الأسئلة الحديثية

ما الفرق بين الإدراج والوضع؟

ما الفرق بين الإدراج والوضع؟

الحديث المدرج: هو قول غير النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الحديث النبوي ويسوقه مساق الحديث المرفوع، ويكون هذا القول غالباً من رواة الحديث، الصحابي فمن دونه، إمّا أن يكون تفسيراً لكلمة، وهو الغالب، وإما أن يكون تكميلاً لكلام ذكره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم،([1]) كما جاء في قول ابن مسعود، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كلمة، وأنا قلت أخرى([2])، وقد جاءت عنه رواية مدرجة بالكلمتين دون تمييز.

والفرق بين الموضوع، وبين المدرج: أن الذي ذكر المدرج ما قصد الفرية على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بخلاف الموضوع فإنَّ واضعه قد افترى واختلق على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ما لم يقله([3])، وإن تأول بعضهم في ذلك أنَّه يخدم الدين، فالذي أدخل اللفظة المدرجة أدخلها وقد يبيّنها، كما جاء عن ابن مسعود في الأثر السابق، وإن لم يبيِّنها فقد يكون قصده خدمة الشريعة، وغالباً ما يكون مصيباً، والمدرج يعرف بجمع الطرق، فإذا جمعت الطرق تبين لك هذا القول هل هو من كلام النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أو من كلام أحد الرواة؟([4])

وفرق آخر: أنَّ الذي يدخل اللفظة المدرجة هو في الغالب من الثقات، أو من الأئمة الذين يتصدون للتفسير والبيان.

بخلاف الموضوع، فالذي يضعه رجل كذاب مفتر، على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والله المستعان.



([1]) الإدراج: لف الشيء في الشيء وأدرجت المرأة صبيها في معاوزها، والدرج لف الشيء، يقال: دَرَجْتُه وأدْرجتُه، ودَرْجته، والرباعي أفصحها، ودرج الشيء في الشيء يدرجُه وأدْرَجُه، طواه وأدخله ويقال لما طويته، أدرجته؛ لأنّه ينطوي على وجهه «اللسان» (2/269) قال الذهبي في اصطلاحه: هي ألفاظ تقع من بعض الرواة متّصلة بالمتن لا يبين للسامع إلا أنّها من صلب الحديث ويدل دليل على أنّها من لفظ راوٍ بأن يأتي الحديث من بعض الطرق بعبارة تفصل هذا من هذا «الموقظة» (ص:53-54)، وقال الحافظ في «نزهته» (ص:48): أن يدخل في حديث رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم شيئاً من كلام بعض الرواة فيتوهم من سمع الحديث أ، هذا كلام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

([2]) حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «من مات يشرك بالله شيئاً دخل النّار» وقلت: «من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة» متّفق عليه. انظر: «اللؤلؤ والمرجان» (ص:17 رقم 58).

([3]) هكذا عرّفه ابن الصلاح رحمه الله تعالى في «مقدمته» والموضوع وهو المختلق المصنوع (ص:98) قال الحافظ في «نكته» هذا تفسير بحسب الاصطلاح أمّا من حيث اللغة فقد قال أبو الخطاب ابن دحية الموضوع الملصق وضع فلان على فلان كذا أي ألصقه به، وهو أيضاً الحط والإسقاط والأول أليق بهذه الحيثية، والله أعلم (2/838).

([4]) قال الحافظ: والطريق إلى معرفة ذلك من وجوه:

1 أن يستحيل إضافة ذلك إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

2 أن يصرّح الصحابي بأنّه لم يسمع تلك الجملة من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

3 أن يصرح بعض الرواة بتفصيل المدرج فيه عن المتن المرفوع فيه بأن يضيف الكلام إلى قائله، المصدر السابق(2/812).

(تنبيه):

ولا يصح الحكم على لفظة بالإدراج إلا بعد توفر هذه الشروط أو أن يحكم عليها النقاد بذلك، وقد نبّه على ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في «الفتح» (2/229)… قال: وأمّا رد الطّحاوي لها باحتمال أن تكون مدرجة فجوابه أن الأصل عدم الإدراج حتى يثبت التفصيل فمهما كان مضموماً إلى الحديث فهو منه ولا سيّما إذا روي من وجهين. اهـ.

للتواصل معنا