الأسئلة الحديثية

الراوي إذا روى عنه جماعة، فهل يعتبر هذا توثيقاً له أم لا؟

الراوي إذا روى عنه جماعة، فهل يعتبر هذا توثيقاً له أم لا؟

في هذا الأمر تفصيل راجع إلى صفة هؤلاء التلاميذ، فإن كانوا من مشاهير الثقات، وممن عُلم تحرِّيهم في الراوية وانتقاؤهم للمشايخ، فهذا يُعّدِّل المرويّ عنه، ولعل في كلام أبي رزعة حين سأله ابن أبي حاتم رحمهما الله ما يشير إلى هذا، حين سأله عن رواية الثقات عن الرجل هل تنفعه؟ فقال: نعم، وسأله عن روايته عن الثقات هل تنفعه؟ فقال: لا([1]) والأمر كذلك؛ لأنَّ الكذاب قد يدّعي لقاء المشاهير والسماع من الأئمة([2])، أمَّا رواية المشاهير والأئمة عن الرجل فهي التي تنفعه حقاً، والظاهر من النفع في كلام أبي زرعة التعديل؛ لأنَّ رواية الضعيفين عن الراوي ترفعه من جهالة العين إلى جهالة الحال، فلا يصح مساواة رواية الحفّاظ برواية هذين، فيقال: «إنَّ رواية جماعة من المشاهير الذين ينتقون في الراوية، لا ترفع جهالة الحال»!! على أنَّ هذا ليس عاماً في كل الثقات، فمِنَ الثقات من يروي عن كل أحد، فؤلاء لا يُفْرح بروايتهم عن الراوي، وشيخنا الألباني رحمه الله تعالى كثيراً ما يحسّن لمن روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في «الثقات» كما يراه الناظر في (الإرواء»، و«الصحيحة»([3]) بخلاف «الضعيفة» في كثير من المواضع، وكتب الشيخ حفظه الله حافلة بالفوائد التي لا يزهد فيها إلا محروم جائر، ولا يطعن في علمه إلا زائع خاسر، وكم نفع الله العلماء وطلاب العلم والمسلمين بهذا الشيخ وبمؤلفاته وإن حاول كثير من المبتدعة وتجار الكتب والساعين للشهرة، أن ينالوا من علمه وشخصه -، فأسأل الله أن يبقيه مُعافى مباركاً، ويبارك له فيما بقي من عمره، إنّه جواد كريم.



([1]) الذي وقفت عليه في «الجرح والتعديل» هو: سؤال ابن أبي حاتم، عن رواية الثقات عن الراوي هل تنفعه أو لا؟ أمّا رواية الراوي عن الثقات فلم أقف على سؤاله في ذلك، وإليك نص كلامه رحمه الله قال: سألت أبي عن رواية الثقات عن رجل غير ثقة مما يقويه؟ قال: إن كان معروفاً بالضعف لم تقوه روايتهم عنه، وإذا كان مجهولاً نفعه رواية الثقة عنه.

قال: وسألت أبا زرعة عن رواية الثقات عن رجل مما يقوي حديثه؟ قال: أي لعمري.

قلت: الكلبي روى عنه الثوري، قال: إنَّما ذلك إذا لم يتكلّم فيه العلماء، وكان الكلبي يتكلّم فيه.

قلت: «والكلام لعبدالرحمن»: فما معنى رواية الثوري عنه، وهو غير ثقة عنده؟ قال: كان الثوري يذكر الراوية عن الرجل على الإنكار والتعجب فيعلقون عنه روايته عنه ولم تكن روايته عن الكلبي قبوله. اهـ (2/36).

([2]) وانظر في ذلك السؤال رقم (96).

وممن ذهب إلى هذا الشيخ عبدالرحمن بن يحيى المعلمي رحمه الله تعالى في رده على أباطيل الكوثري، قال رحمه الله تعالى في «تنكيله» وقد حاول الأستاذ أن يجعل ابن أبي العوام من الثقات الأثبات؛ لأنّه روى عن النسائي مع أنَّ الراوية عن مثل النسائي أو من هو خير منه لا تدل على إسلام الراوي فكيف عدالته؟ فكيف من يكون من الثقات الأثبات؟… إلخ (ص:532).

[3])) سبق الكلام عن نحو من ذلك في السؤال رقم (41) فليراجع والله أعلم، وقيده المؤلف هناك بالتابعين فليراجع.

للتواصل معنا