الأسئلة الحديثية

ماهي الأسباب الحاملة للمدلِّسين على التدليس ?

ماهي الأسباب الحاملة للمدلِّسين على التدليس ?

ذكر العلماء أن للمدلسين أغراضًا حملتهم على التدليس ، منها المحمود ، ومنها المذموم ،وهي :

1- ضَعْفُ الشيخ : قال الخطيب – في سياق ذكره الأحوال التي تقتضي ذم التدليس وتوهينه -: ” والثالثة: أن المدلس إنما لم يبين من بَيْنَه وبين من روى عنه؛ لعلمه بأنه لو ذَكَره لم يكن مرضيًّا مقبولاً عند أهل النقل ، فلذلك عَدَلَ عن ذِكْره ” (3) اهـ .

2- صغر سن الشيخ : قال الخطيب : في كلامه على تدليس التسوية: ” لكنه يُسْقِط ممن بعده في الإسناد رجلاً يكون ضعيفًا في الرواية ، أو صغير السن ، ويُحَسِّن الحديث بذلك “اهـ (4).

وذلك: لأنه قد يقع في نفس المدلس الحرج بسبب روايته عن هذا الصغير ، فَيُظَن به أنه ليس بصاحب رحلة، وأن الصغار رحلوا إلى المشايخ الكبار، فسبقوه في هذا الفن، فعند ذلك تستنكف نفسه عن الرواية عن هذا الصغير ؛ فيسقطه ، ويروي عمن لم يسمع منه .

3- أن تكون عند هذا المدلس أحاديث كثيرة لهذا الشيخ، فلا يحب تَكْرار الرواية عنه، حتى لا يقع السامع في ملل بسبب ذلك ، فيسقطه المدلس ، أو يغير اسمه (1).

وقال ابن الصلاح : ” أو لكونه كثير الرواية عنه، فلا يحب الإكثار من ذِكْر شخص واحد على صورة واحدة ” (2) اهـ .

4- إيهام عُلو الإسناد: قال الخطيب :” وفيه أيضًا: أنه إنما لا يذكر من بينه وبين من دلس عنه طلبًا لتوهيم علو الإسناد ” اهـ ” الكفاية ” (3) .

5- إيهام كثرة الشيوخ : قال بن دقيق العيد: ” وأكثر مقصود المتأخرين في التدليس طلب العلو أو إيهام كثيرة المشائخ ” (4) اهـ .

6- امتحان الأذهان، وشحذها في معرفة الرواة ،وطبقاتهم ، ونحو ذلك، وإلقاء ذلك إلى من يراد اختبار حفظه ، ومعرفته بالرجال “اهـ (5) .

7- أن يقصد التنويع في اسم الشيخ تفنُّنًا في الرواية ، وهذا يفعله الخطيب في بعض شيوخه .

قال السخاوي – رحمه الله – : ” ويكون كفعل الخطيب الحافظ المكثر من الشيوخ والمسموع في تنويع الشيخ الواحد، حيث قال مرة: ” أنا الحسن بن محمد الخلال ، ومرة: أخبرنا الحسن ابن أبي طالب ، ومرة: أنا أبو محمد الخلال ، والجميع واحد اهـ ” فتح المغيث ” (6) .

8- إيهام الرحلة ، كما في تدليس البلدان ، وقد سبق قريبًا .

9- الإغراب في الرواية (7) .

10- العداوة التي بين التلميذ والشيخ، وقد ذكر ذلك العلائي (8) مستدلاًّ بما جرى بين البخاري والذهلي ، وفي التسليم بكون البخاري مدلِّسًا بحث ، والله أعلم .

11- تحسين الحديث وإظهاره مستويًا بالثقات ، كما في تدليس التسوية .

12- قَصْد الدفاع عن الشيخ حتى لايُرغب عن حديثه ، كما جرى من الوليد بن مسلم في حق الأوزاعي .

