الأسئلة الحديثية

هل يصلح الحديث المدلَّس في الشواهد والمتابعات ؟

السؤال: هل يصلح الحديث المدلَّس في الشواهد والمتابعات ؟

قال الحافط ابن حجر :” ومتى تُوبِع السيئ الحفظ بمعتبر؛ كأن يكون فوقه أو مثله – لا دونه – وكذا المختلط الذي لم يتميز، والمستور، والإسناد المرسل، وكذا المدلَّس، إذا لم يُعْرَف المحذوف منه؛ صار حديثهم حسنًا لا لذاته ” اهـ ” النـزهة ” (10) .

وقال – أيضًا – في كلامه على تعريف الترمذي للحسن: ” وليس هو في التحقيق عند الترمذي مقصورًا على رواية المستور، بل يشترك معه الضعيف بسبب سوء الحفظ، والموصوف بالغلط والخطأ، وحديث المختلط بعد اختلاطه، والمدلس إذا عنعن، وما في إسناده انقطاع خفيف، فكل ذلك عنده من قبيل الحسن ….” اهـ (2).

قلت : عنعنة المدلس ليست من جملة الجرح الشديد، إلا إذا ظهر في حق راوٍ، أو في حديث بعينه؛ أنه دَلَّس عن متروك ، أو كذاب ؛ فإنه لا يستشهد به والحال هذه .

وكذا ما إذا عنعن مدلس، ثم جاء عنه من وجه آخر، وصرح بالسماع من ضعيف؛ فالظاهر أن هذا الضعيف هو الذي حُذِفَ من الإسناد المعنعن، فلا يتقويان بذلك ، وقريب منه ما إذا روى مدلس بالعنعنة عن شيخ، وتابعه ضعيف عن الشيخ نفسه، فيحتمل أن المدلس أسقط هذا الضعيف، وأنه ما أخذه إلا منه، إلا أن يثبت أنه ليس له عن هذا الضعيف رواية أصلاً؛ فعند ذلك يتقويان، وانظر التفصيل في ” إتحاف النبيل ” (3) .

فإن قيل : لايرتقي الحديث المدلَّس إلا بمتابعة ثقة؛ لقول الخطيب : ” فإن وافقه ثقة على روايته ؛ وجب العمل به ، لأجل رواية الثقة له خاصة ، دون غيره ” اهـ (1) .

فالجواب : إذا كان الشافعي قوَّى المرسَل بمثله ، ومعلوم أن الإرسال أشد في الانقطاع من التدليس – في الجملة – لأن المدلَّس يكون سماعه في الأصل ثابتًا – في الغالب – فإذا تقوى المرسَل بمثله ؛ فمن باب أولى أن يتقوى المدلِّس بمثله ، مع مراعاة القيود السابقة ، والله أعلم .








(10) ( ص 139 ) في كلامه على وجوه الطعن في الراوي .

(2) ” النكت ” ( 1 / 387 ) .

(3) ( 1 / 327 ) السؤال ( 175 ) .

(1) ” الكفاية ” ( ص 518 ) .