الأسئلة الحديثية

ما حُكْم الراوي الذي يقال فيه: «روى الحديث على أوجه»؟

 ما حُكْم الراوي الذي يقال فيه: «روى الحديث على أوجه»؟

رواية الحديث على أوجه لها عدة أسباب:

فقد يكون سبب ذلك سوء الحفظ، فيضطرب الراوي، ويروي الحديث على أوجه1

وقد يكون سبب ذلك كثرة الرحلة والاشتغال بهذا الفن، كما كان إبراهيم بن سعيد الجوهري يقول: الحديث إذا لم يكن عندي من مائة طريق فأنا فيه يتيم2، والحفّاظ قد شُهر عنهم رواية الحديث على وجهين فأكثر، ولذلك تراهم في كتب العلل إذا اختلف الثقات على أحد الحفاظ أهل الرحلة والاجتهاد في الطلب يقولون: والحديث محمول على الوجهين.

وقد يكون السبب في ذلك أنَّه يروي الحديث بالمعنى لا يلتزم لفظاً واحداً، كما في «تاريخ بغداد» (9/36) مع أنَّ الراوي ثقة3وقد يكون ذلك؛ لأنَّ الراوي يكذب في الحديث، فيتزيَّن في كل مجلس بما يليق به، فإذا كان بحضرة أحد النقاد، فإنَّه يروي الحديث بوجه مقبول، وإذا كان أمام أضرابه فإنه يروي الحديث بوجه آخر.

وقد يكون في بلد بوجه، وفي أخرى بوجه آخر، والله المستعان4وقد يكون سبب ذلك التدليس: تعمية للأمر وتوعيراً للطريق أمام الباحث، وكل حالة من هذه الحالات لها حكم خاص، ويتّضح لك هذا أو ذاك بالقرائن، والله أعلم5

الحواشي



1 مثال ذلك ما ذكره المؤلف في «الشفاء» (ص:400) عن العقيلي في «الضعفاء» (1/92)، قال: ثنا محمد، ثنا صالح، ثنا علي، قال: سمعت يحيى وسئل عن إسماعيل بن مسلم المكي قيل له: كيف كان في أول أمره؟ قال: لم يزل مختلطاً كان يحدّثنا بحديث الواحد على ثلاثة دروب».

2 انظر «تهذيب التهذيب» (1/124).

3في «تاريخ بغداد» (9/36) قال أبو داود: كان سليمان بن حرب يحدث بحديث ثم يحدث به كأنه ليس بذاك، قال الخطيب: قلت: كان سليمان يروي الحديث على المعنى فتتغير ألفاظه في روايته. اهـ.

4قال ابن رجب في «شرح العلل» (1/424-425): فاختلاف الرجل الواحد في الإسناد إن كان متهماً فإنّه ينسب به إلى الاضطراب، وإنّما يحتمل مثل ذلك ممن كثر حديثه وقوي حفظه كالزهري وشعبة، ونحوهما، وقد كان عكرمة يتهم في رواية الحديث عن رجل ثم يرويه عن آخر حتى ظهر لهم سعة علمه وكثرة حديثه… إلخ. اهـ.

5 انظر ذلك بتوسع في «شفاء العليل» (ص:400).

للتواصل معنا