13-قَصْد إثارة الرغبة في الحديث وترويجه ، وذلك بإسقاط الضعيف ، أو تسمية الشيخ الضعيف باسم يوافق اسم شيخ ثقة ، وقد رَوى المدلس عنهما جميعًا ، كما يُرْوى من فعْل عطية العوفي في تكنية الكلبي بأبي سعيد (1) .

14-أن يكون الساقط ثقة عند المدلس ، وليس كذلك عند غيره ، فيسقطه ليجوز حديثه في الناس ، للاحتياج إليه (2) .

15-نشر الأخبار في الأمصار ، ومن أراد العمل بها ، فلينظر في طرق الحديث ، ويعمل بما ظهر له (3) .

16-الدعوة إلى الله : قال ذلك الحاكم في ” المعرفة ” (4) .

17- وقد يكون لكون المدلَّس حيًّا ، وعدم التصريح به أبعد عن المحذور الذي نهى الشافعي عنه لأجله (5) .

قلت : ولعله يعني قول الشافعي : ” إياك والرواية عن الأحياء ” لاحتمال أن ينسى الحي، ويجحد ما رواه ، فينال تلميذَه من ذلك شيء (6) .

18- قد يحمل المدلس على ذلك ما يحيط به من ظروف تجعله يخاف من التصريح باسم شيخه ، أو وقوع فتنة من غالٍ أو جافٍ مقبول عند الناس ، أو الولاة،كما يُذكر أن الحسن البصري كان يُخفي اسم عليٍّ – إن صح ذلك – زمن بني أمية (7) .

19- تأخر وفاة الشيخ ، فيشارك المدلسَ من هو دونه في الرواية عنه ، فيأنف من ذلك ، فيسقط شيخه (8) .

20- الشَّرَه في الرواية ، فيحمله ذلك على التدليس ، وهذا جامع للاستكثار في الشيوخ ، والطرق ، والغرائب ، والفوائد ، والله أعلم .








(3) انظر ” الكفاية ” ( ص 511 ) و ” التمهيد ” ( 1 / 15 ) و ” جامع التحصيل ” ( ص 118 – 119 ) .

(4) ” الكفاية ” ( ص 518 ) وانظر ” التمهيد ” ( 1 / 15 ) و ” جامع التحصيل ” ( ص 118 – 119 ) وقد يكون للأنفة من الرواية عمن حدثه ، كما قال الخطيب في ” الكفاية ” ( ص 511 ) .

(1) انظر ” جامع التحصيل ” ( ص 118 ) .

(2)انظر ” المقدمة” ( ص 100 ) مع ” التقييد ” .

(3) (ص 511 ) وانظر ” الاقتراح ” ( ص 218 ) .

(4) ” الاقتراح ” ( ص 215 ) .

(5) ” الاقتراح ” ( ص 221 ) .

(6) ” فتح المغيث” ( 1 / 223 ) وانظر دفاع الحافظ عن الخطيب ، وقد نقله الصنعاني في ” توضيح الأفكار ” ( 1 / 369 ) .

(7) انظر ” الاقتراح ” ( ص 219 ) وانظر ” جامع التحصيل ” ( ص 119 ) .

(8) انظر ” جامع التحصيل ” ( ص 119 ) وانظر ” النكت ” للزركشي ( 2 / 130 – 131 ) .

(1) انظر ” النكت ” للزركشي ( 2 / 132 ) وما نُسب إلى عطية لايصح سنده ، والله أعلم .

(2) انظره مختصرًا بنحوه في ” فتح المغيث ” ( 1 / 223 ) .

(3) انظر بعض ذلك من كلام ابن الوزير في ” توضيح الأفكار ” ( 1 / 369 ) .

(4) ( ص 104 ) .

(5) انظر المصدر السابق .

(6) انظره مُفَصَّلاً في ” التقييد والإيضاح ” ( ص 154 – 155 ) .

(7) أنظر شيئًا من ذلك في ” توضيح الأفكار ” ( 1 / 368 ) .

(8) “شرح الألفية ” للعراقي ( 1 / 188 ) .