الأسئلة الحديثية

ما هي الفائدة من كتابة آثار التابعين، مع أنها ليست حجة لذاتها ؟

ما هي الفائدة من كتابة آثار التابعين، مع أنها ليست حجة لذاتها ؟

والجواب : أن لذلك فوائد كثيرة منها :

1-أنه قد تعرف بآثار التابعين علة الأحاديث المرفوعة، وذلك كما إذا رُوي حديث تارة مرفوعًا، وتارة مقطوعًا من مخرج واحد ،وكان من رواه مقطوعًا أرجح ممن رواه مرفوعًا ، فرواية المقطوع بَيَّنَتْ علة المرفوع .

وقد ذكر الخطيب السبب في كتابة الأحاديث المنقطعة المرسلة ، وإن لم يكن حجة عند قوم فقال : ” . . . . ومن لم يرها كذلك – أي حجة – من نُقَّاد الآثار ، وحُفَّاظ الأخبار ؛ فإن يكتبها للاعتبار بها ، وليجعلها(2)علة لغيرها “

ثم ساق سنده إلى الميموني ، فقال : تَعجَّب إلىَّ أبوعبدالله – يعني أحمد بن حنبل – ممن يكتب الإسناد ، وَيَدع المنقطع ، ثم قال : وربما كان المنقطع أقوى إسنادًا أو أكبر .

قال الميموني : قلت : بيِّنْه لي كيف ؟ قال : ” يُكتب الإسناد متصلاً وهو ضعيف ، ويكون المنقطع أقوى إسنادًا منه ،وهو يرفعه ثم يُسنده ، وقد كتبه هو على أنه متصل ، وهو يزعم أنه لايكتب إلا ما جاء عن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – .

قال الميموني : معناه : لوكتب الإسنادين جميعًا ؛ عَرف المتصل من المنقطع ، يعني ضعْف ذا ، وقوة ذا ” اهـ (3) .

2-بعض أقوال التابعين لها حكم الرفع عند بعض العلماء كقول التابعي ” من السنة كذا ” أو ” أمرنا بكذا ” أو يذكر أمرا غيبيا لامجال للاجتهاد، فيه فيكون بمثابة الحديث المرسل الذي قد يرتقي بالشواهد إلى درجة القبول، ومنهم من يراه في حكم الموقوف ، والموقوف قد يستشهد به في مواضع ، كما سيأتي – إن شاء الله تعالى – والله أعلم .

وقد عدَّ السخاوي المقطوع أحد ما يعتضد به المرسل ، وأطلق ذلك (1) ، والصواب التقييد ، والله أعلم .

3-أن كلام التابعين من جملة كلام السلف، ونحن إنما نفهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة – وعلى رأسهم الصحابة والتابعون – ولا نستقل بفهمهما دونهم ، فعندما نعرف أقوال التابعين – بعد ثبوتها إليهم – نستطيع أن نقول: إن هذا القول الذي قلنا به قد قال به فلان وفلان من التابعين ، ونستطيع أيضا أن نتحاشى الأقوال التي لم يقل بها أحد من السلف (2).

4- ونستفيد – أيضًا – من كتابة آثار التابعين معرفة اختلافهم واتفاقهم، فما أجمعوا عليه لم نخرج عنه ، وما اختلفوا فيه تخيرنا منه ما نرى أنه الصحيح الموافق للأدلة والقواعد ، ولم نُحْدِث قولا جديدًا من عند أنفسنا ، ونشذ عن مذاهبهم (3).

5- أنه بمعرفة اختلاف أقوال التابعين: يسوغ للمجتهد الاجتهاد في اختيار القول الذي يراه أقرب إلى الحق، وكونه اجتهد ووافق اجتهاده قولا قد سُبِق إليه؛ يجعل العلماء لاينكرون عليه إنكارهم على من خرق الإجماع ، ولاينسبونه بذلك إلى تكفير، أو تفسيق ، أو تضليل ؛ لأن المسألة اجتهادية يسوغ فيها الخلاف ، وشيخ الإسلام ابن تيمية يُكثر من ذلك .

6-وربما يتضح بالمقاطيع المعنى المحتمل من المرفوع ، قاله السخاوي (4) .








(2) وفي المطبوعة : ” ولن يجعلها . . . ” وهذا خطأ مخالف للسياق ، فتأمل .

(3) انظر ” الجامع ” للخطيب ( 2 / 280 ) برقم ( 1634 ) .

(1) انظر ” فتح المغيث ” ( 1 / 126 ) .

(2)انظر ” المدخل إلى السنة الكبرى ” ( ص 35 ) و ” رسالة عبدوس ” ( ص 25 ) .

(3) انظر ” الجامع ” للخطيب ( 2 / 281 ) برقم ( 1636 ) .

(4)انظر “فتح المغيث ” ( 1 / 126 ) .

للتواصل معنا