفظ الحديث ناقصًا ، ورواه واحد عنه تامًّا ، فقد يُحمل الحديث على الوجهين ،ويقال : هذا من تصرف الشيخ الذي يدور عليه السند ، كما عُرف من شأن مالك وغيره ، انظر ما يشير إلى هذا في ” شرح السنة ” للبغوي (2).
( تنبيه ) : هل الحالات العشر السابقة مطردة : فحيثما وقفنا على ذلك ؛ قَبلْنا رواية الواحد ؟
الجواب : معظم هذه الحالات غير مطردة ، فقد وقفت على بعض هذه الحالات في كتب العلل ، ولم يراع الدارقطني وغيره هذه الحالات في بعض المواضع، وإن عملوا بها في مواضع أخرى ، فلعلهم يراعون قرائن أخرى في كل حديث حديث ، وأما زيادة الصحابي عن غيره من الصحابة ؛ فقد سبق اتفاق المحدثين على قبولها .
والخلاصة : أننا إذا وقفنا على إعمال إمام لشئ من هذه الحالات ؛ قبلنا ذلك ، أو كان نهناك من العلماء النقاد من صَحَّح الحديث بالوجهين، ولم يذكر دليله على ذلك ، ثم وقفنا على شئ من هذه لهذا ، الحالات ؛فيقال : لعل الإمام صحح هذا ، وكذا إذا كانت هناك قرائن تدل على صحة إعمال هذه الحالات – مالم يعارض كلام الأئمة المتأهلين في هذا الفن – وإلا ففي النفس شئ من طرد جُلِّ هذه الحالات ، والله أعلم .
(2) ( 1 / 719 ) .
(3) ( 1 / 917 ) و ” النكت” ( 2 / 785 ) .
(4) ( 2 / 691 – 692 ) .
(5) ( 1 / 253 ) .
(6) ( 2 / 74 – 80) السؤال ( 26 ) .
(1) ( 4 / 8905 / أ ) اهـ نقلاً من حاشية ” مسائل أبي داود لأحمد ” ( ص 388 ) .
(2) ( 1 / 255 – 256 ) .